العدد 4834
السبت 08 يناير 2022
banner
منال الشيخ
منال الشيخ
“عيب يا ولدي.. عيب!”
السبت 08 يناير 2022

لكل مجتمع عادات وتقاليد ومبادئ تحكمه، وعلى أفراده عدم الخروج عنها، وهذا معروف منذ أزمنة غابرة ولا اعتراض عليه، لكن هناك أمور أباحها لنا ديننا الإسلامي الحنيف بضوابط، ويمكننا القيام بها، لكن “ثقافة العيب” مازالت مسيطرة على عقلية الكثيرين ليومنا هذا، إذ أصبحت كلمة “عيب” لصيقة بأبسط أمور حياتنا؛ كون الأغلب منها مبررا في اعتقاد البعض أو حائط صد لكلام الناس، فهل العيب أشد من الحرام؟ 
منذ فترة وجيزة، ذهبت للسوبر ماركت للتسوق وبالتحديد عندما كنت في ممر بيع الحلويات دار مشهد سريع أمامي، الولد الصغير اختار نوعا من الحلويات والغلاف الخارجي وردي اللون إلا أن الأب سرعان ما التفت إليه وشاهد الحلوى بيده وأخذها منه وأرجعها مكانها، وهو يقول للصغير: عيب يا ولدي عيب! والصغير تلقائيًّا أخذ شيئا آخر بعيدًا عن اللون الوردي ومسك والده يده وانصرفا. 
هذا المشهد - وللأسف الشديد - أثبت أن هناك أولياء أمور يغرسون ثقافة “العيب” بشكل خاطئ، والمقصود في أمور لا دخل للعيب فيها أساسًا في نفوس أبنائهم منذ نعومة أظفارهم، وبالتالي يكبر الابن وربما يواصل حياته على هذا النمط وينقل هذه الثقافة وبشكل خاطئ مجددًا لأبنائه مستقبلاً. 
ومن العيب الذي غض الناس أطرافهم عنه تلك الملابس الممزقة والعارية التي يرتديها بعض الشباب، والسلوكيات التي تنم عن جهل وتقليد أعمى، فالعفة والسلوك السوي أمران ضروريان للفتيان والفتيات على حد سواء. وينبغي لأدوار الآباء أن تأخذ بعدا أخلاقيا يساهم في استقامة الجيل والناشئة. 
يجب معرفة المفهوم الصحيح للعيب، ومن ثَمَّ الفصل ما بينه وما بين الحرام، وما بين حرية الاختيار؛ حتى لا يختلط “الحابل بالنابل”، ويصبح حالنا كحال من طبخ “المجبوس” ببهارات أجنبية! 
من جانب آخر، أرى أن الفتاة هي الضحية الفعلية في هذه المسألة مع التطور الحاصل في العالم، إلا أن البعض مازال يرى أن عملها “عيب”، وسفرها للخارج للدراسة أو العمل أو للترفيه “عيب” رغم وجود الضوابط، والقائمة تطول، وهذا غير معقول طالما ما تقوم به مباحا، وهي محترمة ذاتها ومن حولها في أي مكان كانت، فلا داعي لأية قيود أو مسميات يفرضها المجتمع عليها، ولا مجال لأحد ينتقص حقها. 
أما من يضع على نفسه القيود ويأمر بها غيره، فالناس وكلامهم لن ينتهي، ورضاهم ليس بغاية، وإن كان غاية، فهو غاية لن تدرك، فلماذا التشديد في مواضع، ولماذا التعقيد ولماذا ولماذا، والنتيجة معروفة؟ 
“العيب” ينطبق على الرجل والمرأة معًا، لا أحدهما، فمثلما المرأة بأفعالها تكشف تربية أهلها الحقة لها، وبالمختصر وكما هو متداول “سمعتها قبل كل شيء”، فالرجل كذلك، ولا صحة لمن يقول: “الرجل لا يعيبه شيء!”.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية