العدد 4787
الإثنين 22 نوفمبر 2021
banner
“العقودُ المؤقتة”...
الإثنين 22 نوفمبر 2021

“الأمان الوظيفي” الذي غالباً ما يُشار له بالحالة النفسية التي تعكس توقعات الموظفين حول مدى استمراريتهم في العمل، أو مدى استقرارهم في وظيفتهم الحالية على المدى القريب الذي ينشأ عن ممارسات مسؤوليهم وسياساتهم والثقة التي يتمتعون بها أثناء تأدية مهمات أعمالهم وما تحققه لهم هذه الوظيفة من إشباعات وفقَ بُعدٍ موضوعي تغيب فيه عوامل تهديد فَقْد الوظيفة، وبُعْدٌ شخصي لحواجز تمنع بقاءهم في أعمالهم على المستويين الحالي والمستقبلي؛ هو ما يُعزّز من تحفيز أولئك العاملين وتغيير سلوكياتهم السلبية في العمل ويزيد حجم إنتاجيتهم ويحمي قيّمهم الاجتماعية في بيئات العمل ويرسّخ إحساسهم النسبي بالراحة التي يختبرون فيها أنفسهم في مناصبهم الحالية، ومواجهة التحديات المتسلسلة في بوتقة المهمات الجديدة بعيداً عن مشاعر القلق والتوتر حول مستقبلهم الوظيفي وزيادة الإنتاجية التي تزيد من أرباحهم النهائية، فضلاً عن تحسين سمعة العمل في نهاية المطاف.
إذا ما انعدم “الأمان الوظيفي”، فإنّه يمثل كابوساً حقيقياً يواجهه العاملون وبالمقدار ذاته أصحاب الأعمال داخل هذه البيئات التي ينخفض فيها منسوب الإنتاجية عبر فرض المطالب الإضافية وممارسة مزيد من الضغوط على الموظفين لأداء أعمال أكثر وسط أجواء غير مستقرة، يسودها الخوف الشديد من فقدان الوظيفة وعدم الأمان - سواء بالبقاء فيها أو استلام المرتبات - والشعور بالعجز الناتج عن ضبابية سياسات العمل والدور الوظيفي المُناط؛ الأمر الذي يترك أثره سلباً على الأداء والإنتاجية، لاسيّما مع أصحاب الأعمال الذين يطبّقون قاعدة “الصعود أو الخروج” مع موظفيهم، باعتمادهم سياسة “التّخلص” من منتسبيهم الذين لا يتقدّمون في السّلم الوظيفي أو لا يحصلون على التّرقيات المُحفزّة؛ لضعفٍ في الأداء أو اضطرابٍ في بيئة العمل أو تحولٍ في طبيعة المهنة أو تفاوتٍ في المستوى المادي والاجتماعي بالتلازم مع الموقع الوظيفي.
نافلة:
بدت مسألة “العقود المؤقتة” تطفو إلى السطح كواحدة من القضايا الملّحة التي تمسّ بأضرارها شريحة كبيرة من الكفاءات والكوادر الوطنية بعد أنْ لامسّت أعدادها المئات في القطاعين وفق تقديرات صحافية – وأكثرها في القطاع الخاص - الذي يُرْهَنُ فيه حقّهم الوظيفي بتجديد العقد كلّ ستة أشهر أو عام أو عامين، ليقضوا في هذه الوظيفة أعواما متوالية دون استقرار وظيفي (وكأنهم من الأيدي العاملة الوافدة) التي يُرتّهنُ فيها رضا المسؤول عنهم لتجديد عقود أعمالهم من عدمها، وهو ما يُشكّل ما اصطلح على تسميته بالظاهرة المناهضة للبحرنة التي تتعارض مع النصوص الدستورية التي تؤكد أهمية الاستقرار الوظيفي وتوفير “مظلة الأمان” المُستدامة للكوادر الوطنية في شتى القطاعات.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .