العدد 4847
الجمعة 21 يناير 2022
banner
قهوة الصباح سيد ضياء الموسوي
سيد ضياء الموسوي
في حضرة الإمارات تنحني الحضارات
الجمعة 21 يناير 2022

توسمتها حضارة، بل حضارات لتنوع ما تهبك من كنوز إبداعاتها المتنوعة من دولة تشكلت من رحم العصامية بإدارة حديثة تتكئ عليها الإنسانية، حيث هندستْ إبداعها كدولة مدنية متماسكة، استطاعت وفي زمن قياسي تحويل ترابها الصحراوي إلى ذهب، ذهب من هيبة الحُكم الرشيد إلى فكر المؤسسات من فلسفة جان جاك روسو في فصل السلطات، وأفكار المفكر جون لوك في بناء الفكر الفلسفي الحر للدولة، وفلسفة فولتير في الإنسانية “صوت في الإنسانية عدا على اتكائها على تراث عربي فلسفي من ابن رشد في النص الفلسفي الديني النقدي إلى فكر ابن خلدون في الاجتماع وعمران المدن.
وبين هذا وذاك، امتزجت الدولة ببناء متماسك بمظلة وحكمة وتوجيه سمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات الذي كان ولا يزال يرسم حكمة الحُكم التي أصَّلت خطوط سياسة البلاد العامة التي تحولت إلى منهج حُكم لحكمة حكيم في وضع رؤية عميقة من تجربة بناء الدولة والقبض على المصير الجميل بأصابع من نور. 
وفي لحظة تاريخية تنبثق “النظرية الزايدية” في حماية قداسة الدين من السياسة، والرؤية الثاقبة في بناء اقتصاد قائم على نظرية مركبة من فكر آدم سميث وجون كينز وميلتون فريدمان وديفيد ريكاردو إلى عبقرية التطلع والإبداع لإكسير فكر “الراشدية” في استنطاق شمس الحضارة عبر اصطياد المشاريع الاقتصادية والاستثمارية الساحرة في استجذاب الأدمغة. فمن متحف اللوفر أبوظبي إلى الترسانة العسكرية وتحويل أبوظبي إلى شريان اقتصادي بجذب كبار مستثمري العالم. “الزايدية” من فكر الشيخ محمد بن زايد آل نهيان الذي تحول إلى المنظَّر في صناعة هيبة دولة تحولت إلى هيبة إقليم، تعملقت إلى كبرياء حضور عالمي يُحسب لدولته ألف حساب في صناعة التحالفات وهندسة السياسات الدولية.
 رجلٌ عقله بعمق محيط، فراسته تزاحم المدى، وقلبه ينبض ندى وثقافته تنشد شدى، يزاحم الكون مشاريع حضارة تبرر في كل منعطف انتصاره. وينطبق عليه ذات القول المأثور الجميل “ثمة رجال لا يتسع لهم المكان وألقابهم تعجز على التطويق”.
ثورتهم هدوء، وهدوؤهم ثورة، صامتون في الحديث، وإذا تحدثوا كانوا أقوى من الحديد.
ثمة رجال بكِبر الكون أو يزيد. رجل بصماته في الدول مدراس ومستشفيات، ودعم مالي بلا حدود في دعم اقتصادات الدول، ووقوف صامد في الدفاع عن العروبة والعرب والعالم الإسلامي وحضارة العالم.
وهنا يبرز الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، قناص الأدمغة وصائد العقول ومتقن تحويل المشاريع على شكل ماسة نادرة في الدهشة والابتكار، رجل مازال يزرع في أنفسنا جَلجَلة الأجراس لمشاريع على هيئة أعراس لإمارات العز ودانته دبي فـ “الأَشْخاص الصَّامتُون عقُولهم أكثرُ ازدحَاما” كما هو قول العالم الكبير، ستيفن هوكينج.
إنه المكتوم الذي أتقن اصطياد زرقة السماء لوحة إبداع ليملأها بالنجوم، رجل حوَّل الدولة إلى أسطورة تزاحم العنقاء بواقعية التراث والمدنية والتراكم العصري بمشاريع تكابر أكبر الدول حداثة، حيث مازال يستفز العالم ويثير استغرابه بمشاريع واستقطاب ملفتٍ، ليس آخرها “إكسبو دبي”.
وبين كل ذلك، تلمح كل حاكم إمارة من أبوظبي إلى دبي إلى الشارقة إلى بقية الإمارات، كل حاكم يصنع لؤلؤة إمارته ليتشكل عِقد اللؤلؤ الأكمل ليوضع على جِيد دولة الإمارات. إلى دبلوماسية الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان الذي طرح جزءا من أسلحته الدبلوماسية، حيث ألقى على الطاولة الدولية عبقريته بأرقام حقيقية في كسب العالم، حيث حجز مقعدا للإمارات في مجلس الأمن؛ ذاك الذي طبخ الدبلوماسية على نار الحكمة الهادئة، غيرعابئ بوضع يده في عش الدبابير؛ ليصنع جسرا ويطلق نهرا.
أتقن الصمت، فكانت أدواته مكبرات للصمت في زمن الضجيج، تجاوز ذاكرة ترتعد، فقام بخياطة الخرائط بحلول تعِد. خطف المشهد، وراح يرمم الجروح بالصروح بإطفاء الأزمات بمد الجسور مع الدول.
عقول حكام اجتمعت في بناء الإمارات فردوسا أرضيا ساحرا أصبح محل تطلع العالم. عندما أمشي في شوارع الإمارات، أشعر أني أسير في فردوس أرضي في رحلة مع عالم خيالي من حيث الجمال الحضاري والهندسة المعمارية والحكومة الإكترونية والإبداع العقاري والجزر الساحرة مع رقي الشعب الإماراتي الذي أصبح من أكثر الشعوب تعليما ووعيا والذي أصبح من ضمن الشعوب الذي يحصل على النصيب الأعلى من الناتج المحلي من اقتصاد بلاده.
دولة وصلت إلى الفضاء عبر “مسبار الأمل”، وأصبحت محل إعجاب كل العالم. دولة هي أكبر من حدث غبي يحمل دلالات الغباء السياسي من اعتداء إرهابي جنوني آثم من قبل الحوثيين بقائدهم الفتى الصغير الملقن بخطابات مبتسرة ومكرورة في أكثر من وكيل على أكثر من أرض بعقل قروسطي يخرج منه غبار التاريخ والذي يقوم بالوكالة في هذا الفعل المراهقي، والذي سيكون نديم الندم على فعلته، مقدما على إعدام سياسي عالمي لميليشياته بعدما فك أزرار قميص عنترياته “الطهرانية “بالوكالة، والتى ستقوده ذات يوم لقراءة دفتر خساراته التي قادت اليمنيين إلى إرهاق سياسي واجتماعي وانهيار اقتصادي؛ بسبب محاربته المدنية ونسف كل تاريخ اليمن الأصيل. فهو أضعف من أن ينال من الإمارات، وقد أضر نفسه محليا وإقليميا وعالميا، وعزز إثبات إرهابه.
هذا الفتي الذي أصبحت اليمن تتجاوزه بالتقسيط، وستتجاوزه مع من وراءه. فاليمنيون اجتازوا المسافة الضرورية والعملية لتركه وراءهم عمليا ومعنويا بعد أن حول قلوب اليمنيين إلى ألغام مكدسة ستنفجر ذات يوم في مكر تاريخي ليكون مجرد صفحة بالية من صفحات التاريخ كما هي نظرية هيجل. 
فتى قائم على تحويل المذاهب إلى ألغام ميليشياوية لا صلة لها بالدين ولا المذاهب، لما في هيكل الأوهام الذي زرعه من تدليس أيديولوجي ممسرح، يقطر برغماتية وميكافيلية قاتلة على قرابين قداسه المهلهل من نرجسية تمثيل دور الزعيم “السيكوباتي” الثيوقراطي، والتي تعيش في كهوف القداسة الزائفة من حراس هياكل الماضي بجهنم الحاضر؛ لتحولهم إلى أسرى قلاع الدوغمائية، والتي وضعت جماعته أمام منعطف تاريخي بائس، وفي مأزق أخلاقي فاضح أمام العرب والمسلمين والعالم، وهو يحول اليمن السعيد إلى كومة تراب ينخر في أشجارها سوس البراغماتية الضيقة، حيث ألغى كل المكونات اليمنية وتاريخ اليمن من أيام الملكية إلى الجمهورية إلى المليشياوية إلى تحويل بعض أطفال وشباب اليمن من الذهاب للمدارس والجامعات إلى معسكرات تستغل براءة الأطفال بثقافة القطعان المخمورة المنتشية والمقادة إلى المسلخ، وهي تبتسم على طريقة نظرية غوستاف لوبون في كتابه “سيكولوجية الجماهير”، هذا الفتى المستأجر من التاريخ والقادم من الجبال محملا بعبء الماضوية، والذي حول الدين إلى ملجأ للغارقين في الوهم والهاربين من الأمل إلى حيث الألم هو أضعف أن يقارع المنطق بالمنطق والحجة بالحجة دون اللجوء إلى الهذيان طريقا. 
لقد بات لزاما علينا كدول وحكومات ومثقفين ومفكرين بأن نخرج صارخين في دعم الإمارات قيادة وشعبا بكل قوتنا، وفي كل المجالات، ودورنا كمثقفين أن ندق الأجراس بسلاح الكلمة وترسانة المعرفة دفاعا عن بلاد سكنتنا بالحب والحضارة وسكناها نقطف ثمار مدنيتها مشاريع اقتصادية وأمن حياة وجمال دنيا وإكسير وجود ومصير واحد لا يقبل التقسيم قدرا ونعيما.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .