+A
A-

مقال في صحيفة النهار اللبنانية عن برنامج صحيفة البلاد "خارج مضابط الميثاق" مع السيد جمال فخرو

لم يكن يوماً عادياً، 14 شباط (فبراير) 2001، عندما ذهب البحرينيون للتصويت على "ميثاق العمل الوطني"، وهو الوثيقة الدستورية التي شكلت تأريخاً فاصلاً بين مرحلتين، بمشاركة نحو 90.3% من الأفراد الذين يحق لهم التصويت، وكانت النتيجة "نعم" بما نسبته 98.4%، في عملية شاركت فيها فئات مختلفة من المجتمع، بمن في ذلك شخصيات توصف بأنها من صقور المعارضة، وبعضها كان للتو خرج من السجن أو عاد من المنافي!


إذاً، كان "ميثاق العمل الوطني" بمثابة المرجعية التي تم التوافق عليها، والتي تنظم العمل السياسي في البحرين، وهو الوثيقة التي لم تكن لتبصر النور لولا الإرادة الملكية الصريحة من الملك حمد بن عيسى آل خليفة، الذي عمل شخصياً على التحضير لإجراء تغييرات هيكلية، تعيد العمل بـ"البرلمان" الذي عُطل لسنوات، وتفتح المجال لإطلاق الموقوفين، وعودة المبعدين والمعارضة من الخارج إلى مملكة البحرين.


لقد كان الملك حمد بن عيسى معنياً بأن يؤسس لاستقرار سياسي واجتماعي وتنمية اقتصادية. لذا، لم يجد حرجاً في الاستماع للأصوات "الناقدة"، بل ذهب الى أبعد من ذلك، والتقى شخصيات من المعارضة في الخارج، كما أشار الى ذلك نائب رئيس مجلس الشورى البحريني، جمال فخرو، في الحوار الذي أجراه معه الوزير السابق عبد النبي الشعلة، ونشرته صحيفة "البلاد"، في شباط الجاري.


فخرو تحدث بمعلومات تاريخية، بوصفه شاهداً على المرحلة، وأحد أفراد اللجنة التي تشكلت من 44 عضواًٍ، برئاسة وزير العدل والشؤون الإسلامية السابق الشيخ عبد الله بن خالد آل خليفة، والذي أدار النقاشات والعمل بسلاسة وشفافية ومن دون قيود، كما أوضح فخرو في لقائه.


الذي يجب التوقف عنده في السرد التاريخي الذي قدمه جمال فخرو، هو ما وراء المعلومات، أو الذي تنبئ به، والذي تكشفه، وما بين سطورها، لأن ذلك هو المهم، فهو يكشف عن إرادة ملكية تلاقت مع تطلعات لدى الشعب، وأفكار لدى النخبة السياسية والثقافية والاقتصادية، وكان التعاون والحوار الشفاف الصريح البعيد من الإقصاء أو الطائفية أو الخصومات، هما الطريق لإنجاز "ميثاق العمل الوطني"، وهي الروح التي يحتاجها المجتمع لتجاوز تداعيات ما بعد عام 2011، والتي لم تحسن الكثير من الفعاليات قراءتها أو العمل وفقها، بحيث تصنع أطر عمل متجاوزة للطائفية وقادرة على تقديم رؤية تبني على مكتسبات "الميثاق" وتطوره، وتكون تحت مظلة "الدولة".


الملك حمد بن عيسى آل خليفة، في لقاءاته مع المعارضة، كان يريد دفع الجميع نحو المشاركة في بناء المشروع الجديد. والمعارضة في دعمها لـ"الميثاق" كانت تؤكد وعيها بأهمية المرحلة وضرورة التخفف من أعباء الماضي، والعبور إلى المستقبل.