العدد 4885
الإثنين 28 فبراير 2022
banner
اللغة الأم... لغة الوطن
الإثنين 28 فبراير 2022

الإنسان الذي يولد في بيئته الجغرافية الطبيعية ويعيش تحت كنف أسرته، فيتعلم لغته الأصلية منها والعادات والتقاليد، وقد يولد الإنسان في أسرته الأصلية إلا أن هذه الأسرة قد تعيش في دولة أجنبية، إلا أن الأسرة تتحدث مع أبنائها بلغتها الأصلية بجانب لغات تلك البلدان، فلغة الإنسان الأصلية جزء من هويته الشخصية والاجتماعية والثقافية والوطنية، وإذا ابتعد عن لغته سيجلب انعكاسًا سلبيًا عليها، وقد يتخلى عنها شيئا فشيئًا وينتسب إلى المجتمع الذي ُولد وعاش فيه. وإن أراد أن يتكلم بلغته الأصلية فيصعب عليه ذلك، وقد يستغرق سنوات ليكون بمستوى نظرائه من الناطقين بلغته الأم، فالإنسان في وطنه يعيش في فضاء لغوي صحيح، تحدثًا وتعلمًا وحياة، فينمو طفلًا فشابًا متحدثًا بلغته، وهي تجربة اجتماعية ثقافية يستقي فيها معالم الحياة التي يريدها.

وفقدت اللغة العربية الكثير من كفاءتها لعدم تحدث أهلها في مختلف الدول العربية بقواعدها الأساسية، من جانب آخر من أراد التوظف في الأقطار العربية عليه أن يُجيد إحدى اللغات الأجنبية تحدثًا وكتابة، كما أن المدارس الخاصة والأجنبية لا تستخدم اللغة العربية في مناهجها، فلغة الأم ليست فقط كارتباط ثقافي وتعليمي وقيمي بقدر ما تعني الانتماء إلى الوطن، فبها يُعبر بطلاقة عن ذاته لأنها جزء من هويته التي لا يمكن أن ينسلخ عنها، والميراث الذي اكتسبه من عائلته وسيعود لاحقًا إلى أبنائه وأحفاده.

اللغة العربية التي أبهرت العالم بفصاحتها وقوة بلاغتها وحُسن جمالها، هي تعبير صادق عن هويتنا العربية، فالكثير من الأبناء لا يهتمون بها، وبدأوا يتحدثون باللغات الأجنبية، وإن كان تعلم هذه اللغات قد ساهم في التواصل الفاعل مع الشعوب الأخرى الذي بسببه تحول العالم إلى قرية صغيرة كثرت فيها المؤثرات والتفاعلات مع ما هو أجنبي، ولا يمنع أن يستعين الإنسان بأكثر من لغة كثقافة عامة وللتعامل مع الآخرين وفي المجال العلمي والتجاري.

التخلي عن قواعد اللغة العربية وأصولها أدى إلى إضعافها، كما أن ضعف اللغة تبين في افتقار هذا الجيل القدرة على الكتابة بلغتهم الأم، فلننهض ولننقذ ما تبقى من أصول وقواعد لغتنا العربية.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .