+A
A-

الدراما الإذاعية في البحرين والخليج تسير في طريق الشوك بنجاح

لنتفق أولا حول ماهية الإذاعة، فإذا قلنا ان المسرحيات والمسلسلات التلفزيونية أعمال درامية الفت بغرض تصويرها بالكاميرا، فان كل ما يقدم للإذاعة يؤلف بغرض النطق به أمام المايكرفون، فكل وسيلة من الوسائل الفنية السابقة لها أداتها التي تتوسل بها للوصول إلى الجماهير، ولكي تحقق أي منها أقصى ما تستطيع استغلاله من إمكانية أداتها.
من خلال تجربتي مع الإذاعة في كتابة المسلسلات الدرامية، وجدت أن المسلسلات الإذاعية بعيدة عن اهتمام النقاد وهم الفئة التي تتجه إليها الأنظار دائما وتضع على عاتقها دراسة الظواهر الفنية وتحليليها ومحاولة تقييمها على أساس أن الفنان أو المؤلف ينتج وليس مطلوبا منه أن يكتب عما ينتج، وأن وظيفة الناقد هي أن يتابع هذا الإنتاج.

المخرج الراحل ابراهيم عيسى
وهذه النظرة قد تعفي العاملين في الإذاعة أو المتعاملين معها من كتاب وممثلين على أساس أنهم فنانون ينتجون وكفى، ولكن ما عذر النقاد في انصرافهم عن الفن الإذاعي وعن متابعته وعن محاولة دراسته وتقييمه.
الواقع أن هذا موضوع طويل يحتاج شرحه إلى بحث آخر؛ لأنه مرتبط بظواهر أخرى، ولكننا نستطيع أن نقول في إيجاز أن انصراف الأدباء الكبار عن التخصص في الإذاعة أو "الدراما الإذاعية" ربما كان سببا في ذلك مما أدى إلى الاعتقاد بأن فن الدراما الإذاعية قد لا يرتفع إلى مستوى فن المسرح أو الدراما التلفزيونية أو غيرها من الفنون.
يقول أحد المخرجين في إذاعة بريطانية:
"دأب النقاد في معظم أنحاء العالم على إهمال الدراما الإذاعية بحجة أن الأعمال الفنية التي تقدمها الإذاعة لا تتسم بصفة الدوام، وأن الدراما الإذاعية سريعة الزوال، هذا إذا اعترف هؤلاء النقاد أصلا بأن هناك فنا يسمى بفن الدراما الإذاعية".

عبدالله ملك ويوسف السند وبوهلول خلال تسجيل عمل اذاعي
في تاريخ إذاعة البحرين هناك أعمال درامية حققت نجاحا كبيرا مثل "سالفة كل يوم" لسعيد الحمد، ومن إخراج إبراهيم عيسى، "الكوس" و"اللؤلؤة" للكاتب عيسى الحمر، حيث فازت الأولى على الجائزة البرونزية والثانية نالت الجائزة الذهبية في مهرجانات القاهرة للإذاعة والتلفزيون، وهناك أيضا أعمال يوسف السند "يوميات طاش" و "يوميات ذياب". و"أصوات في ذاكرة الحضارة" لمحمد حميد السلمان التي وثق فيها السر الذاتية لأكبر وأشهر شعراء المملكة، وأيضا المسلسل الوثائقي "مقرن بن زامل" وهو أحد رجالات البحرين في القرن السادس عشر ممن دافعوا عن أرض البحرين ضد الغزو البرتغالي وحاز العمل على الجائزة الفضية في مهرجان القاهرة للإذاعة والتلفزيون العام 2002، كما قدمت الإذاعة المسلسل الكوميدي الشعبي "فرج وسلامة" للكاتب راشد المعاودة رحمه الله، وهناك أيضا مسلسل "سوالف نعناعة" وحصل هذا العمل على الجائزة الذهبية في مهرجان القاهرة العام 2002، ومسلسل "الجيران" والذي حصلت فيه الفنانة استقلال أحمد على الجائزة الذهبية في الإبداع التمثيلي العام 2009، ومن الأعمال الدرامية البارزة أيضا المسلسل الكوميدي الشعبي "يوميات ام سحنون" من تأليف الكاتب الصحفي أسامة الماجد وبطولة هدى سلطان وأحمد مبارك، وقدم في خمسة أجزاء كان آخرها العام الماضي وتناوب على إخراجه عدد من المخرجين. ويعد العمل الدرامي الوحيد الذي حقق جائزتين ذهبيتين في تاريخ الإذاعة، الأولى ذهبية التمثيل لهدى سلطان في مهرجان القاهرة للإنتاج الإذاعي والتلفزيوني، والثانية ذهبية أفضل مسلسل كوميدي في مهرجان الخليج للإذاعة والتلفزيون العام 2012، وهناك الكثير من المسلسلات الإذاعية لا يتسع المجال لذكرها ومع ذلك لم تنل حظا من النقد والتحليل من أي كاتب أو ناقد بحريني.
الدراما الإذاعية في البحرين وقد تكون في دول الخليج تسير في طريق الشوك بنجاح وبتكنيك الكتابة والأداء وكفن له قواعده وأصوله، والملاحظ أن كبار النقاد الذين يكتبون عن التلفزيون، جميعهم بلا استثناء تقريبا، لا يستمعون إلى الدراما الإذاعية، في حين أن كتاب الدراما الإذاعية - وأنا احدهم - أحوج ما يكونون إلى تناول أعمالهم بالنقد والتوجيه.

فريق مسلسل يوميات أم سحنون 5جوائز للدراما الإذاعية في مهرجان الخليج للإذاعة والتلفزيون الرابع عشر