+A
A-

مآلات الفلسفة للدكتور عبدالله الغذامي


يواصل البريفسور عبدالله الغذامي الغوص في الفلسفة والمنطق على غرار كتبه الصادرة خلال فترة جائحة كورونا و هذه المرة عبر كتابه الجديد المميز " مآلات الفلسفة .. من الفلسفة إلى النظرية" الصادر عن العبيكان الذي قسمه إلى خمسة فصول
في الفصل الأول " حال الفلسفة اليوم" يبشر الغذامي من البداية بأن الفلسفة لها موطئ قدم في الحاضر و ينتصر لها ليس فقط من خصومها كستيفن هوكينج الذي رأى بموتها بل حتى من بعض المحسوبين عليها خاصة باشلار و رورتي و إن اختلف دورها و تعريفها و حجم تأثيرها فالفلسفة برأيه لم تعد أم العلوم بل علما معينا للعلوم يردفها بالبعد الإنساني و يركز على التفكير الناقد و هو ما يتطلب تبسيط الفلسفة و توضيحها للفرد و المجتمع بل و ينبغي أن تخرج الفلسفة من جلباب دولة هيغل العميقة أي عصرنة الفلسفة
في الفصل الثاني " الفلسفة و الأسئلة الكبرى" يركز الغذامي على علة مزمنة عند بعض الفلاسفة و هي الهروب من نقاش الأسئلة الكبرى أو تجاوز القضايا الفكرية الشائكة و التركيز على تفاصيلها أو بعض تفاصيلها خاصة الأسئلىة الوجودية و هي ممارسة مماثلة لعرابي العلوم البحتة المعاصرين
في الفصل الثالث " المفاهيم الكبرى" ينتقل الغذامي إلى محور علاقة الفلسفة بالمفاهيم الكبرى كالمواطن العالمية و يرى بأن الفلسفة عاجزة عن فرض قيم المواطنة العالمية خاصة التعددية و العدالة و المساواة و الديموقراطية و الحرية في ظل تغول العولمة السياسية و الاقتصادية و الثقافية العالمية والليبرالية الجديدة و الرأسمالية و الشعبوية و العنصرية العرقية و الجندرية و الدكتاتورية
في الفصل الرابع " الفلسفة و الحكمة" من خلال استحضار سيرة سقراط و الغزالي يعري الغذامي الفلاسفة فهم ليسوا حكماء بل أنصاف أموات لن يصلوا للحكمة إلا بالانعتاق من حاجات الجسد و تلبية حاجات الروح من خلال التأمل الصوفي و هو أمر مستحيل في الدنيا متحقق في الآخرة و لأن العقل محدود فإن سقراط تجول بين الفلاسفة و الشعراء و الساسة و أهل المهن و الغزالي حاور الفلاسفة و علماء الكلام و الباطنية و الظاهرية و المتصوفة و مارس النقد التحليلي لمقولاتهم و آراءهم و حذر من خطورة التقليد الأعمى
و ينتهي الغذامي في الفصل الأخير " مآلات الفلسفة.. النظرية أو موت الفلسفة" إلى أن الفلسفة لن تموت و لكنها تحتاج إلى أن تتطور لتواكب العصر و تكرس قيم الحرية و العدالة و المساواة و التعددية الثقافية أركان (التفاوضية الثقافية) على حد وصف الغذامي و من أبرز ملامحها التفكير الناقد و الذي يصل في أعلى مراتبه لنقد الخطاب الذاتي
و يحسب للكاتب حسن اختيار الأمثلة و الانتقال المنطقي و حسن التنظيم و البناء المحكم للكتاب و الموضوعية و التجرد و الوضوح في المعاني و البساطة في العبارات في موضوع معقد عادة حتى للنخبة
في المقابل هنالك أمور ينبغي أن يقف عندها البريفسور عبدالله عند طباعة النسخة الثانية من الكتاب أو خلال مرحلة التأليف للإصدارات القادمة ففي الفصل الثاني الغذامي يكرر نفسه من خلال إعادة طرح أفكار و استشهادات سبق له أن كتبها في " العقل المؤمن.. العقل الملحد" دون تطوير ملموس لدرجة أنه باعترافه نقل فقرات عديدة من ذلك الكتاب و وضعها في آخر الفصل الثاني دون تحليل أو ربط أو حتى تعليق و في ذات الفصل يستشهد بتعريف لابن القيم عن النفس رغم أنه ليس بعالم نفس و ليس من الأشخاص المعتبرين في ميدان الفلسفة الاسلامية و في الفصل الثالث هنالك استطراد و إطناب في بعض المفاهيم و ذكر لتفاصيلها دون ربطها مع الفلسفة بشكل منطقي و منظم و أيضا ينتهي الكتاب بتصورات عامة مبهمة دون أن يفصل الغذامي في النظرية من ناحية تطبيقاتها العملية و مقوماتها و ملامحها و شروطها و التحديات التي ستواجهها و ما إذا نظرية أو نظريات و كونها عالمية أو إقليمية و آليات التحول و أيضا هنالك أمور تقنية ينبغي تداركها كالأخطاء المطبعية ففي الصفحة 11 كتب المتني و الصواب المتنبي و هنالك استخدام للبنط الغامق ما بين صفحتي 65 و 70 و عادة يتم ذلك للاقتباس المباشر و لكن ليس هنالك أي مبرر لاقتباس كل تلك الصفحات بل الأولى الاختصار و إعادة الصياغة مع اقتباس محدود لعبارات تفقد المعنى بإستبدالها بمرادفات