+A
A-

ميرزا: الأمير الراحل كريم في تلبية احتياجات المواطنين

سـمــوه‭ ‬امتـلــك‭ ‬هـبــة‭ ‬استثنائيــة‭ ‬وهــي‭ ‬تذكــّر‭ ‬أسـمــاء‭ ‬الأشـخــاص‭ ‬والعـائــلات

فقيد‭ ‬الوطن‭ ‬وراء‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المشروعات‭ ‬المهمة

تعلمنا‭ ‬منه‭ ‬الإنسانية‭ ‬والرحمة‭ ‬في‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬الناس

احتوانا‭ ‬بتواضعه‭ ‬الشديد‭ ‬وشكل‭ ‬داعما‭ ‬قويا‭ ‬لنا‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬الأزمات

 

يقول رئيس هيئة الطاقة المستدامة، عبدالحسين ميرزا: عملت عن قرب مع المغفور له صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة، أثناء تقلدي جميع المناصب الوزارية وعلى مدى أكثر من 18 عامًا، خصوصًا عندما كنت وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء، وكنت ألتقي سموه كل يوم وألتقي زواره والحضور معه وكل من يقصده، وتعلمت من سموه كثيرًا، فقد كان سموه محبوبًا جدًّا من الجميع، وقريبًا من المواطنين.
 ويضيف ميرزا: امتلك سموه هبة استثنائية أكرمه الله بها، وهي تذكر أسماء الأشخاص والعائلات البحرينية والخليجية، فقد كان يتذكر الاسم الكامل لمن يلتقي به، وحتى لو كان اللقاء لمرة واحدة.
 ويردف: كان كريمًا في تلبية احتياجات المواطنين ومن يلتقي بهم من الناس ومن يقصدونه ويطلبون مساعدته، كان سموه حريصًا على أن يتابع حاجة من يقصدونه بنفسه شخصيًّا حتى يحلها.
ويشير عبدالحسين ميرزا: كان قارئًا نهمًا، يتابع الصحف والمجلات، ويحرص دائمًا، أن يعرف ما يدور في البحرين، لذلك كانت لديه عادة يومية ثابتة في أن يقرأ الصحف جميعها فجر كل يوم، ويتابع بنفسه كل شكاوى المواطنين، ويبدأ صباحه المبكّر بحل هذه المطالب والشكاوى، فكان يتّصل بالوزراء والمسؤولين لحل مشكلات مواطنيه في كل ركن من أركان البحرين.
ويسترسل ميرزا: كان رحمه الله شخصًا فريدًا من نوعه بما يمتلك من خبرة وحنكة ومعرفة وحكمة، وكنا جميعًا نحن الوزراء نتعلّم منه الكثير، تعلمنا منه الإنسانية التي كانت تملأ قلبه ورحمته في تعامله مع الجميع، كان متواضعًا تواضعًا جمًّا، يحتوينا جميعًا ويشكّل داعمًا قويًّا لنا في كل الأزمات.
 ويستذكر ميرزا وقفة من وقفات المغفور له طيب الله ثراه، فيقول: لا أنسى موقفًا حصل معي شخصيًّا من مواقف سموه الإنسانية ولن أنساه ما حييت، فقد أجريت عملية جراحية العام 2013 في مستشفى قوة دفاع البحرين، وكنت أتعافى من العملية في اليوم الثاني وإذا بي أتفاجأ بدخول صاحب السمو الملكي إلى الغرفة ومعه نجله سمو الشيخ علي بن خليفة آل خليفة وحفيده سمو الشيخ عيسى بن علي آل خليفة، ووجدته يمشي إلى سريري ويمسك بيدي، ويقول سموه لي “لقد جئت لأطمئن عليك وعلى صحتك”، ثم همس في أذني، وبصوت الأخ “إذا كنت تحتاج لعلاج بالخارج..”، وهذا الموقف زادني احترامًا، وكان بصمة أخرى من بصماته الإنسانية التي لن أنساها أبدًا.
 ولا ينسى ميرزا أحد المواقف الإنسانية المهمة للمغفور له فيقول: من المواقف التي سطّرتها البحرين في سيرته الإنسانية، عندما شبّ حريق في سوق مدينة عيسى الشعبي في يوليو 2012، كنت وزيرًا، فبادرت للذهاب فورًا للموقع مع عدد من الوزراء والمسؤولين، وإذا بنا جميعًا نتفاجأ بوصوله إلى موقع الحريق ونزوله وسط المواطنين، وسؤاله عن أسباب الحادث وملابساته، وأمر بتشكيل لجنة تحقيق فورًا لتقصي أسباب الحريق، وحصر أصحاب المحلات التي احترقت لصرف تعويضات مستعجلة لهم، وهذه مواقف باقية ليس في ذاكرتي فقط وإنما في ذاكرة كل بحريني عاصر مواقف سموه ووقفاته الإنسانية العظيمة، لقد كان سموه، وخلال كل جلسات مجلس الوزراء، يسألنا ليتأكد من حصول المواطنين على جميع مطالبهم وحقوقهم، كان يوجّهنا لزيارة المدن والقرى والاستماع للمواطنين فيها ومعرفة شكاواهم واحتياجاتهم، وإيجاد الحلول لها، وكان يتابع بنفسه هذه المطالب، ويسأل الوزراء عنها، وهل تم حلها أم لا.
