العدد 4920
الإثنين 04 أبريل 2022
banner
مجلس “المحاري”.. إرث من الأصالة
الإثنين 04 أبريل 2022

المجالس الشعبية، من السّمات البارزة التي تُميّز أهل البحرين في أيّة منطقة من المناطق المدنية أو القروية، نظير ما تحظى به من رعاية كبيرة وما تشهده من حضور غفير، وما تستقطبه من شرائح عديدة من كل أطياف المجتمع - البحرينيين والمقيمين - وبما تمثله من فرصة سانحة لترسيخ القيّم المجتمعية الإيجابية بين النشء والأجيال القادمة، واستحضار قيم الآباء والأجداد، وتعزيز الهوية الوطنية والحفاظ على الخصوصية المجتمعية، وإسهامها في تعميق أواصر التلاحم المجتمعي عبر تلك اللقاءات التي تُشكّل الفرص المثالية في التكافل والتعاون وتجسيد الرسائل الإنسانية، بعدما باتت النافذة المهمة لتسليط الضوء على مختلف قضايا المجتمع في فضائها الديني والاجتماعي، وتعزيز اللحمة الوطنية وتوثيق الصلات بين أفراده، وتجسيد بواعث التواصل والتآلف بين أبنائه ضمن "بوتقة" التعاضد والتآخي والتلاحم التي أبقت لها الدور المؤثر على المجتمع البحريني منذ القدم.

تُشّكل المجالس الرمضانية التي تفتح أبوابها لضيوف الرحمن طيلة شهر رمضان المبارك، واحدة من المجالس الشعبية وجزءا مهماً لا يتجزأ من الثقافة البحرينية العريقة، بل وركناً أصيلاً من التراث الأصيل الذي جسّد القيّم والعادات والتقاليد المتوارثة جيلاً بعد آخر، من أجل تعزيز العلاقات الاجتماعية وغرس الفضائل المحبّبة وتقوية النسيج الاجتماعي الذي أخذ يتسع لمفهوم المجلس العائلي إلى نطاق اجتماعي أوسع في تعزيز العلاقات وتبادل المعارف والخبرات وسط أجواء روحانية شكلّت أرضية صلبة من الأخلاق الإنسانية الفاضلة، كمنصةِ عرضٍ للأفكار المبدعة، ومنبرٍ حرّ للرؤى السامية.

نافلة:

لعلّ نظرة سريعة إلى قائمة المجالس الرمضانية العامرة في المناطق القروية على امتداد جغرافية بلادنا البحرين، يأتي مجلس "عائلة المحاري" بمنطقة جنّوسان في المحافظة الشمالية والذي يناهز عمره أكثر من مئة عام (منذ عام 1919م)، وتعاقبت على إدارته شخصيات بارزة من العائلة نفسها، كان آخرها عميد العائلة المرحوم الحاج أحمد بن إبراهيم المحاري بمؤازرة إخوته قبل أكثر من (70) عاماً؛ حيث أسهم هذا المجلس في ترسيخ قيم التسامح والتشارك الديني وعزز أسس التعايش والتلاقي المجتمعي، كما أكدّ في منهاجه على مبادئ الوسطية والاعتدال على مستوى القرية والمناطق الأخرى المُجاورة.

فهو يعدّ من المجالس المعروفة في المنطقة التي كانت تتصدّر على مدار السنة إقامة الخطابة الدينية للملا "حسن عيسى العصفور الدرازي"، والتلاوة القرآنية خلال الشهر الفضيل لصاحب الصوت الجهوري الرخيم الحاج "علي بن مبارك البرباري" آنذاك، كما عُرف عن المجلس إقامة الفعاليات الدينية والثقافية وإحياء ليالي القدر الشريفة، علاوة على إقامة موائد الإفطار والسحور لضيوف الرحمن التي تختتم الشهر المبارك بوجبة الغداء بعد صلاة ظهر يوم العيد التي يؤمّها السيد "علوي حسين التوبلاني" وقتذاك.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية