هو فرق كبير بين أن تمتهن الإعلام وأن تمتهن السياسة، لذلك أرفض قطعيا أن يطلق الإعلاميون على أنفسهم لقب “إعلامي سياسي”، صحيح أن الإعلام والسياسة يلتقيان في كثير من المواضع، لكن الأخيرة تحتاج إلى عمق ودراسة ولا تعتمد على رأي فردي، فما بالك إن أصبحت إعلاميا متوجا في مقعد سياسي، وهو أمر ليس هينا أو يسيرا، وإن كنت مارست الإعلام ألف سنة فقد تنسف خبرتك كلها أمام موقف سياسي واحد!

لذلك أعتب على وزير الإعلام اللبناني جورج قرداحي أنه لم يقرأ سؤالا وجه له بعين الخبرة، إنما قرأه بعنجهية المعلم الذي يود أن يوجه صبيانه نحو آرائه الخاصة، عندما سئل عن حرب اليمن ورأيه بها، وقد تابعت المقطع وذهلت من إصراره على الإجابة وسط أفواه فاغرة أمام رأيه المتعنت الذي أصابهم بالذهول، ولنفرض أن قرداحي يومها أراد أن يتحدث عن الإنسانية والسلام والمحبة، أو أن له حسابات أخرى تدور في رأسه غير معروفة، فهل يا ترى نسي مواقف المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة تجاهه هو كفرد قبل أن نكتب بأقلامنا مواقف المملكة والإمارات تجاه بلده لبنان !

والموقف اليوم يحتاج إلى اعتذار دبلوماسي بدل العنجهية في الرد والتصريح بأنه لن يعتذر وأن القرارات لا تملى عليه من قبل أفراد أو دول أو مؤسسات!

حقيقة الرد نفسه سقطة مدوية لا تغتفر، فياليته سكت بدل هذا الرد “الأزعر” الذي بين لنا أنه جاء بآراء (خاصة) لا تمت للسياسة بصلة، ناسفا فكرة التحالفات والمصالح المشتركة وروابط البلدين والعلاقات الصديقة، والأهم من ذاك كله ما تدفعه دول الخليج لصالح لبنان كل عام، وإننا كحكومات وشعوب خليجية نستحق الأفضل دوما ونتعامل بالأفضل ولا ننتظر مثل تلك المواقف التي تدل في مضمونها على قراءة ضحلة في عالم السياسة ونهاية قريبة.