الأمم المتحدة منظمة عالمية تضم في عضويتها جميع دول العالم المستقلة تقريبًا، ومن أبرز مهماتها حفظ السلام وتطوير العلاقات الودية بين أعضائها، وتسترشد في عملها بالمقاصد الواردة في ميثاق تأسيسها، ومنذُ ذلك الوقت هي ساحة عالمية تجمع أعضاءها ليتناقشوا بمشاكلهم المشتركة لوضع حلول لها، من أجل تحقيق السلام العالمي وهو هدف الأمم المتحدة منذ إنشائها في 24 أكتوبر 1945م.
تطورت ونمت الأمم المتحدة وزاد عدد أعضائها إلا أن قراراتها الصادرة تظل عاطلة عن التنفيذ، وتعيقها مصالح الدول الكبرى، عدا القرارات المناهضة للدول النامية التي تجبر على تنفيذ ما يصدر ضدها من القرارات، وهو اتجاه لا يُحقق السلام المنصف لجميع الدول، وبعد (76) عامًا مازال هناك ما يُعيق تحقيق السلام، فالحروب تتوالى وتعجز الأمم المتحدة عن وقفها، مشاكل الغذاء والمناخ والجوع والأوبئة والأدوية والتعليم والتمييز العنصري وعدم تمكين المرأة والديمقراطية وزيادة أعداد اللاجئين، وغيرها من المشاكل والأزمات تمر على أروقة الأمم المتحدة وإداراتها دون حلول، مشاكل تجاوزت أهداف الأمم المتحدة وجلبت على الإنسانية الأحزان والمآسي التي يندى لها جبين الإنسانية.
تؤكد الأمم المتحدة دائمًا عبر بياناتها وإعلامها ومسؤوليها إيمانها بالحقوق الإنسانية وكرامة الإنسان والمساواة بين الدول وبين الرجل والمرأة، لكن واقع الحال غير ذلك، فالدول “المُسيطرة” على مقدرات الأمم المتحدة تنتج هذه المشاكل وتنفرد بوضع الحلول التي تتوافق مع مصالحها وما يُعظم مكاسبها، متجاوزة أهداف الأمم المتحدة ومصالح الدول الأخرى وشعوبها. وبوجود قوة أخرى تضاهي الأمم المتحدة ينعدم تحقيق أهدافها بالالتزامات الناشئة عن المعاهدات والقوانين، وبذلك يكون العالم بعيدًا عن العدالة ولن يتحقق الرقي للكثير من الدول، فمازال العالم كما هو قبل وبعد تأسيس هذه المنظمة، عالم مُضطرب سياسيًا واقتصاديًا وميدانيًا وصحيًا وحقوقيًا وديمقراطيًا، عالم مليء بالحروب والنزاعات والتفاوت في كل شيء بين الدول وبشرها.
بعد (76) عامًا مازالت الشعوب تأمل من الأمم المتحدة سَن أنظمة وقوانين تكون قوية التنفيذ، وعدم منح الشرعية لتجاوز قراراتها وإلزام الجميع بتنفيذها، وأن تقف بحزم أمام أي سلوك عدواني ضد الدول، وأن تتخذ تدابير فعالة لتحقيق السلام في الأرض، ليعيش العالم في نماء وشعوبه برخاء.