+A
A-

رئيس الشورى لـ “البلاد”: الأمير الراحل صاحب الفضل في كسر احتكار الوكالات

الوزراء‭ ‬كانوا‭ ‬يستعينون‭ ‬بآرائه‭ ‬السديدة‭ ‬حينما‭ ‬كانت‭ ‬تستصعب‭ ‬عليهم‭ ‬المشكلات

سموه‭ ‬دائم‭ ‬التواصل‭ ‬مع‭ ‬السلطة‭ ‬التشريعية‭ ‬ويحب‭ ‬الاستئناس‭ ‬بالرأي

الفقيد‭ ‬رجل‭ ‬دولة‭ ‬من‭ ‬طراز‭ ‬رفيع‭ ‬ويتمتع‭ ‬بالحكمة

بنى‭ ‬جسورًا‭ ‬للتواصل‭ ‬مع‭ ‬جميع‭ ‬أبناء‭ ‬شعبه‭ ‬من‭ ‬جميع‭ ‬المدن‭ ‬والقرى

 

‭ ‬قال‭ ‬رئيس‭ ‬مجلس‭ ‬الشورى‭ ‬علي‭ ‬الصالح‭ ‬“نترحم‭ ‬على‭ ‬روح‭ ‬الفقيد‭ ‬الراحل‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الملكي‭ ‬الأمير‭ ‬خليفة‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬طيب‭ ‬الله‭ ‬ثراه،‭ ‬وأنتهز‭ ‬هذه‭ ‬الفرصة‭ ‬بذكرى‭ ‬رحيله‭ ‬الأولى،‭ ‬لكي‭ ‬نستذكر‭ ‬مناقبه”‭.‬

وأضاف‭ ‬الصالح‭ ‬“الفقيد‭ ‬كان‭ ‬رجل‭ ‬دولة‭ ‬من‭ ‬طراز‭ ‬رفيع،‭ ‬وكان‭ ‬يتمتع‭ ‬بالحكمة،‭ ‬وكان‭ ‬يدير‭ ‬الأمور‭ ‬برؤيته‭ ‬الاستشرافية،‭ ‬وكان‭ ‬يدير‭ ‬الأزمات‭ ‬لما‭ ‬هو‭ ‬لصالح‭ ‬البحرين،‭ ‬هذا‭ ‬الجانب‭ ‬السياسي‭ ‬الذي‭ ‬تشهد‭ ‬عليه‭ ‬مسيرته‭ ‬الطويلة،‭ ‬عندما‭ ‬كان‭ ‬رئيسا‭ ‬للوزراء”‭.‬

وزاد‭ ‬“الموضوع‭ ‬الآخر‭ ‬هو‭ ‬هذا‭ ‬الرجل‭ ‬الانسان،‭ ‬الذي‭ ‬بنى‭ ‬جسورًا‭ ‬للتواصل‭ ‬مع‭ ‬جميع‭ ‬أبناء‭ ‬شعبه،‭ ‬من‭ ‬جميع‭ ‬مدن‭ ‬وقرى‭ ‬البحرين،‭ ‬وكان‭ ‬يتواصل‭ ‬معهم‭ ‬في‭ ‬أفراحهم‭ ‬وأتراحهم،‭ ‬وكان‭ ‬يستقبلهم‭ ‬في‭ ‬مجلسه‭ ‬العامر،‭ ‬ويسأل‭ ‬كل‭ ‬واحد‭ ‬منهم‭ ‬عن‭ ‬همومه‭ ‬وقضاياه‭ ‬ومشكلاته،‭ ‬وكان‭ ‬يتخذ‭ ‬القرارات‭ ‬المناسبة‭ ‬لحل‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الأمور‭ ‬بوقتها‭ ‬المناسب”‭.‬

وأضاف‭ ‬“عندما‭ ‬أتكلم‭ ‬عنه‭.. ‬ربطتني‭ ‬مع‭ ‬المرحوم‭ ‬مسيرة‭ ‬طويلة،‭ ‬ولكن‭ ‬لو‭ ‬أردنا‭ ‬أن‭ ‬نتحدث‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬الرجل،‭ ‬لاحتجنا‭ ‬ساعات‭ ‬وساعات‭ ‬حتى‭ ‬نوفيه‭ ‬حقه،‭ ‬وأقول‭ ‬هنا‭ ‬إنه‭ ‬رجل‭ ‬الدولة‭ ‬الإنسان،‭ ‬الذي‭ ‬مزج‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬السياسة،‭ ‬والحكمة،‭ ‬والقضايا‭ ‬الإنسانية‭ ‬باهتمامه‭ ‬بأبناء‭ ‬شعبه”‭.‬

