+A
A-

من الصخيرات إلى باريس.. كيف تم الدفع بأزمة ليبيا نحو الحل؟

تستضيف العاصمة الفرنسية باريس، يوم الجمعة، مؤتمرا دوليا حول ليبيا، يهدف إلى التأكيد على إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية في موعدها المقرر، بالإضافة إلى تأكيد ضرورة خروج المقاتلين الأجانب من البلاد على الفور، ويجمع المؤتمر نحو 30 بلدا ومنظمة منها دول مجاورة.

وجاء في مسودة لنتائج مؤتمر باريس بشأن ليبيا، يوم الجمعة، أن من يحاولون عرقلة الانتخابات والانتقال السياسي في البلاد سيحاسبون وقد يواجهون عقوبات من الأمم المتحدة.

وتم تحديد 24 ديسمبر موعدا مستهدفا لانتخابات ليبيا عبر خارطة طريق تدعمها الأمم المتحدة العام الماضي، شكلت أيضا حكومة وحدة وطنية، ومجلسا رئاسيا يهدف في الأساس إلى إجراء الاستحقاقات الرئاسية والتشريعية في موعدها المقرر سلفا.

من الصخيرات إلى باريس

ومرت الأزمة الليبية على عدد من المؤتمرات الدولية بهدف الوصول إلى حل يجمع الفرقاء في الشرق والغرب، ويعد اتفاق الصخيرات، أحد أهم النقاط المضيئة في الأزمة الليبية، فهو الاتفاق، الذي وضع "خارطة طريق" واضحة للأزمة، واعتمد تشكيل حكومة وحدة وطنية توافقية واعتبار برلمان طبرق الهيئة التشريعية للبلاد، وتم توقيع الاتفاق في مدينة الصخيرات المغربية في 17 ديسمبر عام 2015، إلا أنه بعد توقيع الاتفاق شهدت البلاد انقساما كبيرا.

عقب ذلك، شهدت مدينة باليرمو الإيطالية، في 12 نوفمبر من عام 2018 انطلاق مؤتمر دولي حول ليبيا بهدف إنهاء حالة الفوضى في البلاد والسيطرة على الهجرة غير الشرعية ومناقشة أزمة سوء استغلال عائدات النفط، واستطاع مؤتمر باليرمو أن يجمع لأول مرة قائد الجيش الوطني، المشير خليفة حفتر، ورئيس حكومة الوفاق، فايز السراج، ورئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، على طاولة واحدة، إلا أن المؤتمر لم يخرج بنتائج ملموسة.

من يعيد إعمار ليبيا؟

وفي 19 يناير 2020، استضافت العاصمة الألمانية برلين المؤتمر الدولي حول ليبيا والذي عرف اختصارا بـ(برلين 1)، والذي شهد مشاركة دولية واسعة بحضور الجزائر والصين ومصر وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وروسيا وتركيا والكونغو والإمارات وبريطانيا والولايات المتحدة، وممثلين عن الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي والاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية.

وتمثلت أهداف المؤتمر في التوصل إلى توافق في الآراء بين الدول الأعضاء المعنية بالأزمة الليبية وتأمين مظلة دولية لحماية الحوارات الليبية حول مستقبل البلد.

بعد عام ونصف على المؤتمر الأول عادت العاصمة الألمانية مجددا في 23 يونيو 2021 لاستضافة أبرز أطراف النزاع الليبي ومشاركة دولية إضافة إلى دول الجوار الليبي، بحضور رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة في مؤتمر (برلين 2)، وكان الهدف الرئيسي من المؤتمر هو إنهاء التدخل الخارجي في الصراع الليبي والذي تمثل في توريد أسلحة ومرتزقة إلى ليبيا، إلا أن هذا الهدف لم يتحقق حتى الآن.

ماذا ينتظر باريس؟

تستضيف العاصمة الفرنسية باريس في 12 نوفمبر الجاري، مؤتمرا دوليا حول ليبيا بهدف مناقشة ضمان تنفيذ جدول الانتخابات الليبية والمقرر إجراؤها في 24 ديسمبر المقبل، بالإضافة إلى بحث رحيل المقاتلين الأجانب والمرتزقة عن البلاد، ويشهد المؤتمر مشاركة دولية واسعة، بالإضافة إلى عدد من دول الجوار والدول المعنية بالأزمة الليبية.

وبحسب ما ذكرت "شبكة رؤية الإخبارية"، فإن مسؤولا في الرئاسة الفرنسية قال في تصريحات قبل الاجتماع إنه في حين باتت الانتخابات قريبة، فإن الوضع في ليبيا ما يزال هشا، مضيفا أن هناك بعض الأطراف المستعدة لاستغلال أي غموض لدعم مصالحها الخاصة، وينتظرون لنصب فخ للعملية الانتخابية ومحاولة إخراجها عن مسارها.

وأضافت الشبكة أن دبلوماسيين، أكدوا أن البيان الختامي لمؤتمر باريس سيطلق إنذارا للمفسدين المحتملين من أنهم قد يواجهون عقوبات قاسية، في محاولة جادة لإخراج ليبيا من أزمتها وعودتها إلى المجتمع الدولي بصورة واضحة.

ويشهد المؤتمر الذي سيرأسه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، مشاركة من القوى العظمى، حيث تحضر المستشارة الألمانية إنجيلا ميركل، ونائبة الرئيس الأمريكي كامالا هاريس، وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، بالإضافة إلى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.

من جانبها تقول ريم البركي المحلل السياسي الليبي، في تصريحات لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن المجتمعين في باريس اليوم يسعون إلى ترسيخ دعم المجتمع الدولي للعملية الانتخابية في 24 ديسمبر المقبل، مشيرا إلى أن حظوظ تركيا اليوم تكاد تكون شبه معدومة في تأجيل الانتخابات، فالليبيون اليوم ينتظرون تسمية المعرقلين للعملية الانتخابية لوضعهم على قوائم العقوبات، لضمان قبول الجميع بالنتائج.

وفي سياق متصل قال طارق البرديسي، خبير العلاقات العربية والدولية، إن المؤتمر سيدور حول ضمان إجراء الانتخابات في موعدها ومناقشة آليات هذه الانتخابات وكيفية إجراءها مع التأكيد على ضرورة نزع أسلحة الميليشيات وخروجهم من الأراضي الليبية، موضحا أن المؤتمر محاولة فرنسية أخيرة لدعم المسار السياسي وتنفيذ خارطة الطريق وجمع الفرقاء الليبيين على كلمة واحدة.