العدد 4887
الأربعاء 02 مارس 2022
banner
ابتعد عن الصناديق المغلقة
الأربعاء 02 مارس 2022

هل تعلم أيها القارئ العزيز أن الكثير من السطور البرمجية التي تنظم حياتك تعمل كصناديق سوداء.


نعم، الكثير من البرمجيات التي نعتمد عليها في حياتنا – للأسف - مغلقة المصدر، فذلك يعني أن الشركات والأفراد التي تقوم بكتابة البرامج هي الوحيدة القادرة على رؤية شفرة المصدر وتعديلها، معنى هذا الشيء في قمة البساطة، فذلك يعني أنك تعيش تحت رحمة هذه الشركات والأفراد عند استخدامهم لرخص تحقق هذا الشيء، وبهذا لن يكون لديك القدرة على تحسين وتعديل تلك البرمجيات حتى ولو كان عندك المهارة الفنية، أهلًا بك في عالم “احتكار الموردين”، عالم يعشقه الموردون.


بعيدًا عن الدراما، مفهوم “احتكار الموردين” يمثل مصدر إزعاج لا ينضب لأي منظمة تعتمد على ما نسميه بالبرمجيات، حيث إن المفاتيح، والشفرة المصدرية، والخبرات تتوافر لتلك الشركات التي تقوم بكتابة هذه الشفرات، وما المانع في ذلك، حيث إن ذلك من حق هذه الشركات في النهاية، أنا شخصيًّا أتفهم ذلك، ولكن الواقع أثبت لنا أن هذا النموذج ليس عمليًّا لدى الكل ولأي وقت.


مثال مهم لهذا الواقع هو أن العديد من البرمجيات المهمة والمؤثرة على حياتنا (حرفيًّا) قد لا تخضع إلى الكم المناسب من التدقيق والفحص من ذوي الخبرة، فهل تعلم أيها القارئ العزيز أن معظم الشركات التي تصنع “أجهزة تنظيم دقات القلب” (Pacemaker) لا تسمح لأحد بالتدقيق في شفرة المصدر، وهذه الأجهزة تعمل داخل أجسامنا ولها القدرة حرفيًّا على إيقاف حياتك، مرة أخرى، أهلًا بك في عالم “احتكار الموردين” في أشد وأدنى حالاته.


ما أريد أن أشارككم به يا قرّائي الأعزاء هو ما يسمى بالبرمجيات مفتوحة المصدر “Open Source”، حيث إن الفلسفة التي تقوم عليها هذه البرمجيات في غاية البساطة، وذلك أن البرمجيات مفتوحة المصدر هي أفضل لجميع البشر، فهي آمن وأفضل أداءً وأكثر مرونة، حيث إن المصدر متوافر للجميع وهو ليس حكرًا على أحد معين، وذلك يقوم بالسماح لأي أحد بقراءة المصدر وفهمه، والتعديل عليه، وتغييره، والانتفاع منه على عدة أصعدة، فالفكرة الرئيسة هو الوصول إلى برمجيات أفضل.


الجانب الإيجابي من هذه الفلسفة هو أن العديد ممّا نعتمد عليه في حياتنا اليومية قائم على العمل الرائع الذي تمت صناعته في مطابخ مفتوحة المصدر، فنظام اللينكس الذي يعمل بوساطته جهاز هاتفك المبني على الأندرويد، والخوادم السحابية، وأجهزة المستشفيات وبعض الأنظمة والمركبات الفضائية هو مثال حي على قوة وأهمية هذه الفلسفة، فلسفة فتح المصدر.


وختامًا أتمنى أن أرى مشاركات محلية على مستوى المشاريع مفتوحة المصدر، فحان الوقت أن نقوم بالمشاركة وتغيير تلك الشفرات العالمية إلى الأفضل، وليس للانتفاع فقط.


أيها المدرّسون والمعلمون والجامعات، هل تسمعوني؟ هل أنتم هنا؟

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية