العدد 4773
الإثنين 08 نوفمبر 2021
banner
مواقف إدارية أحمد البحر
أحمد البحر
إنه يعتذر ولكن...!
الإثنين 08 نوفمبر 2021

عندما نتحدث عن الاعتراف بالخطأ وثقافة الاعتذار تعود بي الذاكرة إلى موقف غير عادي عشته قبل سنوات. أقول إنه كان موقفًا غير عادي؛ لأنه كان كذلك فعلًا أو هكذا رأيته. قبل أن أروي لك تفاصيل ذاك الموقف سيدي القارئ أود أن أبين اتفاقي مع الرأي القائل بأن الاعتراف بالخطأ والاعتذار يتطلبان الشجاعة والثقة بالنفس والإيمان الصادق باحترام الذات الأخرى.
في أحد الأيام زارني أحد الزملاء في مكتبي ومن دون أي مقدمات خاطبني قائلًا: أريد أن أعترف بخطأ ارتكبته في حقك وفي ذات الوقت أقدم اعتذاري لك.
لم ينتظر رد فعلي بل أخذ في سرد موضوعه. بدأ الزميل اعترافه قائلا: لقد كنت مع آخرين ننقل إلى رئيسك المباشر كلامًا ربما لم تقله وأفعالًا لم تقم بها وكنا نكرر عليه تقصيرك في أداء مهامك. كنا نحاول من خلال ذلك إقصاءك من منصبك وتولي أحدنا له. وواصل الزميل حديثه:
ولكن الذي حدث هو أن رئيسك فطن لما نريد فرفض الاستماع إلينا وأمرنا بالتوقف عن هذه السلوكيات العبثية والتركيز على أعمالنا بدلًا من ذلك. ختم زميلي اعترافه قائلًا: لقد أخطأت واعترفت لك بخطئي وها أنا أؤكد لك عدم تكراره وأطلب السماح.
تملكني وأنا أستمع إلى هذا الاعتراف شعور غريب، ففي الوقت الذي قدّرت فيه شجاعة هذا الزميل وربما نزاهته وخضوعه لنداء الضمير أحسست بشيء من الغضب كاد يدفعني إلى رفع نبرة الصوت والتلفظ بعبارات قد تنطلق دون مرورها بالقنوات الاعتيادية للحكمة والتعقل والاتزان. فالكلمات التي لا تمر بتلك القنوات قد تكون قاسية ومتوحشة تسيء لقائلها وتجبره فيما بعد على الاعتذار وربما أكثر من ذلك.
يقول فهد عامر الأحمدي عن مراحل ما يسميه بالاعتذار الشامل إنه يتضمن “اعتذارًا، ثم اعترافًا، ثم وعدا بعدم تكراره”. ما رأيك سيدي القارئ في الموقف السابق الذي نقلته لك كما رواه لي أحد الأصدقاء؟
ثم كيف ترى ثقافة الاعتذار؟

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .