العدد 4932
السبت 16 أبريل 2022
banner
بسّام الذوادي و"صُنع بشغف"
السبت 16 أبريل 2022

من نافلة القول ان السينما العالمية منذ اختراعها في فرنسا 1895 لعبت وتلعب دورا ثقافيا في منتهى الأهمية في التطور الحضاري لأية دولة في العالم، ونحن مدينون في جزء كبير من نهضتنا الثقافية للسينما منذ دخولها البحرين 1922، حيث تفردت بميزة التوعية والتثقيف الاجتماعي عبر تأثيرها في أوسع فئات الناس، أميين ومتعلمين بشتى مستوياتهم العلمية والثقافية. وبتلك الخبرة المتراكمة طوال قرن من السينما في بلادنا يمكن فهم ما وصلنا إليه من تطور في فن وصناعة السينما، وكان للعنصر البشري بمختلف تخصصاته الدور الحاسم في ذلك التطور.

ويُعد المخرج والمنتج وكاتب السيناريو الصديق بسّام الذوادي واحداً من أبرز الكوادر السينمائية التي أنجبتهم تلك الخبرة التاريخية المتراكمة، وحسناً فعل بأن وثّق تجربته السينمائية في كتاب بعنوان "السينما كما عرفتها"، والذي أهداني مشكوراً نسخة منه، وهو أشبه بالكراس العريض (418 صفحة) ويكاد ينحصر نصه الرئيسي في الفصل الذي تحدث فيه المؤلف بتكثيف ممتع عن بدايات شغفه بالسينما منذ الطفولة حتى يومنا، ونستشف منه ما مر به من مكابدات لتحقيق أحلامه السينمائية. وباستثناء هذا النص وما حفل به الكتاب من عرض لشهادات عنه من قِبل عدد من الكتّاب (خليل الذوادي وأمين صالح وراشد الجودر وحمد الشهابي ويوسف فولاذ)، ونص آخر لمقال قيّم بعنوان "كلام في السينما"، فإن المؤلف بدا-كسينمائي - مولعاً بتوثيق الجزء الأعظم من سيرته الفنية بالصور، حيث شغلت الحيز الأكبر من صفحات الكتاب، وتتناول أعماله السينمائية، ولجان التحكيم التي شارك فيها، وأوجه التكريم التي استحقها من دروع وميداليات وشهادات، ولقاءاته مع المسؤولين، وكذلك صور لمراحل إنتاج الفيلم وغير ذلك.

والحق أن النجاحات التي حققها مخرجنا الكبير الذوادي إنما تعود لعشقه الشديد للسينما، وحرصه البالغ على إنجاز كل أعماله بمنتهى الإتقان والكمال، بما في ذلك كتاباته السينمائية العادية، متوخياً بأن يكون أمينا على ما يخطه يراعه، وعلى سبيل المثال ما إن أسأله عن رأيه في مسلسل أو فيلم، فإذا به يسلمني إياه مطبوعاً، فإن لم تسبق له مشاهدة مسلسل ما فإنه يعترف بذلك ويعدني بموافاتي برأيه لئلا يخيّب طلبي ويفي بوعده.

وإذا كان الشيء بالشيء يُذكر حول تطور السينما البحرينية، فلعل من المناسب هنا تناول المهرجان السينمائي البحريني السنوي للأفلام القصيرة "صُنع بشغف" الذي يحتضنه ويدعمه "مركز عيسى الثقافي"، واختتم أعماله بنجاح في أمسية رائعة نهاية الأسبوع الأول من الشهر الفضيل الجاري، ورغم وصولي وفق الموعد المضروب للفعالية إلا أنني فوجئت باكتظاظ الصالة بالحاضرين، ما اضطر بعضهم لمتابعتها وقوفاً من داخل القاعة وخارجها، وأياً كانت المستويات المتفاوتة قي الثقافة السينمائية للجمهور الحاضر فإن هذا الإقبال الكبير في حد ذاته يثلج الصدر لما ينم عنه من تعطش كبير للأعمال السينمائية، وأن السينما مازالت بخير وتستحوذ على اهتمام الجمهور، لاسيما الشباب منهم، وبدا أن الفضائيات و"السوشال ميديا" لم تزح مكانة الصالات السينمائية.

وبعد توقف لعامين جراء "كورونا" جاءت انطلاقة النسخة الخامسة من المهرجان أكثر قوة، حيث عُرض 11 فيلماً قصيراً، منها 6 أفلام مدعومة، وتوزعت الجوائز على سبع مجالات، أما أبرز الأفلام التي عُرضت: "عروس البحر" للمخرج محمد عتيق الذي فاز بالجائزة الأولى عن أفضل تمثيل (ريما الغريب) و"الحذاء الذي يصغر كل ليلة، الذي فاز بالجائزة الثانية للمخرجة إيمان تقوي و"سلام" للمخرج أحمد أكبر الذي فاز بالجائزة الثالثة، عن أفضل سيناريو، أما عن الأفلام الفائزة بمنحة الإنتاج فهي "ابتدا عصر النخيل" لسوسن مدن، و"سُلب" للمخرجة إيمان الشرخات (جائزة فريد رمضان)، هذا بالإضافة لفيلم "إسعاف"، وجرى تكريم رواد السينما البحرينية: أمين صالح وعلي الشرقاوي وخليفة شاهين. وإذ أعتذر بشدة لمن فاتني ذكرهم أو ذكر أسماء أفلامهم في هذه العجالة السريعة آملا أن تسنح لي الفرصة لعودة ثانية للمهرجان هذا العام، فإني أتوجه بكل الشكر والتقدير للمدير الفني للمهرجان الأخ سلمان يوسف والأخت إيمان جباري اللذين مداني بكل ما يتعلق بالمهرجان من معلومات تكميلية، وأعتذر لهما على اتصالاتي المستمرة اليومية طوال أسبوع في الإلحاح على الحصول عليها بأسرع وقت.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية