العدد 4780
الإثنين 15 نوفمبر 2021
banner
"ماجد الجشّي"... رحيلُ أول المُهندسين
الإثنين 15 نوفمبر 2021

سمة الهدوء التي لا تنجرف وسط أحلك الظروف والمواقف، والنّهل من منابع الثقافة وتوظيفها لخدمة أُطُر النفس وأسوار المجتمع، وتملّك "ثقابة" الرؤية لشؤون الحياة، والإفاضة بصنوف القناعة التي تخلق التوازن بالرضا والإنجاز في تتويج الشخوص وسباحتها في أنهر الحكمة والتروي التي يلفّها تبصر الأمور بعواقبها ويمتزجها استحقاق المنطق بعواطفه، وإجادة الأفكار باستماعها والخبرات باقتناصها والتواضع بسعته والنصيحة بقبولها، والإلهام بسدادة الرأي في القول والفعل، والموازنة ما بين الصالح من أجل تغيير رهن الأمور بإيجابية ونقد مستمر، عوضاً عن فهم المسبّبات قبل التصرّفات، وانغماس في المراقبة والسؤال بعيداً عن عراقيل التطوّر ومثبطات الإبداع، بل وإحلال السكينة من العواقب بتشريف المكانة واكتمال العقل وتزكية الروح وصفاء القلب في سبيل صُنع علاقات تُحصّن من نوازل المكروه ولواحق المحذور بآراء لا تكتفي بها الخاصة ولا تنتفع بها إلا العامة.
"تثنية" اللقاء الذي حظيت به مؤخراً بالمهندس الأول بحرينياً وخليجياً، المغفور له السيد ماجد جواد الجشي الذي رحل لعالمه الأخروي مطلع الشهر الفائت؛ ترجم فيه هذان اللقاءان مراتب الشخصية المدركة التي حملتها مقدمة المقال في واقعية إدارة العنوان الوطني الذي أحبّ فيها البحرين وأعطاها دون كلل أو ملل منذ خمسينات القرن الماضي حتى قُبيل رحيله بنظرة الواثق الذي إنْ لم يركب الأهوال لم ينل الرغائب، فاللقاء الأول في مكتبه بمنطقة ميناء سلمان وكذا اللقاء الثاني بمنزل كريمته بمنطقة سار، قد حملا الكثير من معاني الأبوة التي أرجعتني لسنوات أحاديث رفقتي لأبي المرحوم "الحاج محسن المحاريّ" مطلع ثمانينات القرن الماضي أثناء جولاته التي كثيراً ما يبدأها من مسقط رأسه قرية "جنّوسان" وصولاً إلى مدينة المحرق مقرّ عمله، ولسانه الذي لا يتوقف حديثه عن شخوص البحرين البارزة، ومن بينها "الجشّي" الذي كان يقطن منطقة "جنوسان" لفترة من الزمن واشتهر بصفات التفاني الخالص والعقلية الإيجابية التي تقيس النجاحات بحجم الإسهامات المقدمة وانجرارها إلى التكليف وتنحّيها عن التشريف في حمل الثقيل من أعباء المسؤوليات. 

نافلة: 
شاء حسنُ الأقدار أنْ ألتقي بالفقيد الذي كنتُ أعلم باسمه فقط فيما أجهل كنه شخصه في أحاديث والدي الذي عاصره آنذاك؛ ليتبيّن ما ‏يحمله فقيدنا "أبوسامر" من فراسة في الرؤية ولباقة في الحديث وفصاحة في القول وسداد في المشورة التي تحمل الدقيق من التفاصيل، في إدراكٍ واعٍ للمحيط من حوله رغم تقدّم السنّ به، فضلاً عن اكتسابه القدر الشاسع من الثقافة والتمتع بالعقلية الرفيعة قبالَ مشاهد الحياة وتقلباتها السريعة حتى خلُصت بما حاز به من قدرات صنعت النجاحات وسط ضروب العمل القيادي الذي ينهض بواقع الأمم والتمايز بين بني البشر.‏‎ ‎
اللَّهُمَّ ‏اغْفِرْ للفقيد وَارْحَمْهُ وَاعْفُ عنْه وَأَكْرِمْ نُزُلَهُ وَوَسِّعْ مدْخَلَهُ وَقِهِ عَذَابَ النَّارِ.

 

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .