العدد 4906
الإثنين 21 مارس 2022
banner
في “الناصفة” أحاسيس.. غربلك الله يا “إبليس”!
الإثنين 21 مارس 2022

من أروع الأجواء وأحلى الأوقات وأجمل الأحاسيس تلك التي يعيشها الناس ليلة النصف من شهر شعبان.. “الناصفة” أو “الكريكشون..الكركيعان.. قرنقعوه.. قرقيعان.. القرنقشوه.. حق الليلة”، على اختلاف مسمياتها في دول الخليج العربي والعراق، بل حتى في السودان الشقيق هناك احتفال يسمونه يوم الحارة أو “الرحمتات”، وعلى أي حال فهي ليلة لها أجواؤها الدينية والاحتفالية والاجتماعية منذ القدم، على الأقل بالنسبة لنا في البحرين، وهي موروث تراثي أصيل أيضًا.
ولأن حرية ممارسة المعتقد في بلادنا مكفولة دستوريًّا، فلك الحق في أن تحتفل بمولد الإمام المهدي المنتظر محمد بن الحسن العسكري عليهم السلام، ومن حقك أن تتبرك بليلة تم فيها تحويل القبلة من المسجد الأقصى إلى الكعبة المشرفة، ومن حقك أيضًا أن تحيي الذكرى قيامًا وصيامًا، ومن حقك أن تحتفل وتسعد وتفرح وتشارك الناس من حولك الفرح، إلا أن هناك ممارسين لا يمكن فرضهما على المجتمع فرضًا، وهما ممارستان تشتركان في معاني التزمت والتشدد والتطرف وحضور “إبليس الرجيم غربله الله” محاولًا إفساد فرحة وسعادة الناس:
*الأولى: وهذه أشير إليها بسؤال بسيط لأنها تتكرر كل عام في بعض الخطب والفضائيات والتصريحات :”يا أخي إذا أنت ترى إحياء المناسبة والاحتفال بها بدعة، لم يجبرك أحد على أن تشارك دعك بعيدًا، ولا شأن لك بما يؤمن به الآخر ويعتقد به فلست موكلًا لتفرض حكمًا على من لا يتفق معك.. وإذا كنت لا تريد لأطفالك أن يلبسوا الجديد من الملابس و”يقرقعون” في الفريج، ولا تريد أن تعيش لحظات سعيدة، هذا حقك.. كن بعيدًا.
*الثانية: هي تلك الموضة السيئة للغاية من ممارسات يقوم بها بعض الشباب من تحويل المناسبة الدينية الاجتماعية إلى هوس وجنون ورقص هستيري وفوضى عارمة في بعض الأحياء والطرقات، بل واستخدام بعض الآلات التي تصدر الأصوات المزعجة أو استخدام المفرقعات أو رش الناس بالرغوة رغمًا عنهم، والأسوأ حينما تتعكر أجواء مناسبة دينية اجتماعية جميلة بقيام مجموعة من الشباب هنا بالتفنن في الاستعراض التافه ليحظى بالنشر التافه أيضًا في محتوى تافه تأثروا به مما يشاهدونه في وسائل ووسائط التواصل الاجتماعي، أو يجوب شباب هناك بالدراجات النارية في الطرقات بصخب يرعب الصغار والكبار.. البعض طالب المشايخ بالتصدي لهذه الممارسة حتى لا تصبح عرفًا وتقليدًا يرتبط بالمناسبة وكأن أولئك يستمعون أصلًا للخطاب الديني، والبعض الآخر أيّد تنظيم الاحتفالات بشكل منسّق وبرامج وأنشطة تناسب الاحتفال تشرف عليها فرق عمل من الشباب المقتدرين الذين بإمكانهم، بأسلوبهم اللطيف، منع أي شكل من أشكال الهستيريا والتفاهة المسيئة لأجواء المناسبة، فيما يرى البعض الآخر، وفق تجربته، أن التنسيق مع شرطة المجتمع بما يملكون من قوة القانون من جهة، وأسلوبهم الطيب الاحترافي، نفع في نجاح الاحتفالات.
يا جماعة الخير، هناك من الشباب من يحب افتعال الصدام والفوضى، وبعضهم لا همّ له إلا إحداث “هستيريا” ينقلها على حسابه في التيك توك، وبعضهم لا يفرق بين “الناصفة” و”الهالووين”، وهذا ما لا يناسب تقاليدنا وعاداتنا وليلة ناصفتنا يا شباب.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .