العدد 4741
الخميس 07 أكتوبر 2021
banner
لماذا المستقبل لآسيا؟
الخميس 07 أكتوبر 2021

لم يتوقع أي من المهتمين بالشأن العالمي خلال العصر الماضي وخصوصا خلال الحرب الباردة بين الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد السوفييتي – آنذاك - أن قارة آسيا ستكون على رأس الهرم العالمي في الشأن الاقتصادي والتجاري والصناعي في القرن الواحد والعشرين، فبعد أن كانت الولايات المتحدة وأوروبا الغربية على قمة الهرم عالمياً من الناحية الاقتصادية والتجارية والصناعية، سحب البساط من تحت أرجلها من قبل دول آسيا، خصوصا اليابان والصين وكوريا والدول التي تعرف بالنمور الآسيوية، والتي اعتمدت على الصناعة في بناء قدراتها، وذلك نظراً لتوفر الأيدي العاملة الماهرة والرخيصة، وتوفر قاعدة صناعية أساسية قائمة على التكنولوجيا الحديثة، وعلى هذا الأساس قامت الدول الأوروبية بنقل صناعتها وتقنياتها الفنية إلى تلك الدول، واعتمدت على تقديم الصناعة الخدمية، لتصورها بأن هذه الصناعة أسهل وأكثر جنياً للأرباح، إلا أن تفوق دول آسيا على أوروبا جاء نتيجة أن الخدمات تعتمد اعتماداً وثيقاً على الصناعة، فلولا وجود الصناعة لم تكن هناك خدمات أصلاً.
ولا يمكن التقليل من دول آسيا وهي تحتوي على 5 مليارات من البشر، وثلث المدن الكبيرة في العالم، ويشكل اقتصادها ثلث الاقتصاد العالمي، وبثلثي معدلات النمو، كما توجد 30 من أكبر 100 شركة عالمية، وستة من أكبر عشرة مصارف، وثمانية من أكبر عشرة جيوش في العالم، وهناك خمس دول تمتلك قوة نووية بالإضافة إلى عدد كبير من الجامعات المميزة، و60 % من الاختراعات تأتي من آسيا، وتتميز آسيا عن باقي القارات بتواجد عدة حضارات قديمة وحديثة، كما أنها حافظت على الذاكرة الأصلية للحضارات الإنسانية عبر آلاف السنين.
وفي الوقت الحالي، قامت الدول الآسيوية بتكوين تحالفات اقتصادية وتجارية فيما بينها لتطوير الاقتصادات ورفع مستوى العلاقات، وهو إنفاق آلاف مليارات الدولارات لتطوير وإنشاء الطرق للتواصل، أو ما يعرف بطريق الحرير الجديد، والذي يعتبر من أهم المشاريع في هذا القرن، ومن الصعب تجاوزه في الحجم والتوسع والتأثير على اقتصاديات كبيرة.
ومع وجود عدة مؤشرات إيجابية لنهضة آسيا وتفوقها على باقي الدول، إلا أن الأمر لا يخلو من تحديات تواجهها، ومن أهمها المشاكل الحدودية، خصوصا بين الدول الكبرى منها، كما أن تواجد القوى الدولية في المياه الإقليمية للدول، خصوصا في بحر الصين الشمالي والجنوبي، يشكل بؤرة متوترة للدول الواقعة عليها، كما أن قضايا الإرهاب والهجرة والاتجار بالبشر وأمن الطاقة تشكل خطراً على أمن وسلامة تلك الدول. إن مستقبل آسيا يعتمد على مدى توافق وتعاون تلك الدول فيما بينها في مختلف المجالات وحل مشكلاتها بعيداً عن التأزم واستخدام القوة، ومنع التدخلات الدولية في الشأن الداخلي لتلك الدول.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية