+A
A-

أرفض الاستسلام لقيود الآخرين ولعب دور الضحية

يقول واين داير في كتاب "تول السيطرة على حياتك"، عاد صبي صغير يدعى تومي إلى منزله قادماً من المدرسة وسأل والدته: ما هو داء الإسقربوط؟ فكانت الأم مرتبكة وتساءلت لماذا تسأل هذا السؤال؟ فرد تومي وقال: لقد سمعت معلمتي تقول عني للمديرة أنني مصاب بداء الإسقربوط في الفصل. فاتصلت والدة تومي بالمدرسة واستفسرت عن الأمر، فضحكت المديرة وقالت: كلا، قالت المعلمة أنه مصدر إزعاج في الفصل فقط.
من هم الأشخاص الذين يوصفوا بأنهم مصابين بـ"داء الأسقربوط"؟ إنهم الذين يتمتعون بالاستقلالية، والتمرد ولا يقوموا بالأشياء تلقائياً لكي يوافقوا خطط ورضا الآخرين، بل يعيشون حياتهم بالطريقة التي يختاروها".
كل شخص لدية حرية العيش بالطريقة التي يختارها، لذلك عليك أن تكون متمرداً بعض الشيء، عليك أن تكون مستعداً للدفاع عن نفسك، أي أن تكون مزعجاً لهؤلاء الذي لديهم رغبة قوية في التحكم بسلوكك، وأن تتصرف على سجيتك، دون أن تسمح للآخرين بالتفكير نيابة عنك، لست بحاجة أن تكون ثورياً، بل مجرد إنسان يقول للعالم، ولكل من فيه "سأكون نفسي وسأقاوم أي شخص يحاول إعاقتي" وبعدها ستشعر بالرضا والسعادة في حياتك ولن تكون ضحية.

معنى الضحية
الضحية هنا ليست بمفهومه المعروف أي الشخص الذي تعرض للاستغلال في نشاط إجرامي، بل هم الأشخاص الذين لا يسيطرون على حياتهم، ويتركوا هذه المهم لآخرين، لأنهم يشعرون غالباً بأنهم غير أذكياء، أو ضعفاء، لذلك يسلمون مصيرهم لشخص أذكى وأقوى، بدل من مواجهة المخاطر، وهنا قد يقول بعضهم أن حريتك أنانية ويساهمون في شعورك بالذنب.

كيف تكون حراً؟
يقول الفيلسوف "ابكتيتوس" عن الحرية قائلا: " ما من امرئ حر، إن لم يكن سيد نفسه".
لا أحد تقدم له الحرية على طبق من فضة، لا بد أن تصنع حريتك بنفسك. إذا أعطاها أحدهم لك، فهذه ليست حرية على الأطلاق، بل هي صدقة من شخص سيطالبك بثمنها، أن أفضل طريقة لتحقيق الحرية في حياتك أن تتذكر لا تعتمد اعتماداً كاملاً على أي شخص آخر غير نفسك، عندما يتعلق الأمر بتوجيه حياتك. أو كما قال "إيمرسون في مقاله له تحمل عنوان الاعتماد على الذات:" لا شيء يمكن أن يجلب لك السلام إلا نفسك.
حريتك يعني أن تدير حياتك كما تختار، وأن تكون حراً في الخيارات التي تتخذها، وفي العيش كما يحلو لك، دون ان يتعارض ذلك مع حرية أي شخص آخر.

لماذا نعيش دور الضحية؟
عندما كنت طفلاً كان الآخرون يمارسون نفوذهم عليك، ويتحكمون في حياتك باستمرار وعندما كنت تشكو من ذلك، كنت تعلم أن ليس بيدك أي شيء، ولا تستطيع دعم نفسك، ولا يوجد بدائل متاحة لك، وعندما كنت تحاول ان تبتعد، فترى كم أنك عاجز وأنت وحدك، لذلك كنت تنصاع لهذا البرنامج، وترضخ لقبول واقعك. لذلك كنت تشعر أن سيطرة الآخرين عليك أمراً منطقياً لأنك كنت عاجزاً من تنفيذ رغباتك. وبعدما أصبحت بالغاً ربما لاتزال تحمل العديد من العادات المتبقية من مرحلة الطفولة والتي كان لها دور كبير أن جعلت منك ضحية سهلة، ولهذا ربما تجد نفسك تخضع لسيطرة شخص ما وتصبح معتاداً على ذلك.

لماذا يجب أن نتخلص من عادة الخضوع؟
لكل فرد حياة فريدة من نوعها مختلفة عن حياة غيره، فلا يمكن لأحد أن يعيش حياتك ويشعر بما تشعر به ويعيش بروحك وينظر للعالم بنفس طريقتك، هذه هي الحياة الوحيدة التي ستحصل عليها، وستكون خسارة فادحة أن تسمح للآخرين باستغلالها، فمن المنطقي ان تحدد الطريقة التي ستعيش بها الحياة، وأن هذه الطريقة ستجلب لك سعادة التحكم في حياتك. وليس ألم الشعور بالخنوع والقيد.

كيف تتخلص من الشخصية المتحكمة؟
حاول تقييم أي موقف من المحتمل أن تتحول فيه إلى دور الضحية، أي حاول تقييم المواقف التي تعرضت لها، واستخدم نوع جديد من الذكاء يحميك من التعدي على حريتك، و أن تقييم المواقف الحياتية لا يعني فحسب الحذر، بل وضع مجموعة من الخطط وتنفيذها.
وانتبه للجمل والأفكار التي تتحدث بها مع نفسك مثال على ذلك:
"أعرف انني سأخسر" أن هذا النوع من التفكير سيضمن لك دائماً مكاناً في قائمة ضحايا أي شخص، إذا قررت أن تؤمن أنك ستفوز فلن تستسلم لفكرة الخسارة.
"أتمنى أن لا يصبوا غضبهم عليّ" سوف يوضح شعورك هذا بالقلق بشأن غضبهم وأنك مرة أخرى ستخضع لسيطرتهم، وما أن يعرفوا نقطة ضعفك وخوفك من غضبهم سيستغلون ذلك للسيطرة عليك كل ما أتيحت لهم الفرصة.
"أشعر بالاستياء من مواجهة أحد من هؤلاء الأشخاص" لا تسمح لنفسك أن تشعر بالاستياء. وغير هذا إلى “أرفض أن اسمح لشخص آخر أن يتسبب لي في الشعور بالاستياء، وبدوري لن أجعل نفسي أصاب بهذا الشعور".
الثقة بالنفس دور مهم، من قلت مكانته لا يحصل على فرص، إذا كنت تنظر لنفسك بهذا المنظور فأنك تضع نفسك بالجانب الخاسر، وفي المقابل وضعت الشخص الأخر في مكانة كبيرة. ثق بنفسك وتعامل مع المواقف وأنت تؤمن بنفسك.
"أخشى أن أجرح مشاعرهم إذا فعلت ما أريد"، هذا الكلام سيؤدي بك دائماً إلى أن تصبح ضحية، إذا كان يعرف الاخرون يستطيعون السيطرة عليك من خلال إخافتك بجرح مشاعرهم.
"قد يعتقدون أنني غبي إذا أخبرتهم بما فعلته"، لقد جعلت رأي شخص أخر بك أكثر أهمية من رأيك بنفسك، والشخص الذي يسيطر عليك يعرفون أنك لا تريد أن ينظر إليك على أنك غبي، فسيعاملونك دائماً على أنك غبي ليسيطروا عليك.
"سأثبت لهؤلاء الأوغاد بأنهم لا يستطيعون النيل مني"، قد يبدو هذا سلوكاً حاسماً، إلا أن هذا التفكير يوقعك في الخسارة لأن هدفك ليس أن تثبت لأي شخص أي شيء، ولن تستطيع أن تمنع الشخص من استغلالك من خلال الانتقام منه. إذا فعلت لك فأنت تسمح له بالفعل بالسيطرة عليك.
"لا أستطيع أن أتعامل مع هذا الأمر بمفردي سأحضر شخصاً لا يخشى فعل ذلك من أجلي"، أن هذا التصرف لن يعلمك شيئاً، وسيعوقك من بناء شخصيتك المستقلة إذا سمحت للأخرين بخوض معاركك بالنيابة عنك. لأنك ستتهرب من معاركك وستعزز من خوفك من أن تكون نفسك.
"ينبغي أن لا يفعلوا هذا، هذا ليس عدلاً" سيتصرف الناس بطرق غير عادلة، وعدم إعجابك بهذه الطرق أو حتى شكواك منها لن تمنعها، أنسى تقييماتك الأخلاقية بشأن ما ينبغي ألا يفعلوه وبدل من ذلك قل: "أنهم يفعلوا ذلك وسأوجههم بطرق ما حتى لا يكرروه ويحاولوا فعله مرة أخرى".
إذا كنت لا تريد أن تعيش دور الضحية قيم نفسك وثقافتك وتنبأ بذكاء، وتخلص من الشكوك الذاتية من خلال زيادة ثقتك بنفسك، تطبيق أكثر من خطة للتخلص من المتسلطين، رفض أن تشعر بالعجز والفشل في التقدم بما تحرزه، المثابرة لتحقق ما كنت تسعى إليه وكن واثق أنك ستنجح فيه بحسب فوربس .
المؤلف واين داير:
هو المؤلف الافضل مبيعاً لعشرين كتاباً، وحاصل على الدكتوراه في الاستشارات النفسية، ويلقي محاضرات في جميع أنحاء البلاد، ويظهر على محطات الإذاعة والتلفزيون.