وقال‭ ‬“هذا‭ ‬واضح‭ ‬للجميع،‭ ‬في‭ ‬تواصله،‭ ‬في‭ ‬سؤاله،‭ ‬لم‭ ‬يترك‭ ‬فرصة‭ ‬إلا‭ ‬وخدم‭ ‬أبناء‭ ‬شعبه‭ ‬فيها،‭ ‬وأرجو‭ ‬من‭ ‬الله‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى‭ ‬أن‭ ‬يسكنه‭ ‬فسيح‭ ‬جناته،‭ ‬وأن‭ ‬يبارك‭ ‬له‭ ‬في‭ ‬ذريته”‭.‬

وأكمل‭ ‬الصالح‭ ‬“من‭ ‬ميزات‭ ‬رجال‭ ‬الدولة‭ ‬الكبار‭ ‬أنهم‭ ‬حين‭ ‬تأتيهم‭ ‬الأزمات،‭ ‬يستطيعون‭ ‬أن‭ ‬يحللوها،‭ ‬وتكون‭ ‬لهم‭ ‬رؤية‭ ‬بطريقة‭ ‬الحل،‭ ‬وأن‭ ‬يكون‭ ‬الحل‭ ‬في‭ ‬مصلحة‭ ‬الوطن‭ ‬الذي‭ ‬يمثلونه”‭.‬

ويقول‭ ‬“الأمير‭ ‬خليفة‭ ‬رحمه‭ ‬الله‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬هؤلاء‭ ‬الرجال،‭ ‬الذين‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬واجهوا‭ ‬مشكلة،‭ ‬فإنهم‭ ‬يدرسونها‭ ‬بتأن‭ ‬وكل‭ ‬هدوء،‭ ‬وسموه‭ ‬لديه‭ ‬تراكم‭ ‬خبرة‭ ‬طويلة‭ ‬بحل‭ ‬هذه‭ ‬المشكلات،‭ ‬ولم‭ ‬تعترضه‭ ‬مشكلة‭ ‬إلا‭ ‬وكان‭ ‬الحل‭ ‬أمامه‭ ‬واضحًا،‭ ‬وهذا‭ ‬الحل‭ ‬دائمًا‭ ‬ما‭ ‬يكون‭ ‬لمصلحة‭ ‬البحرين‭ ‬وأبناء‭ ‬البحرين”‭.‬

ويردف‭ ‬“لا‭ ‬أريد‭ ‬أن‭ ‬أستعرض‭ ‬ما‭ ‬مر‭ ‬من‭ ‬أزمات‭ ‬أثناء‭ ‬مسؤولياته‭ ‬رئيسا‭ ‬لمجلس‭ ‬الوزراء،‭ ‬ولكن‭ ‬عندما‭ ‬نرجع‭ ‬لتاريخ‭ ‬تسلمه‭ ‬هذه‭ ‬المسؤولية،‭ ‬كان‭ ‬فعلًا‭ ‬رجل‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬هذه‭ ‬المسؤولية،‭ ‬وكانت‭ ‬البحرين‭ ‬في‭ ‬أول‭ ‬أولوياته‭ ‬بالدفاع‭ ‬عن‭ ‬مصالحها”‭.‬

وتابع‭ ‬الصالح‭ ‬“سموه‭ ‬رحمه‭ ‬الله‭ ‬كان‭ ‬مدرسة،‭ ‬ونحن‭ ‬تلاميذ‭ ‬تعلمنا‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المدرسة‭ ‬الكثير،‭ ‬ومهما‭ ‬تحدثت‭ ‬عما‭ ‬تعلمته‭ ‬منه،‭ ‬فهو‭ ‬قليل‭ ‬من‭ ‬كثير،‭ ‬تعلمت‭ ‬منه‭ ‬حسن‭ ‬الاستماع‭ ‬للرأي‭ ‬الآخر،‭ ‬اتخاذ‭ ‬القرار‭ ‬بالوقت‭ ‬المناسب،‭ ‬الاهتمام‭ ‬بشؤون‭ ‬الناس‭ ‬بحدود‭ ‬مسؤولياتي،‭ ‬وأيضًا‭ ‬تعلمت‭ ‬من‭ ‬سموه‭ ‬التواضع،‭ ‬والحكمة‭ ‬في‭ ‬تسيير‭ ‬الأمور”‭.‬

وقال‭ ‬“ما‭ ‬تعلمته‭ ‬من‭ ‬سموه،‭ ‬بقي‭ ‬راسخًا‭ ‬في‭ ‬شخصيتي‭ ‬طول‭ ‬هذه‭ ‬الفترة،‭ ‬وبحيث‭ ‬أستطيع‭ ‬أن‭ ‬أقول‭ ‬إنه‭ ‬قد‭ ‬أضاف‭ ‬إلى‭ ‬شخصيتي،‭ ‬شخصية‭ ‬أخرى”‭.‬

واستذكر‭ ‬رئيس‭ ‬مجلس‭ ‬الشورى‭ ‬كلمة‭ ‬للراحل‭ ‬الكبير‭ ‬بقوله‭ ‬“عندما‭ ‬كنت‭ ‬عضوا‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬الوزراء،‭ ‬وكان‭ ‬هو‭ ‬رئيسًا‭ ‬لمجلس‭ ‬الوزراء،‭ ‬كنت‭ ‬صريحًا‭ ‬في‭ ‬طرح‭ ‬ما‭ ‬أراه‭ ‬صحيحًا،‭ ‬فكان‭ ‬يفكر‭ ‬بالموضوع‭ ‬ويتخذ‭ ‬القرار،‭ ‬ولم‭ ‬أذهب‭ ‬له‭ ‬يومًا‭ ‬في‭ ‬قرار،‭ ‬ويعتقد‭ ‬بأنه‭ ‬صحيح،‭ ‬إلا‭ ‬ووقف‭ ‬إلى‭ ‬جانبه”‭.‬

وتابع‭ ‬“عندما‭ ‬كنت‭ ‬وزيرًا‭ ‬للتجارة،‭ ‬وأحببت‭ ‬أن‭ ‬أفك‭ ‬الاحتكار‭ ‬عن‭ ‬الوكالات‭ ‬والشركات‭ ‬لإنعاش‭ ‬اقتصاد‭ ‬البحرين،‭ ‬وفكر‭ ‬بعض‭ ‬الإخوة‭ ‬من‭ ‬رجال‭ ‬الأعمال‭ ‬بأن‭ ‬قراري‭ ‬هو‭ ‬ضد‭ ‬مصلحتهم،‭ ‬فذهبوا‭ ‬إلى‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬رحمه‭ ‬الله،‭ ‬وامتعضوا‭ ‬من‭ ‬القرار،‭ ‬وقالوا‭ ‬إنه‭ ‬سيؤثر‭ ‬عليهم‭ ‬وعلى‭ ‬تجارتهم”‭.‬

ويقول‭ ‬الصالح‭ ‬“استدعاني‭ ‬سموه‭ ‬وسألني‭ ‬عن‭ ‬الموضوع،‭ ‬فقلت‭ ‬له‭ ‬إن‭ ‬هذا‭ ‬الأمر‭ ‬سيكون‭ ‬لمصلحة‭ ‬التجار،‭ ‬لكنهم‭ ‬ينظرون‭ ‬للأمر‭ ‬بطريقة‭ ‬أخرى،‭ ‬وأنا‭ ‬كنت‭ ‬أيضًا‭ ‬عضوا‭ ‬في‭ ‬غرفة‭ ‬التجارة‭ ‬لفترة‭ ‬طويلة،‭ ‬وكان‭ ‬هذا‭ ‬رأيي‭ ‬حينها‭ ‬أيضًا،‭ ‬وأنا‭ ‬أعتقد‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬القرار‭ ‬سيكون‭ ‬لمصلحتهم‭ ‬أولًا،‭ ‬ولمصلحة‭ ‬المستهلك‭ ‬ثانيًا،‭ ‬ولمصلحة‭ ‬البحرين‭ ‬ثالثًا”‭.‬

وأبان‭ ‬“فكر‭ ‬سموه‭ ‬للحظة،‭ ‬وقال‭ ‬لي‭: ‬سر‭ ‬على‭ ‬بركة‭ ‬الله،‭ ‬وأنا‭ ‬داعم‭ ‬لك‭ ‬بكل‭ ‬الخطوات‭ ‬التي‭ ‬تتخذها،‭ ‬وفعلًا‭ ‬هذا‭ ‬ما‭ ‬حدث،‭ ‬وتغير‭ ‬القانون،‭ ‬وألغينا‭ ‬الاحتكارات،‭ ‬وانتعشت‭ ‬التجارة‭ ‬في‭ ‬البحرين،‭ ‬وعادت‭ ‬نشيطة،‭ ‬وأصبح‭ ‬المستهلك‭ ‬والوكيل‭ ‬والبحريني‭ ‬بشكل‭ ‬عام‭ ‬هم‭ ‬المستفيدون‭ ‬الأوائل”‭.‬

