العدد 4742
الجمعة 08 أكتوبر 2021
banner
أسواق المال ودور صانع السوق
الجمعة 08 أكتوبر 2021

تقوم أسواق المال بدور كبير في توفير البيئة المناسبة لبيع وشراء الأوراق المالية عبر ضوابط قانونية توفر الحماية للمستثمرين. في العادة تحرص الأسواق على تنشيط الاستثمار بإدراج الشركات، ومنح التراخيص للوسطاء للقيام بالبيع والشراء نيابة عن المستثمرين وفق الضوابط القانونية في كل المراحل. ومن هذا النشاط، تكون أسواق المال لاعبا رئيسا في دفع الحركة التجارية والاستثمارية، وتظل تعمل لتشجيع كل ما يحرك الأسواق لتقديم الفائدة للمستثمرين، وكذلك لتدعيم البنية لتطوير الأسواق لزيادة المنتجات ولرفع التنافس وفق ضوابط الإفصاح والشفافية السارية. 
بدأ نشاط في أسواق المال، عبر دور “صانع السوق”، وهو من الشركات أو البنوك برأس مال كبير، ويكون لهم الاستعداد لشراء الأصول المالية أو بيعها بسعر محدد وواضح على المدى الطويل. ويتمثل الدور الأساس لصانع السوق في توفير السيولة أو خلق الفرص للمستثمرين لشراء مجموعة كبيرة من الأسهم والعملات والعقود الآجلة وأدوات التداول الأخرى أو بيعها بسعر محدد واضح.
صانع السوق يمنح أسواق المال عمقا مؤسسيا واستثماريا ولدرجة كبيرة تقلل من الفجوة بين العرض والطلب للأسهم. وهو يخاطر بأمواله نظرًا لأنه الطرف الآخر دائما في أي صفقة، ومن أجل هذا السبب عليه دائما القيام باتخاذ دور مهني يؤهله لوضع العديد من الاستراتيجيات المطلوبة لتوفير الضمان “التحوط” ضد الخسائر. 
ولتحديد ما إذا كان البنك أو الشركة من “صناع السوق” يجب أن تكون حصته من اجمالي حجم التداول بنسبة واضحة من رأس ماله لأن الأمر يقاس هنا بقدرة البنك على التأثير في تحركات السوق من خلال طرح أسعاره للبيع والشراء. وصانع السوق، من الناحية الفنية، يختلف دوره عن الوسطاء اللذين يعملون وفق تعليمات الزبائن، وهو لا يعمل وسيطًا أو وصيًا لمعاملات الزبائن المستثمرين بل يعمل في السوق حسب سياسته بعد اتخاذ اجراءات التحوط المالي المطلوب في ما بين توفير السيولة النقدية ورأس المال.
وللتوضيح، فإن صانع السوق يعتبر هو المقابل لكل عمليات الزبائن مجتمعة، وهو دائما يوفر ويعرض شقين للأسعار (الشراء والبيع) وهذا يعتمد على قوى السوق في ذلك الوقت، ومصدر دخله يتمثل في فروقات السعر بين أسعار العرض والطلب. ويبقى صانع السوق على الحياد بالنسبة للزبون، ولهذا ليس هناك أي علاقة شخصية تتعلق بإدارة الاستثمار في الأسواق بين صانع السوق والزبائن. بل إن صانع السوق في عمله يعبر عن مجموع تعاملات كل الزبائن، وفي هذا عليه الحرص في الموازنة بين تعاملات الزبائن والتحوطات المالية الواجب عليه اتخاذها وفق سياسته لإدارة المخاطر وكذلك التوجيهات الصادرة من السلطات الرقابية. 
كل هذا يتم وفق الأنظمة والتشريعات التي تحكم عمل صانع السوق مع مراعاة الإفصاح والشفافية في التعامل، وفي تحديد الأسعار بناء على تفاعل طبيعي يوضح أن صانع السوق يعزز فرص التداول على الأوراق المالية المختارة من خلال ضمان أن المستثمرين يمكنهم تنفيذ أوامر البيع والشراء الخاصة بهم في أي وقت من الأوقات على أفضل سعر ممكن. وهذا الوضع بدوره، يؤدي إلى تحسين استقرار الأسعار ودخول أحجام أكبر من أوامر البيع والشراء في سجل الأوامر مع مرور الوقت. ولا بد من القول إنه في ظل وجود صانع السوق، من الصعوبة أن تتدفق عروض بيع من دون أن تقابلها طلبات شراء أو تتدفق طلبات شراء من دون أن تقابلها أوامر بيع. وبالتالي، وبفضل صانع السوق فان أسواق المال تحتفظ في معظم الأوقات بتوازن بين العرض والطلب وهذا يعمل على تضييق الفجوة بين سعري البيع والشراء في الأسواق.

 

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية