+A
A-

مهرجان البحر الاحمر السينمائي الدولي يقدم جواهره من الافلام الكبيرة

من الافلام الدولية التي عرضت في مهرجان البحر الأحمر الدولي بجدة الفيلم الايراني الجميل “انطلق في الطريق” او Hit the Road للمخرج بناه بناهي ابن المخرج الكبير جعفر بناهي، بحضور كبير من عشاق الافلام الكبيرة وهو فيلم رحلة عائلية لا نعرف فيه إلى أين تتجه لكنها تبدء شكليا في وسط الطرق السريعة الصحراوية الشتوية ووديان الزمرد الرائعة في شمال غرب إيران، بلمسات باناه باناهي المعجزة يغذيها الشك المتزايد في أن شخصياتها قد أخذت منعطفا كبيرا بعيدا عن عباءتنا البشرية في مرحلة ما على طول الطريق.

"أين نحن ؟" الأم ذات الشعر الرمادي (بانتيا باناهيا) تسأل أمام الكاميرا عند استيقاظها داخل سيارة الدفع الرباعي التي يقع فيها الكثير من الاحداث هذا الفيلم، بابداع الطفل  (رايان سارلاك) من المقعد الخلفي، الفتى ذو الست سنوات الذي يستنشق الفن والتمثيل بعد التدريب الكبير من المخرج لتقديم دور أكثر أطفال الأفلام فوضوية بطاقة جميلة وكوميدية ابداعية، مع كلبه الضال الرائع الذي جاء من أجل الركوب مع الاب الذي في حالة خاصة بعد كسر رجله اليسار!

كلما ابتعد باناهي عن الأرواح التي تركوها في طهران، كلما بدأ يبدو وكأنه ترك الحياة نفسها. يتدحرج الضباب البرجوازي أثناء صعودهم نحو الحدود التركية، ومع ذلك يأتي سلسلة من المرشدين شبه الأكفاء (الذين يحاولون بكل سرور توجيه دراجة نارية) الذين يظهرون لإعطاء الأسرة توجيهات غامضة على نهر “ستيكس”، فالحبكة الكونية تبدأ في ظلال كل مشهد، والشخصيات التي تنمو أكثر فأكثر بعيدا عنا مع كل فرصة طويلة حتى تمتص (حرفيا) في هاوية الفضاء الخارجي.

قد لا نعرف أبداً لماذا هرب الاب خسرو (حسن مادجوني) وزوجته على نحو عاجل للغاية من منزلهما من أجل تهريب فريد في العشرين من عمره (أمين سيميار) إلى خارج البلاد وبعيداً عن الحكومة الاستبدادية، ولابد وأن طفلهما الأول قد أساء إلى حد ما، ولكن من الواضح أن هذه العائلة تسرع إلى طريق واحد. "فقدنا منزلنا وبعنا سيارتنا ليتمكن من المغادرة" هكذا يقول أحد الوالدين وهو يبكي للآخر، مع سؤال هل فكرت في المستقبل؟ ومع ذلك فالماضي هو الذي يضيع ليدفع ثمنه. الصبي الصغير يقيّم الوضع بسؤال والده هل هم صرصاصير ككناية عن الضعف وسط اهتمامه على سلك معدني يستخدمها للخدش داخا “الجبس” الكبير والذي على قدمه.

تذهب الاحداث في كوميديا جميلة رقيقة تقسم قلبك إلى نصفين ، فهو  يتأرجح بين الدراما والفكاهة السوداء مع السيطرة ،  "ضرب الطريق" هي قصة عن الناس الذين يضحكون من أجل منع أنفسهم من البكاء، وباناهي يلتزم بهذه الديناميكية مع تفاني لا يتزعزع من قبل شخص يعرف أن شخصياته ليس لديها أي خيار آخر.

ونظراً لأن “بانا باناهي” هو ابن المخرج السينمائي الكبير جعفر باناهي (الذي ما زال ممنوعاً من صناعة الأفلام أو مغادرة البلاد)، وأن الراحل عباس كياروستامي كان أكثر من مرشد له، فإن أول ظهور له قد يتبعه في التقاليد المبدعة رسمياً ولكن الجمالية الطبيعية للسينما الإيرانية التي أثارته كانت طاغية في الصورة الجميلة للفيلم، والأمر الأكثر أهمية هو أن الأعمال التجريبية مثل "تاكسي"، "طعم من الكرز"، وحتى "مثل شخص واقع في الحب" الذي أطلقته اليابان، اعتمدت على السيارات في قدرتها الفريدة على الإبحار بين الأماكن العامة والخاصة، ولكن بالنسبة لكل المكونات المألوفة التي يحركها باناهي وحس الفكاهة الجافة لدى والده، والتمرد السياسي الواسع النطاق، فإن شخصية كياروستامي المتميزة في تنظيم اللحظات الدرامية الحاسمة في الفيلم كان جليا.