وتابع‭ ‬الصالح‭ ‬“كانت‭ ‬فكرة‭ ‬أن‭ ‬عملية‭ ‬إلغاء‭ ‬الاحتكار‭ ‬ستؤثر‭ ‬على‭ ‬التجار‭ ‬هي‭ ‬أوهام‭ ‬برؤوس‭ ‬البعض،‭ ‬وأنها‭ ‬غير‭ ‬حقيقية،‭ ‬فلولا‭ ‬دعم‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الأمير‭ ‬خليفة‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ ‬رحمه‭ ‬الله،‭ ‬لما‭ ‬كان‭ ‬بمكان‭ ‬أن‭ ‬أسير‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الطريق”‭.‬

ومن‭ ‬العبارات‭ ‬المؤثرة‭ ‬للأمير‭ ‬الراحل‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬الصالح،‭ ‬قال‭ ‬“من‭ ‬العبارات‭ ‬التي‭ ‬كنت‭ ‬أسمع‭ ‬من‭ ‬سموه‭ ‬دائمًا‭ ‬هي‭ (‬ليست‭ ‬هنالك‭ ‬مشكلة‭ ‬ليس‭ ‬لها‭ ‬حل‭)‬،‭ ‬ولذلك‭ ‬لا‭ ‬يستعصي‭ ‬على‭ ‬سموه‭ ‬حل‭ ‬أي‭ ‬مشكلة،‭ ‬وحين‭ ‬كان‭ ‬يأتي‭ ‬إليه‭ ‬بعض‭ ‬الوزراء‭ ‬بمشكلات‭ ‬يستصعبون‭ ‬حلها،‭ ‬كان‭ ‬يقول‭ ‬لهم‭ ‬رحمه‭ ‬الله‭ (‬لا‭ ‬تستصعبون‭ ‬الحلول،‭ ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬مشكلة‭ ‬بلا‭ ‬حل‭)‬،‭ ‬وفعلًا‭ ‬كان‭ ‬يخرج‭ ‬الحل‭ ‬المناسب‭ ‬بالوقت‭ ‬المناسب”‭.‬

وقال‭ ‬“تفاصيل‭ ‬كثيرة‭ ‬شهدتها‭ ‬حين‭ ‬كنت‭ ‬في‭ ‬المجلس‭ ‬الوطني‭ ‬بالسبعينات،‭ ‬والمجلس‭ ‬التأسيسي،‭ ‬ومجلس‭ ‬الوزراء،‭ ‬وحين‭ ‬كنت‭ ‬بالغرفة،‭ ‬وفي‭ ‬مجلس‭ ‬الشورى‭ ‬أيضًا،‭ ‬كان‭ ‬سموه‭ ‬دائمًا‭ ‬يحب‭ ‬التواصل‭ ‬مع‭ ‬السلطة‭ ‬التشريعية،‭ ‬والاستئناس‭ ‬بالرأي،‭ ‬وأن‭ ‬يدعونا‭ ‬بين‭ ‬فترة‭ ‬وأخرى‭ ‬للتشاور‭ ‬بموضوع‭ ‬معين،‭ ‬وكان‭ ‬لا‭ ‬ينفرد‭ ‬برأي،‭ ‬وأمرهم‭ ‬شورى‭ ‬بينهم”‭.‬

ويختم‭ ‬الصالح‭ ‬“كان‭ ‬يحب‭ ‬الصادق‭ ‬معه‭ ‬بالقول،‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬كان‭ ‬عكس‭ ‬رأيه،‭ ‬وهذا‭ ‬شيء‭ ‬مهم‭ ‬في‭ ‬القيادة،‭ ‬والحمد‭ ‬لله‭ ‬بأن‭ ‬قيادتنا‭ ‬دائمًا‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬المنوال،‭ ‬والحمد‭ ‬لله‭ ‬بأن‭ ‬مكننا‭ ‬بأن‭ ‬نتعلم‭ ‬منهم،‭ ‬ونضع‭ ‬هذه‭ ‬الدروس‭ ‬موضع‭ ‬التطبيق‭ ‬أثناء‭ ‬أداء‭ ‬عملنا،‭ ‬وبالله‭ ‬التوفيق”‭.‬