+A
A-

جهود جديدة لإخراج المدنيين من ماريوبول المدمّرة وحظر تجوّل في كييف

في اليوم السابع والعشرين للنزاع في أوكرانيا، أعلنت السلطات الثلاثاء بذل جهود جديدة لمحاولة إجلاء مدنيين عالقين في مدينة ماريوبول الساحلية الجنوبية التي ترزح تحت القصف الروسي، فيما يختبئ سكان كييف الذين يخضعون لحظر تجوّل، في منازلهم.

ليلاً، أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لأول مرة أنه منفتح على "محاولة معالجة كل ما يزعج روسيا ويثير استيائها" مع نظيره فلاديمير بوتين "لوقف الحرب"، إذا وافق الأخير على التفاوض مباشرة معه.

ميدانيًا، استمر القصف في بداية الأسبوع على عدة مدن مثل كييف وخاركيف وماريوبول وأوديسا أو ميكولايف.

وأعلن الجيش الأوكراني على فيسوك الثلاثاء أن الجيش الروسي الذي تكبد خسائر فادحة ويواجه مقاومة شرسة، "عزّز وجوده في المجال الجوي الأوكراني" الاثنين. وذكر أنه "إضافة إلى استخدام الطائرات المسيّرة، فإن العدو يستخدم قاذفات قنابل وطائرات هجومية وقتالية وصواريخ بالستية وصواريخ كروز".

وأفادت مصادر في الاستخبارات الأميركية وفق ما نقلت عنها صحيفة "نيويورك تايمز" عن أكثر من سبعة آلاف قتيل في صفوف الجيش الروسي من بدء الحرب.

- "جحيم بارد" -

وقالت نائبة رئيس الوزراء الأوكراني إرينا فيريشتشوك في مقطع فيديو "اليوم (الثلاثاء) نركّز على إجلاء سكان ماريوبول" حيث الوضع الإنساني مأساوي.

ووصف سكان فرّوا من المدينة المدمّرة لمنظمة هيومن رايتس ووتش "جحيمًا باردًا، مع شوارع تنتشر فيها الجثث وأنقاض المباني المدمّرة" و"آلاف الأشخاص المقطوعين عن العالم في مدينة محاصرة"، يختبئون في طوابق سفلية بدون مياه ولا طعام ولا كهرباء ولا وسائل تواصل.

تقول الأمم المتحدة إن الوضع الإنساني هناك "خطير جدا" مع "نقص كبير في المواد الغذائية والماء والأدوية يهدد الأرواح".

وأشارت فيريشتشوك إلى أنه يُفترض فتح ثلاثة ممرات إنسانية الثلاثاء بين ثلاث مدن قريبة من ماريوبول ومدينة زابوروجيا على بعد 250 كلم نحو الجهة الشمالية الشرقية. وأضافت "لن يكون هناك أماكن كافية للجميع" الثلاثاء لكننا "سنواصل عملية الإجلاء بنفس الوتيرة حتى إخراج جميع السكان من ماريوبول".

ونقلت منظمة هيومن رايتس ووتش عن مساعد رئيس بلدية ماريوبول بترو أندريوشتشينكو أن أكثر من مئتي ألف شخص لا يزالون داخل المدينة. وقال إن أكثر من ثلاثة آلاف مدني قُتلوا فيها منذ بدء المعارك، لكن الحصيلة المؤكدة لا تزال مجهولة.

وتقع ماريوبول حيث تقيم غالبية من الناطقين بالروسية، بين القرم ومنطقة دونيتسك الانفصالية (شرق) وتتعرض لقصف روسي منذ أسابيع. رفضت الحكومة الأوكرانية إنذارا وجهته موسكو من أجل استسلام المدينة التي دخلت إليها دبابات روسية وتتواصل المعارك فيها.

ووصف الاتحاد الأوروبي الاثنين "القصف العشوائي" على المدينة الذي "يقتل الجميع" بأنه "جريمة حرب كبرى" وقرر مضاعفة دعمه المالي لشراء أسلحة تُرسل إلى كييف.

من جهته اتهم زيلينسكي روسيا "بتدمير" ماريوبول. وقال مساء الاثنين "إنهم يحوّلونها الى رماد لكننا سنستمر".

في العاصمة، التي تعرّضت لضربة روسية قوية مساء الأحد هي الأعنف حتى الآن استهدفت بحسب سكان ومسعفين مركزًا تجاريًا و أسفرت عن 8 قتلى، دخل حظر تجول جديد حيز التنفيذ الاثنين اعتبارا من الساعة الثامنة مساء (18,00 ت غ) ويستمرّ حتى الاربعاء الساعة السابعة صباحا.

بحسب موسكو، فإن مركز ريتروفيل التجاري الضخم الذي كان "متوقفا عن العمل" كان يستخدم كمستودع أسلحة.

شاهد صحافي وكالة فرانس برس ست جثث انتشلت من تحت الأنقاض وهي لرجال يرتدون بزات عسكرية ما يدفع للاعتقاد بأن جنودا كانوا ينامون هناك.

وقال رئيس بلدية كييف فيتالي كليتشكو الاثنين إن منذ بدء النزاع، "قُتل 65 من سكان كييف المسالمين بينهم أربعة أطفال" وأصيب حوالى 300 شخص بينهم 16 طفلا "في قصف عسكري روسي".

وأشار معهد الدراسات الأميركي Institute for the study of war إلى ان الروس "يحضّرون لنشر المزيد" من المدفعية حول العاصمة التي لم ينجحوا بعد في تطويقها ويواجهون "مقاومة أوكرانية شرسة".

وأفادت النيابة العامة الأوكرانية الثلاثاء أن 117 طفلًا على الأقل قُتلوا في كافة أنحاء البلاد منذ بدء الغزو الروسي. وأضافت أن 548 مدرسة دُمّرت بينها 72 بشكل كامل.

- انشقاق جنود روس -

في شمال شرق البلاد، أكدت هيئة أركان الجيش الأوكراني الثلاثاء أن قرابة 300 جندي روسي انشقوا قرب أوختيركا في منطقة سومي، مؤكدةً أن القوات الروسية لا تملك ذخائر وطعامًا ووقودًا سوى لثلاثة أيام.

في دونباس (شرق)، التي تنشط فيها حركة انفصالية موالية لروسيا منذ 2014، قُتل 124 مدنيًا على الأقل في منطقة لوغانسك، وفق ما أفادت الإدارة المحلية على فيسبوك.

وتحدثت وزارة الدفاع الروسية الثلاثاء عن سيطرة الانفصاليين الموالين لروسيا على عشرات البلدات في دونباس.

استهدف هجوم روسي مساء الاثنين مدينة أفدييفكا المحاذية لدونيتسك في شرق أوكرانيا، ما أسفر عن خمسة قتلى و19 جريحًا، وفق ما أفادت ليودميلا دينيسوفا المكلّفة شؤون حقوق الإنسان في البرلمان الأوكراني.

في مقابلة مع عدة وسائل إعلام بثت ليل الاثنين الثلاثاء، قال الرئيس الأوكراني لأول مرة إنه منفتح على مناقشة مسألة دونباس والقرم مشيرا الى ان أوكرانيا "ستدمر" قبل الاستسلام.

إلا أن الكرملين اعتبر الثلاثاء أن المحادثات الجارية مع كييف ليست "جوهرية" بشكل كاف. وقال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف للصحافيين "هناك عملية ما تجري. نريد  أن نرى (محادثات) أكثر نشاطا، وجوهرية بدرجة أكبر".

وأكد زيلينسكي في المقابلة أن "مسألة القرم ودونباس صعبة جدا للجميع" قائلا "نحن بحاجة إلى "ضمانات أمنية وإنهاء الأعمال العدائية، وحين يرفع الحصار، نتحاور" وذلك بشأن شبه جزيرة القرم التي ضمتها روسيا في 2014 والإقليم الواقع في شرق أوكرانيا حيث أعلن الانفصاليون الموالون لروسيا "جمهوريتين" لا تعترف بهما سوى موسكو.

وأعلن رئيس الدولة أنه يريد التحدث مباشرة إلى نظيره الروسي، محذرا في الوقت نفسه بأن "علينا القيام بكل شيء حتى يعود دونباس وشبه جزيرة القرم إلينا (...) إنها مسألة وقت؟ نعم. لكن وقف الحرب الآن، هذه هي القضية".

فر حوالى 3,5 مليون شخص غالبيتهم من النساء والأطفال، من أوكرانيا منذ 24 شباط/فبراير بحسب للأمم المتحدة.

وجرت جلسات مفاوضات عدة بين كييف وموسكو حضوريًا وعبر الفيديو، منذ اندلاع الحرب من غير أن تفضي إلى أي نتيجة حتى الآن.

وأقر وزير الدفاع الأوكراني أوليسكي ريزنيكوف بأن "الوضع صعب جدا" في مواجهة "عدو متفوق عدديا والتهديد بغزو بري من قبل جيش" بيلاروس، حليفة موسكو.

وبعدما أوحت موسكو بأن أوكرانيا تمتلك أسلحة كيميائية وبيولوجية، اعتبر الرئيس الأميركي جو بايدن مساء الإثنين أن هذا يشكل "علامة واضحة على أن (بوتين) يخطط لاستخدام هذين النوعين من الأسلحة".

في موسكو، أعلنت وزارة الخارجية أن بايدن أوصل العلاقات الروسية الأميركية "إلى حافة القطيعة" عبر تصريحات "غير اللائقة" وصف فيها بوتين بـ"مجرم حرب". وتم استدعاء السفير الأميركي الإثنين.

ومن المتوقع أن تشهد نهاية الأسبوع حركة دبلوماسية مكثفة إذ يشارك بايدن الخميس في بروكسل في قمة طارئة لحلف شمال الأطلسي واجتماع لمجموعة السبع وقمة للاتحاد الأوروبي قبل أن يزور الجمعة والسبت بولندا، الدولة الرئيسية لوصول اللاجئين الأوكرانيين.