ويشير ميرزا: كان شخصية فريدة لن تعوّض أبدًا، ولكننا بالبحرين محظوظون ولله الحمد، لأننا الآن لدينا خير سلف لخير خلف، وهو صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، فسموه له بصمات كبيرة، خصوصًا في أحداث الكورونا “كوفيد 19” والتجربة الناجحة التي حققتها مملكة البحرين في التصدي لهذه الجائحة، من خلال رئاسة سموه للفريق الطبي لمواجهة الجائحة، وفي تجربة ناجحة أبهرت العالم، كان لسموه بصمات واضحة في دعمها وتحقيقها، والتي أثبتت أن البحرين بقيادة جلالة الملك المفدى وبجهود صاحب السمو الملكي ولي العهد استطاعت أن تجنّب البحرين ومواطنيها ومقيميها مضاعفات جائحة عالمية ألقت بظلالها على العالم بأكمله.
ويقول عبدالحسين ميرزا: كان المغفور له أمير الإنسانية بحق، وليس لقبًا فقط، كان يتعامل مع كل المواقف بإنسانية وحكمة في كل المواقف، ومع مختلف الشخصيات، كان يعطي كل شخص حقه، وخلال عملي مع سموه وزير دولة لشؤون مجلس الوزراء، كنت أتابع كيف كان يلتقي مختلف الشخصيات والناس من مواطنين أو زائرين من دول أخرى، كان يستمع لهم، ويتعامل معهم، كلٌّ حسب شخصيته وحسب وضعه، مانحًا حبه وكرمه لكل من يقصده، كان مجلسه عامرًا بالناس، ولم أرَ طول فترة عملي معه إلا حبه للناس وقضاء حوائجهم ومداراة أوضاعهم وحسن استقبالهم وطيب معاملتهم، وهذ أمر مهم يؤكد خبرته وحنكته ومعرفته، وهو شيء لا يمتلكه إلا الخبراء والمحنكون والحكماء.
 ويمضي عبدالحسين ميرزا قائلًا: كان المغفور له، يحب مواطنيه ويزورهم في مدنهم وقراهم ويتحدّث معهم طويلًا، وخلال زيارته لأهالي منطقة العكر، طلب المواطنون من سموه محطة بترول، لعدم وجود محطة تخدم المنطقة، ولحاجة المواطنين الماسة لمثل هذه المحطة لخدمتهم، فوجّه الوزير المسؤول لتحقيق طلبهم فورًا، والشروع بإنشاء المحطة، وكان يتابع كل تطورات العمل فيها أسبوعيًّا، حتى تم الانتهاء من المحطة واستكمالها وفتحها لتقديم خدماتها للمواطنين والمقيمين بالمنطقة وضواحيها، هذه المحطة، لا أحد يعرف أن سموه كان وراء إنجاز هذا المشروع الخدمي بوقت قياسي.
 ويضيف: كان الراحل أيضًا، وراء العديد من المشروعات المهمة التي تخدم المواطن والمقيم، ولعلّ مستشفى القلب في عوالي كان أحد الإنجازات في جانب الرعاية الصحية، وتقديم خدمات صحية علاجية متطورة، ولم تكن موجودة سابقًا، وهي خدمات جودتها تضاهي خدمات المراكز العالمية المتخصصة بالقلب، كان سموه، وراء كل صغيرة وكبيرة بالتخطيط لهذا المستشفى الرائد في البحرين والمنطقة.
ويكمل: ما تعلمته من المغفور له كثير، لأنه مدرسة كبيرة تعلمنا منها جميعًا، ولا يستطيع أي مسؤول عمل معه أن يحصر ما تعلّم من سموه.. لقد تعلمت منه الحكمة والتأني في التعامل وإصدار الأحكام على الأشخاص، أو على الأعمال، كان سموه لا يتسرّع في حكمه، بل يدرس كل الجوانب، قبل أن يعطي رأيه والذي كان دائما سديدا فيه.
ويستطرد ميرزا: لقد علمنا الراحل حبه الجم لوطنه البحرين، كان عاشقًا للبحرين، وملك حبها عقله ووجدانه دومًا، فعمل من أجلها بكل ما يستطيع من أجل رفعتها وعزها وتطورها.. لقد تعلمنا الصبر والمثابرة في مدرسته، وكيف أن الإنسان يستطيع أن يبدع لو وجد من يدعمه ويحفّزه، كان سموه يتطلّع لجعل البحرين من أوائل الدول في كل المجالات والتخصصات، ولذلك عندما اقترحت تشكيل لجنة تقنية المعلومات، عندما كنت وزير دولة لشؤون مجلس الوزراء، شجّعني لرفع مذكرة لمجلس الوزراء لتصبح لجنة برئاسة الشيخ محمد بن مبارك، واليوم تشكلت بواسطتها الحكومة الإلكترونية، فسموه كان يحثنا على استخدام أحدث التقنيات، لإدراكه أنها لغة المستقبل والعمل.
 ويختتم رئيس هيئة الطاقة المستدامة بالقول: في مدرسته تعلمنا الكثير والكثير من الأمور التي كان هو رائدًا ومتميزًا فيها، مدرسة عامرة لنا جميعًا، تعلمنا منها حب الوطن الغالي والعمل بإخلاص من أجل تقدمه ونمائه، فقد كان حب الوطن هاجسه وعمله ومسيرته، لقد نذر المغفور له كل حياته من أجل البحرين، وظلّ يعمل من لأجل هذا الوطن ومواطنيه طول حياته العامرة بالخير والإنسانية، حتى عرفته البحرين والعالم بأمير الإنسانية، وأصبح لقبه الذي يحب أن يناديه به مواطنوه.