سأضع بين يدي القارئ الكريم جانبًا مهمًا مما أفاض به علينا المشروع الإصلاحي لصاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى حفظه الله ورعاه، ونحن نعيش الذكرى الحادية والعشرين للتوقيع على ميثاق العمل الوطني، ألا وهي الشراكة المجتمعية.. فهناك حاجة لترسيخ أركانها من جديد، ودواعي الحديث هنا هو قراءتي المتكررة مرارًا وتكرارًا لتصريح معالي وزير الداخلية الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة حفظه الله، ورأيت فيه أنا وغيري الكثير من الدلالات التي يجب أن نقف أمامها لمدة طويلة لفهم أبعادها.
لقد شدد الوزير في تصريحه على قضايا راهنة ومهمة ومصيرية اختصرها في هذه العبارة ولنتأملها بشكل متأن هادئ:”المجتمع البحريني، والذي يعتز بالثوابت الوطنية الراسخة، لا مكان فيه لمن يحاول شق الصف والمساس بالسلم الأهلي، فليس هناك صوت يعلو على الوحدة الوطنية والنسيج المجتمعي المترابط، وإن حماية أمن المجتمع وسلامته، أولوية أمنية ومجتمعية في إطار مواجهة مختلف الظروف والتحديات”، بالطبع، هناك من الزملاء والنخب المثقفة من الإخوة والأخوات من تناول التصريح ومضمونه في عدة مسارات، ولكل منهم رأيه وتحليله واستنتاجه، لكن الغالبية متفقة ومجمعة على أن التحولات والمتغيرات والظروف والمراحل التي مررنا ونمر بها، بكل ما فيها من إرهاصات وبكل ما شهدته من توافقات واختلافات، وبكل ما يمكن أن ينطوي تحت “الصح والخطأ”، فالمسؤولية الوطنية تبقى هي الالتزام الوطني وهي الحائط القوي الذي يصد الأخطاء عن مجتمع وبماذا؟ بالمزيد من تعزيز أنماط الاعتدال والتسامح واحترام الآخر ونبذ العنف والكراهية.
لم يكن من الصعب المرور على فترات من تاريخ البلاد: في الثمانينيات ومنتصف التسعينيات والألفية الجديدة وما بعد العام 2011، ولا ضير في أن نعود لنخضعها للبحث والمراجعة واستخلاص النتائج والاستعداد للمستقبل بنظرة قائمة على البحث العلمي، فالمبادرات الوطنية لم تتوقف، والأميز والأجدى أن معالي الوزير كان من ضمن كبار المسؤولين في الدولة ممن وضعوا المبادرات للحفاظ على الوطنية، ولهذا، أمام تصريح معالي وزير الداخلية، وفي غمرة ذكرى ميثاق العمل الوطني: ستمضي السفينة “البحرين وربانها جلالة الملك حمد بن عيسى”.. لا توقفها العواصف، بل ستطوع العواصف لوصول الجميع إلى بر الأمان.