+A
A-

كرّمها السيسي.. قصة "مكة الأسوانية" أقدم رائدة ريفية بمصر

قبل 40 عاماً، وتحديداً في عام 1983، زار وفد من منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) قرية في محافظة أسوان (جنوبي مصر) من أجل تنفيذ مشروع خاص بتنمية المرأة الريفية. وطلب الوفد حينها من المعنيين البحث عن سيدة تكون قادرة على تنفيذ المشروع.

في تلك الأثناء كانت مكة عبد الله عبد المولى تجلس خلف آلة خياطة تقدم خدماتها لأهالي القرية وتساعد المحتاجين، بما تملكه من أدوات ولا تشترط عليهم مقابل مادي تاركة التقييم لهم.

ذيوع صيت مكة ومحبتها الكبيرة في قلوب الأهالي جعلا منها المرشحة الأولى لوظيفة يونيسيف، ومنذ ذلك الحين ولمدة أكثر من ثلاثة عقود ونصف العقد، سخرت السيدة الأسوانية حياتها لخدمة المجتمع لتصبح أقدم رائدة ريفية في مصر.

وكما هي حاضرة بين أبناء قريتها في أقصى الجنوب المصري، كان حضورها مميزاً في احتفالية «المرأة المصرية والأم المثالية 2022»، التي نُظِّمت، الأربعاء 23 مارس، بحضور الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، فدار حديث ودي وضاحك بين الرئيس ومكة، وسط احتفاء كبير من الحضور.

تحكي مكة لموقع "سكاي نيوز عربية" عن أهم لحظة في حياتها "احتضنني وأثنى على عملي. أرى جهدي وتعبي وشغفي بالعمل التطوعي حاضراً في واحدة من الاحتفالات الكبرى. مشاعري لا أستطيع أن أصفها من الفرحة".

في سن مبكرة، انفصلت مكة (70 عاماً) عن زوجها، تقول "كانت لديّ ابنة صغيرة. حينها كان لا بد من فرصة مناسبة لتلبية باحتياجاتها. اشتريت ماكينة خياطة ساعدتني كثيراً وكانت بداية الخير الوفير".

وتابعت مكة "لسنوات طويلة واصلت العمل فلم أشترط على الناس الحصول على أي أموال، كنت أحب أن أكون السبب في سعادتهم بملابسهم الجديدة، حتى طلبت مني مجموعة من النساء تدريبهن على الخياطة فوافقت على الفور حتى يتمكنوا من فتح أبواب رزق لهم والعيش بشكل آدمي وفي حياة كريمة".

مسيرة خير

وعن فترة عملها كرائدة ريفية تقول السيدة الأسوانية: "بعد أن وقع عليّ الاختيار، كان عمل النساء محكوماً للغاية، لكنني قلت لنفسي إن المئات منهن يردن مساعدتي ولا بد وأن أكون بجوارهن، وحينها وافقت وبدأت في العمل".

في منزلها خصصت مكة ثلاث غرف لإقامة مشغل للخياطة وتنفيذ المشغولات اليدوية وإنشاء حضانة للأطفال، إلى جانب تنفيذ ندوات توعية للنساء تتناول موضوعات من بينها الآثار السلبية لختان الإناث، وتنظيم الأسرة.

في يناير 2016، اختيرت المرأة السبعينية للانضمام إلى الأعضاء الثلاثين المعينين في المجلس القومي للمرأة (حكومي) بقرار من رئيس الجمهورية، نظراً لدورها المهم في خدمة المواطنين.

تروي السيدة المصرية لموقع "سكاي نيوز عربية": "كنت بمثابة اليد التي تساعد النساء. أقضي حاجتهن إلى جوارهن في المصالح المختلفة. الرائدة الريفية هي رائدة في خدمة المجتمع والناس، ورائدة في المساعدة المجانية ويجب أن يكون تفكيرها منصباً في صالح الخير للجميع".

وتشير السيدة المكرمة مؤخرًا في احتفالية تكريم الأمهات المثاليات: "دخلت أكثر من 2000 منزل وساهمت في مساعدة أهلها بما يريدون، لدرجة أن عددا كبيرا من السيدات يشبهنني بـ(صفية زغلول) زوجة سعد زغلول وسيدة مجتمع لُقِّبت بـ"أم المصريين"- 1876- 1946، التي ساعدت الكثير من النساء في نيل حقوقهن".

ساهمت مكة بدور فاعل في ورش عمل بمختلف المحافظات المصرية وجابت قرى ومدناً عدة وكُرِّمت في أكثر من مناسبة إحداها في الجامعة البريطانية بمصر.

وعن التكريمات التي تلقتها تقول السيدة الأسوانية، قالت "أشعر كثيراً بأنها النور الذي يشير لنا دائماً بأن أعمالنا مرئية، وأن جهدنا تقدره المؤسسات المختلفة، كما أنها تكون الداعم نحو استكمال المسيرة".

وأنهت مكة حديثها مع موقع "سكاي نيوز عربية" قائلة: "طالما كتب الله لي العيش والتنفس، سأستمر في تقديم الدعم لمَن يستحق، وستكون يدي دائماً ممدودة للجميع بالخير، فالعمل التطوعي وخدمة المحتاجين أمر غاية في الرقي والتميّز".