يحقُ لدولة الإمارات العربية المتحدة الحبيبة الفخر بما حققته في عامها الخمسين. خمسون عاماً من العمل المتواصل والمثابرة منقطعة النظير في سبيل بناء دولة قوية ذات سيادة متجذرة في أعماق الأرض والقلوب، ولكي تعرف ذلك أيها القارئ العزيز ما عليك سوى المضي معي في سرد هذه الملحمة من التفاني والروح الطيبة وسمو الهدف.. الدولة التي لم تتوقف عن حمد الله سبحانه في كل ما مرت به لم تنشأ قوية شامخة في قفزة واحدة، ولم يكن الدرب إلى نهوضها مفروشا بالورود، ولم يكن الوصول إلى القمة هبة مُغرية من الإبريق السحري.. بل في الطريق عثرات وعقبات، وشوك وأحجار، ولكن “لن يبلغ المجد مَن لم يلعق الصبرا”.. لقد صبرت الدولة الرائدة على صعوبات الماضي فمنحها الله من كريم فضله وواسع عطاياه ما أصبحت به واحة خير تسقي القريب والبعيد، وتمد يدها بالعطاء فيزيدها الله من فضله ونعمه.
المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان - طيب الله ثراه - كان سابقاً عصره في النظر في أمور استراتيجية عديدة لا حصر لها أثبتتها المواقف في صفحات مشرقة من التاريخ. فكّر في بناء دولة الإمارات المتحدة بنظرة بصيرة عميقة، أرادَ لهذه الأرض أن تشهد بناء تجربة إنسانية لم يشهدها العالم منذُ زمن، وهدفه الرئيس جمع الكلمة ووحدة الصف رغم كل الصعوبات، ولأن نيته في بلوغ هذا الهدف السامي خالصة لله سبحانه فقد وفقه الله ومده بنصرٍ منه وتسديد، وإرادة قوية لم تعرف يوما الاستسلام ليتحقق الحلم، فاتحدت القلوب وتآلفت، وشمخت الدولة حتى بلغت عنان السماء نهضة وريادة، حينها تحولت حبات الرمال الذهبية إلى ذهب، وأمطر الله عليها الرحمة والخير من كل صوب، وهي في صعود متسارع دون توقف يوما بعد يوم، وعاما بعد عام.
نعلم ألا شيء يبقى في الذاكرة إن لم يكن له وزن ويؤسِّس له مكاناً في العقل والوجدان، نؤمنُ أن ما نكتبهُ اليوم سيكون شاهدا علينا في الكُرّاس وعقول الناس، وسيبقى إلى ما أراد الله سبحانه، نقولها وبضمير خالص ولسان صادق مقولة حق وشهادة صدق: إن دولة الإمارات العربية المتحدة فخر للأمة الإسلامية والعربية جمعاء، وستبقى نبراساً يضيء الدرب لجميع الشعوب نحو الإنجاز والبناء، ومشعلا يبعث الأمل، ورمزا للتقدم والارتقاء، ومنارة للنهوض والعطاء، ومحطة رئيسية لبناء المستقبل اعتمدتها “اليونسكو” وأقرت الاحتفال بها في الثاني من ديسمير من كل عام.