العدد 4744
الأحد 10 أكتوبر 2021
banner
تكافؤ الفرص
الأحد 10 أكتوبر 2021

يبدو أن مبدأ تكافؤ الفرص سيظل بمثابة الشغل الشاغل للمفكرين والأكاديميين ومن قبلهم صناع القرار في منطقتنا المفعمة بتطبيق العدالة على الجميع.

ويبدو أن اجتزاء المبادئ وتقسيم أدوارها لا يمكن له أن يحقق أهداف التنمية المستدامة، إذ إن غياب الإنصاف من شأنه أن يقود إلى أنفاق معتمة لا تليق بطبيعة المرحلة، ولا برؤية الأمم 2030.

من هنا حرصنا في الجامعة الأهلية على تنظيم مؤتمر سنوي في شهر ديسمبر عن تكافؤ الفرص بالتعاون مع جامعة برونيل البريطانية وبرعاية كريمة من رئيسة مجلس النواب السيدة فوزية زينل وبحضور مكثف من كبار المسؤولين في الدولة والمؤسسات والشركات الخاصة والعامة وغيرها.

حرصنا أن يكون العنوان العريض هو تكافؤ الفرص بين الرجل والمرأة، حق الجميع في الحصول على فرصة عمل تتناسب مع مؤهلاته، على أن يكون الإنصاف مستحقا في الرواتب والحوافز والعلاوات ومختلف أشكال التعاطي مع منظومة الحقوق الواجبة للموظف “رجلًا كان أم امرأة”، ومما لاشك فيه أن هذا المؤتمر يحظى كل عام بحضور واهتمام كبيرين ليس من أصحاب الشأن فقط إنما من مختلف أجهزة الدولة أيضًا.

ربما يكون هو موضوع الساعة المتجدد، وربما يكون الشغل الشاغل للناس هو ذلك القلق الافتراضي الذي يخيم على دولاب العمل عندما تتقدم امرأة لوظيفة يتقدم لها رجلًا بنفس الكفاءة والقدرة والمؤهلات، هنا نضع المسؤول في المحظور: أيهما يختار يا ترى؟ ولأن التساوي في كل شيء قد يكون صعبًا أو مستحيلًا، لكن ربما يتحقق الافتراض الصعب وتصبح المقارنة “عويصة”، والاختيار من رابع المستحيلات، لذلك جاء هذا المؤتمر ليفك شفرة التوازي في كل شيء بين رجل على أعلى درجة من الكفاءة والاحترافية والعلم وامرأة على نفس الدرجة والمستوى من الكفاءة والاحترافية والعلم.

لكن.. ولأن تكافؤ الفرص هو ديدن المرحلة، فإننا لا يجب أن نتوقف عند مرحلة تحقيق العدالة بين سيدة ورجل، أو بين عرقٍ وآخر، حيث إن تكافؤ الفرص بين المؤسسات أيضًا يقع ضمن خارطة الطريق الصعب، ويضع أمامنا علامات تعجب واستفهام صارخة بين الفرص والتسهيلات الذاهبة إلى المؤسسات العامة وتلك الشحيحة لنظيرتها في المؤسسات الخاصة.

الكلام أكثر عمقًا ربما إذا كان الأمر يرتبط بجامعات خاصة وأخرى حكومية، بشق أنفس وأسوار شاهقة عندما تحاول الجامعات الخاصة تحقيق أهدافها كونها جامعات وطنية شأنها في ذلك شأن الجامعات الحكومية.

العاهل المفدى حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة حفظه الله ورعاه يسعى جاهدًا منذ مشروعه الإصلاحي الكبير لكي يضع التعليم الراقي في مقدمة المشاريع التنويرية التي تحفظ حقوق الجميع، ولا تفرق بين “زيد وعبيد”.

وجلالته حفظه الله بمكرماته وخطواته الاستباقية سمح ضمن ميثاق العمل الوطني بتأسيس الجامعات الخاصة والأهلية؛ كونها منارات إشعاع علمي وحضاري تمامًا مثلما وجه بأن يحصل كل خريج من الثانوية العامة على فرصة تعليم في إحدى الجامعات بالمملكة.

وبالفعل يوجد بيننا 15 جامعة خاصة، إلى جانب عدد من الجامعات الحكومية، تكافؤ الفرص هنا لا بد أن يجد لنفسه مكانًا تحت شمس هذا النشاط التنويري الكبير، أن يكون هناك نصيب أكبر للجامعات الخاصة المحققة للاعتماد الأكاديمي ولتزكيات الجودة في البرامج والمقررات، في التسهيلات والاستحقاقات التي تذهب بصورة أكثر تدفقًا للجامعات الحكومية ويتم حرمان الجامعات الخاصة منها، أن يكون هناك تكافؤًا للفرص في كل شيء بين العام والخاص، بين الأهلي والحكومي.

ولعل ما نحن بصدد الحديث عنه يمكنه أن يمتد على استقامته ليلحق بأعداد الطلبة المقبولين، بالتوزيعات على جميع الجامعات، بالتسهيلات التي تذهب فقط للجامعات الحكومية من دون النظر إلى الجامعات الخاصة.

تكافؤ فرص على مستوى أشمل وأعم نراه ضروريًا فيما يتعلق بالجامعات الخاصة، بالتعليم الأكاديمي في جميع مراحله وصولاته وجولاته التعليمية، إرساء مبدأ العدالة في توزيع كل شيء على الجميع، بشرط أن يلتزم الجميع بانضباطية لوائح الدولة ومقتضيات الإشراف المعتبر من مجلس التعليم العالي وهيئة جودة التعليم والتدريب.

ونحمد الله ونشكر فضله أن كثيرًا من جامعاتنا الخاصة قد بلغت مراحل متقدمة جدًا في بلوغ العالمية سواء فيما يتعلق بتحققها المرتفع في مجالات النماء المستدام، أو عندما يكون الحديث ساخنًا في مؤسسات التصنيف والترقيم الأكاديمي العالمية، أو حين يكون الأمر مرتبطًا بمؤشر وطني في تحقيق معدلات نمو اقتصادي أعلى من نشاط أكاديمي ما زال مقتصرًا في استقباله على الطلبة المحليين، رغم أن الآلاف ينتظرون في الإقليم وفي الخارج لإشارة واحدة من مسئول بحريني يؤكد فيه: أن جامعاتنا الخاصة لديها من الاعتمادية الأكاديمية والجودة العالية ما يؤهلها لكي تكون مركزًا حاضنًا للطلبة من جميع دول المنطقة ومن الخارج أيضًا، ليكن شعارنا: “تكافؤًا للفرص في كل مجال”، والله الموفق والمستعان.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .