يدا بيد لمنع انتشار “الإسلام فوبيا”
السفير الماليزي لـ “البلاد”: البحرين تفوقت على دول عالمية في احتواء كورونا
600 مليون دولار حجم المبادلات والقطاع الإنشائي فرصة استثمارية واعدة
الدراسون البحرينيون في كوالالبمــور تقلـص عددهــم مــن 300 إلى 80 فقــط
قال السفير الماليزي شازريل بن زاهيران إن حجم التبادل التجاري ما بين البحرين وماليزيا بلغ 600 مليون دولار.
وأبدى في لقاء خص به “البلاد” رغبة بلاده بزيادة المبادلات، وترحيبه بالمستثمرين البحرينيين لاستكشاف الفرص الاستثمارية في ماليزيا، والعكس صحيح، مؤكدا أنها عملية تبادلية تحتاج إلى شركاء حقيقيين من كلا البلدين.
وأشار بن زاهيران على هامش اللقاء، إلى نجاح المملكة في بالإيفاء بالتزاماتها الصحية تجاه الأفراد من مواطنين ومقيمين في فترة جائحة كورونا، مؤكداً أنها تقدم أفضل الجهود المبذولة مقارنة بمستوى الدول الأخرى، وعلى أعلى المستويات الإجرائية. وفيما يلي نص الحوار:
كيف تقرأ العلاقات الثنائية بين البلدين الصديقين؟ وهل هي بمستوى الطموح؟
العلاقة بين البلدين متميزة وفريدة وتتجه إلى الأفضل خلال السنوات المقبلة، ومتوازية بفضل إشراف من جلالة الملك شخصياَ، وأعبر بذلك عن عظيم شكري وتقديري لجلالته.
ولقد عبر جلالته لي بأنها علاقة أشقاء مع بعضهم، ولها خصوصيتها. ويظهر لك هذا مدى أهميتها مع نموها المتسارع خلال السنوات الماضية.
وأنوي كسفير جديد لماليزيا في مملكة البحرين بأن أذهب بها إلى مراحل متقدمة أكثر، وأن نبحث كيفية الارتقاء بها إلى مستويات أكثر، خصوصا على المستوى الاقتصادي.
كيف تنظرون لجهود مملكة البحرين في مكافحة فيروس كورونا؟ وهل هنالك تعاون بحريني ماليزي بهذا الشأن؟
نجحت البحرين في بذل غاية الجهد في مكافحة الفيروس، وهي من أفضل الجهود المبذولة مقارنة بمستوى الدول الأخرى، وعلى أعلى المستويات الإجرائية، ولقد استفاد من هذه الإجراءات العديد من الجنسيات المختلفة الموجودة بالبحرين، حيث حرصت الأخيرة على أن تقدم أفضل الخدمات الصحية لمواطنيها ولبقية الجنسيات الأخرى المقيمة هنا.
كما أوفت البحرين بجميع التزاماتها الصحية؛ لضمان حياة الناس بمختلف أطيافهم، ولم تتأخر أو ترتبك لفرض نموذجهم المناسب للبلد من حيث الإجراءات الصحية والوقائية؛ لحصر الفيروس بأضيق نطاق ممكن.
ومع تفاعل البحرينيين والمقيمين السلس لهذه الإجراءات، يمكننا أن ندعو الدول الأخرى لأن تتخذ المملكة كنموذج بذلك.
وللأسف لم يكن الكثير من التعاون بيننا وبين البحرين في هذا المجال، ومع ذلك كنا على استعداد للتعاون مع بعضنا بشكل مفتوح، وفي ماليزيا كان تعاوننا مع الجيران ومع المساعدات الأممية كافيا لمواجهة الفيروس، والسيطرة عليه، وأشير إلى أن هنالك آفاقا في مجال صناعة الرعاية الصحية والذي تتميز به مملكة البحرين.
كم عدد الطلبة البحرينيين الدارسين في ماليزيا؟ وهل هنالك توجه لفتح جامعات أو أكاديميات ماليزية في البحرين؟
في هذا المجال تحديداً، يجب علينا أن نركز جهودنا لتنميته بشكل كبير، ولقد كان عدد الطلاب بالسابق مرتفعاً نسبياً من 200 إلى 300 طالب بحريني، ولكنه مال للنزول ليصل إلى 80 طالبا فقط.
وقد يرجع ذلك إلى أن مجال الاهتمام الدراسي للتخصصات المتوفرة بماليزيا قد تغير كأولوية بالنسبة للطالب البحريني، وهنا يقع دورنا بأن نطلع على التخصصات المطلوبة للبحرينيين؛ لكي نركز عليها كالعلوم الطبية، وأن ندفع بتقديم المزيد من التسهيلات الدراسية بهذا الشأن.
وعن أهم التخصصات التي يرغب بها البحرينيون في ماليزيا، فهي الاتصالات والتكنولوجيا، والهندسة، وعلوم الحاسب الآلي، ومجالات العلوم المختلفة، والدراسات العليا.
أما بالنسبة للتعاون لفتح فروع للجامعات الماليزية في البحرين، لا يوجد توجه لذلك الآن، ولكننا نعمل لخلق تعاون بحثي وأكاديمي بين جامعات البلدين، يشرف عليها خبراء متخصصون، منها البرامج الخاصة بكوفيد 19.
ومن خلال لقاءاتي مع عدد من المختصين الأكاديميين، فإن الاهتمام بهذا الأمر هو عالي المستوى من قبل الجانب الماليزي.
كم هي نسبة التبادل التجاري بين البلدين؟ وهل هي بمستوى الطموح؟
حجم التبادل التجاري بحدود 600 مليون دولار، وهو ما يعتبر نسبة منخفضة، ويبدو أننا لم نركز على مجالات التعاون الاقتصادية المناسبة، ومعظم التبادل التجاري بين البلدين هو بمجالات التصنيع.
كما أن هنالك تعاونا واضحا في مجال تصدير واستيراد المنتجات الغذائية، ولكن هنالك المزيد من الفرص التي علينا استكشافها منها المجال الإنشائي، والذي كان منتعشا بالسابق، كما يجب أن نستكشف الاهتمام البحريني لتوفير بنية تحتية متطورة.
وعلينا كممثلين للشأن الماليزي أن نسوق للمستثمر الماليزي الحوافز التي توفرها حكومة البحرين بهذه المجالات، وأن نعمل بذلك مع القطاعين الحكومي والخاص.
إلى أين وصل التبادل الثقافي، وهل هنالك مشاريع ثقافية قادمة بين البلدين الشقيقين؟
الطبيعة الثقافية التي تتمتع بها البحرين تستدعي الاهتمام والدراسة، ولقد نجح المسؤولون عن هذا القطاع بتقديم الثقافة البحرينية بكل احترافية ومهنية، وهذا الأمر بحد ذاته يحيلنا إلى طبيعة الشعب البحريني وثقافاته المتنوعة، والتي هي نتاج كون البحرين مرفأ مهماً منذ الآلاف السنين، وكذلك ماليزيا.
ومثل هذه الشعوب تتفهم الاختلاف ما بين الناس، وتعزز ثقافتها باحتواء الآخر، والقطاع الآثاري في البحرين بارز، وعلى الماليزيين أن يزورا المزارات السياحية الأثرية في البحرين.
ولقد قمنا في السابق بتقديم عروض عن الثقافة والتاريخ الماليزي في البحرين، وننوي تكرار ذلك، ويمكننا أن نبرز عروضا راقصة أو النتاج السينمائي الماليزي، وهو ما يحتاج إلى جهد محنك، خصوصاً وأن التعاون بيننا لا يركز على القطاع الدبلوماسي بشكل أساس.
وأعتقد أيضاً بأننا يجب أن نعتمد على آليات مختلفة لإبراز الثقافة الماليزية ليس في البحرين فحسب، وإنما بالمنطقة ككل، خصوصا وأن هنالك صورة نمطية بأن الثقافة الماليزية هي شبيهة بجيرانها.
ما أهم الصناعات والواردات التجارية بين البلدين؟ وهل هنالك آفاق لفتح المزيد من التعاون الاقتصادي؟
بالطبع هنالك مجالات عديدة، تشمل قطاعات صناعية تجارية وإنتاجية متعددة، وفيما يتعلق بالقطاع التجاري، فلقد لاحظت بأن المنتج الأبرز المصدر من البحرين لماليزيا هو الألمنيوم.
وبهذا القطاع تحديدا أن نعمل من خلاله على تنويع الصادرات إلى ماليزيا، وكنا نرى بأن البحرين ترغب بتوسيع صناعة التصدير مع وجود الإمكانات والفرص، وهو ما ننوي عمله تلبية للاحتياجات المتبادلة.
وبالتزامن مع ذلك، فإننا ندعو المستثمر البحريني للاستثمار في قطاع التكنولوجيا الماليزي، حيث إن لدينا في ماليزيا العديد من مراكز تكنولوجيا المعلومات، كما أن الدولة تحفز المستثمرين في هذا القطاع.
هنالك 14 ولاية بماليزيا، كل ولاية منها تقدم محفزات مختلفة للمستثمرين المحتملين، مع تنوع المنصات الصناعية العاملة، ونحن بالسفارة نرحب بالمستثمرين البحرينيين لاستكشاف الفرص الاستثمارية في ماليزيا، والعكس صحيح، فهي عملية تبادلية تحتاج إلى شركاء حقيقيين من كلا البلدين.
كم عدد الماليزيين الموجودين في البحرين؟ وما أهم القطاعات التي يعملون بها؟
كان عددهم بالسابق بحدود 800 شخص، ولكن هذا الرقم انخفض الآن إلى ما بين 300-500 شخص، ويتركز عمل الخبراء الماليزيين بالبحرين (تاريخيا) في القطاع العام، كمهندسين مدنيين وتشغيليين، تجاوزت فترة عمل البعض منهم الخمسة عشر عاماً، كما يعمل البعض منهم بقطاعات الأمن والاستثمار التكنولوجي والاتصالات.
هل ترون بأن التحديات السياسية والأمنية في المنطقة تتطلب تعزيز المزيد من التعاون الإسلامي؟ كيف تنظر ماليزيا لذلك؟
مفهوم التعاون الإسلامي يجب أن يصب في تفهم الآخر، واحتوائه، لطمأنته وعدم انتشار ما يسمى “الإسلام فوبيا”. أما بالنسبة لقطاع الأمن، فلا يمكننا أن نوازن ما بين الأمن والقطاع الديني، وعلينا التمييز بينهما بشكل حاسم.
الدين يمثل نمط حياه، في حين أن الأمن هو عبارة عن استجابة لتهديدات واحتياجات، وعلى العالم الإسلامي أن يتعاون مع الجميع في هذا الأمر، فهو أمر متبادل ومفهوم للجميع.
وعلينا أن نكون مبادرين لزيادة الوعي والتفهم بهذا المجال، خصوصا للأجيال الناشئة، ليعبروا عن ثقافاتهم الإسلامية دون أن يثيروا مخاوف الآخر منهم، وبغض النظر كونهم متواجدين بهذه المنطقة، أو بأي مكان آخر، كما هو حاصل معنا في ماليزيا، حيث لدينا ثقافات متعددة، وأديان متعايشة، وكما ألمس ذلك في البحرين، فالمبادرة بالفهم الصحيح لنماذج التعايش الصحيحة هو المفتاح للكثير من المشكلات، ناهيك أن توحد العالم الإسلامي يضمن أمنه وسلامته، واحترام الآخرين، بأن يطوروا آليات متفهمة للعمل معاً.
كيف تنظرون لمحاولات التغلغل في الثقافات العربية والإسلامية عبر المنصات التلفازية العالمية والمعاهدات والمواثيق الدولية والتي تتغلف بالشأن الحقوقي؟
المجتمع الماليزي يستجيب كما هو حاصل بالمجتمع البحريني من خلال عدد من العناصر المتشابكة والمتفاعلة، وهنالك أدوات للتعاطي مع الشأن الدولي، كما هو المعمول به بالعديد من الدول العربية والإسلامية.
وتكمن الحساسية تجاه القرارات الدولية في هذا الشأن، بأنك إذا ما أصبحت عضوا في مثل هذه الاتفاقيات، فعليك الالتزام بما جاء بها من قرارات وتوصيات، ومع ذلك فإن القوانين والتشريعات المحلية تحدد آليات تطبيق هذه القرارات محلياً.
وفي سياق التزام ماليزيا بمثل هذه القرارات الدولية، نحن لسنا أعضاء فيها، لكننا نعكف على دراستها؛ لأن هنالك العديد من العوامل الحساسة التي يجب علينا أن نأخذها في الاعتبار.
وأتفهم تماماً بأن البعض ينظر إلى الالتزام بمثل هذه المعاهدات بنوع من النقد، وبالمقابل، فإن هنالك نقد للجانب الآخر لعدم توفيه التزاماتك بهذا الجانب، وعلى الجميع أن يتفهم الخصوصيات المحلية التي لا يمكن أن تترجم بذات النمط والتوجه.
وفي حال صدرت قرارات دولية مطلوب الالتزام بها، علينا أن نبين الرؤية الإسلامية ورؤية أوطاننا لنمط التطبيق لمثل هذه القرارات، والتي تحمل عناصر يمكن للدولة الإسلامية أن ترفع الصوت بشأنها، ولا يستدعي ذلك حدوث العزلة الدولية أو المحاصرة لأي دولة، بقدر التفهم لخصوصيتها.
كلمة أخيرة.
أشكر صحيفة البلاد على إتاحة هذه الفرصة لي لأقدم نفسي للشعب البحريني، وكسفير لماليزيا في مملكة البحرين أود أن أركز على القطاع الاقتصادي بصفة خاصة ومهمة، وأن نتواصل إلى إيجاد علاقات ما بين الناس، وهو عنصر مهم لتقوية جسر العلاقات ما بين ماليزيا ومملكة البحرين.
وبالرغم من متانة العلاقات ما بين البلدين، فأننا نريد أفرادا أقوياء يعبرون الجسر ما بين البلدين، وأحب أن أكرر رسالتي للمستثمر البحريني؛ لكي نرى علاقات استثمارية جديدة ومتنوعة.