لا أتذكر عدد المرات التي تطرقت فيها للتجاوزات في إدارة الأوقاف الجعفرية، كان ذلك قبيل سنوات بيد أنّ رد الإدارات المتعاقبة يتلخص في عبارة واحدة.. إنكم تبالغون جدا وتحولون الحبة إلى قبة، وقطرة الماء إلى محيط، وها نحن اليوم أمام واحدة من القضايا بالغة الأهمية والتي أماطت اللثام عنها لجنة التحقيق البرلمانية، والذي يدعو إلى الأسى والألم أنّ المبالغ قدرت بالملايين، وحدثت في عهد مجلس الإدارة الحاليّ وللأسف أنها تمت خارج البحرين وبطرق مخالفة للقانون تمثلت في صكوك عقارية في إحدى الدول، وبحسب اللجنة بلغت 15 مليوناً. 
سؤالنا هنا كيف أقدمت الأوقاف على عمليات الاستثمار بهذا الحجم الخرافيّ من الأموال بطرق تخالف القانون، ثم إنها لم تحصل على أي مسوغ شرعيّ وقانونيّ من الجهات الرسمية يجيز لها استثمار الأموال الوقفية هذه؟ والذي يعرفه القاصي والدانيّ أنّ إدراة الأوقاف لا تملك تخويلا للاستثمار ومهمتها إدارية فقط، إنّ ما يجري اليوم يعيد إلى الذاكرة سؤالا نرى انه جدير بالبحث، وهو أنّ الأوقاف الجعفرية إدارة عصية على الإصلاح، أما المعضلة الكبرى أنّ التجاوزات سمة تنطبق على جميع الإدارات السابقة تقريبا!!
لسنا بحاجة إلى التذكير بأنّ مسلسل الاختلاسات يكاد يكون ديدنا لمن أنيطت بهم إدارة الأوقاف الجعفرية، ولعل قضية اختلاس صندوق التبرعات والنذورات بمسجد الشيخ عزيز والتي تم فصل الموظف المسؤول واحدة لا تبرح الذاكرة، والمفارقة أنّ الإدارة بدلا من الاعتراف بالفضيحة فإنها عمدت إلى التنصل من القضية برمتها، وإذا كان هذا ديدن الإدارة حيال قضايا التجاوزات فإنه لا أمل بأي صلاح ممكن، وإذا شئنا الدقة فإن انتهاج أسلوب التبرير ربما يدفع آخرين إلى اقتراف قضايا مماثلة.
إنّ الأمانة المناطة بها إدارة الأوقاف الجعفرية هي بكل المقاييس ثقيلة ولابدّ من اتباع مبدأ المحاسبة الشديدة حيال كل قضايا الاختلاسات والتجاوزات لا العمل على لفلفتها ومحاولة غض الطرف عنها ناهيك عن كون الإدارة تماطل في تلبية النداءات المطالبة بالشفافية.