+A
A-

قوانين ومقترحات برلمانية منفصلة عن الواقع

قبل أسابيع قليلة، تقدم النواب بمقترح اسقاط القروض عن المواطنين، بفاتورة تقديرية تبلغ مليارات الدنانير البحرينية، وفي ظل ظروف اقتصادية وصحية استثنائية تعصف بالبحرين من كل حدب وصوب.

المقترح جيد، ويمتناه كل رب أسرة، وكل عائلة بحرينية، لكنه وفي المقابل منفصل عن الواقع جملة وتفصيلاَ، والأسباب بذلك كثيرة ومعروفة، ومتكررة الذكر.

فكيف للدولة التي تضطر قسراً الى شد الحزام اقتصاديا، على كافة المستويات، بسبب ظروف خارج عن ارادتها، وبسبب تنامي الدين العام ولفوائده، لأن تتحمل تكاليف هذه الفاتورة الضخمة جداً؟

كما أن المقترح لا يحمل بحيثياته تطبيق العدالة بين المواطنين، وهو ما يؤكد عليه الدستور دائماً، فهو يدعو ببساطة لأسقاط الملايين الجاثمة على كاهل التجار، مقابل الألوف القليلة التي يتحملها الموظف العام، أو في القطاع الخاص.

في ذات الأثناء، رصد المواطنون خروج بعض السادة النواب عبر منصاتهم الشخصية في شبكات التواصل الاجتماعي، وهم يهنئون المواطنين على موافقة مجلس النواب على المقترح، وبأن الخير قادم للجميع، فكيف لهم أن يعلموا بذلك؟

بعدها، تقدم النواب مجدداً بمقترح آخر يقضي بعدم حرمان المواطن من الاستفادة من الدعم لحسابات المسكن الثاني أو أكثر (بشأن الكهرباء) وكذلك بتعديل كلفة التعرفة نفسها.

وبالرغم من أهمية الأمر للناس، إلا أنها صعب التنفيذ وخاوي الجدوى، في ظل شح الموارد، وتحميل الهيئة عشرات الملايين من الدنانير، وتحميل الحكومة لنفس القيمة، وتوفير الميزانية اللازمة لذلك، وبنتائج ستصيب خطة التوازن المالي في مقتل.

ونشير هنا بأن قرارات الدولة الاقتصادية واضحة المعالم والاتجاهات للجميع، أولهم السادة النواب، وبأن أي اجراء تصحيحي في هذا المسار، سيعني تلقائياً المزيد من الديون والأعباء المالية.

الوضع الراهن يتطلب من السادة النواب ان يتقدموا بمرئياتهم الاقتصادية المنشودة للدولة، في محور أساسه كيفية خفض نسبة الدين العام والذي بلغ ارقاماً مأهوله.

وبتعاون سيكون الخير الناتج منه للمواطنين جميعاً، أما تقديم المقترحات المدغدغة للمشاعر بهذا الشكل، ونتائجها معروفة منذ البداية، فبذلك هدر طائل لوقت الجميع، وتحبيط للناس، لا أكثر ولا أقل.