العدد 4939
السبت 23 أبريل 2022
banner
الناخبون الفرنسيون بين “النطيحة” و“المتردية”
السبت 23 أبريل 2022

يتوجه غداً الناخبون الفرنسيون إلى صناديق اقتراع الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية، للاختيار بين الرئيس إيمانويل ماكرون الذي من المفترض أنه “وسطي ليبرالي معتدل” عن حزب “الجمهورية إلى الإمام”، وبين ممثلة اليمين المتطرف عن “التجمع الوطني” مارين لوبان، ومثلما أجمع اليسار بمختلف روافده في الانتخابات الرئاسية الأميركية الأخيرة على انتخاب الرئيس سيئ الصيت جو بايدن؛ لتفادي فوز منافسه الرئيس السابق الملياردير اليميني دونالد ترامب، سيجمع تيار اليسار بشتى روافده غداً على انتخاب ماكرون للحيلولة دون فوز لوبان، ويأتي هذا الاختيار من منطلق اختيار “أهون الشرين”، وفي تاريخ انتخابات الديمقراطيات الغربية لطالما لجأ الناخبون إلى خيار “أهون الشرين”، وحتى بالبلدان الأقل عراقة في الديمقراطية يلوذ الناخبون إلى مثل هذا الخيار القسري، أو يقاطعون الانتخابات إذا ما تلاشت آمالهم كلياً في المرشحين، سواء في الانتخابات الرئاسية أو التشريعية، أو لانتفاء ثقتهم في العملية الانتخابية برمتها.
وحينما يُحشر الناخبون للاختيار بين “السيئ” و”الأسوأ” فاعلم أن ثمة خللا ما يعتور المنظومة التشريعية الانتخابية، إذ تكون إرادة الناخبين هنا مقيدة لا مطلقة الحرية، وإلا ما الفرق حقاً بين عنصرية ماكرون وعنصرية لوبان؟ يكفي أن تلجأ إلى مصادر محايدة تستعرض لك ربع ممارساته التمييزية طوال ولايته - الموشكة على الانتهاء - بحق الفرنسيين العرب والمسلمين والأفارقة لتنعته بالعنصرية، ناهيك عن مواقفه تجاه الدول الأفريقية التي استعمرتها بلاده والجزائر والعرب عامةً، دع عنك سياساته المحابية للمليارديرية وكبار رجال الأعمال على حساب الفقراء والطبقة الوسطى وما أدت إليه من تضخم وتردي الخدمات العامة الأساسية وزيادة معدلات البطالة.
أما المفارقة الأكثر مدعاة للغرابة حينما تسمح الآليات الديمقراطية الغربية نفسها للوجوه الدميمة مثل لوبان بالترشح حتى لو لم تخفِ عنصريتها في برامجها وحملاتها الانتخابية، دون أية قيود على ترشحها! أضف إلى ذلك أن إعلام الطبقة الحاكمة قد تمكن مقدماً - استنادا إلى خبراته المديدة - من غسل عقول الناخبين أو “الرأي العام” وتشتيت اهتماماتهم عن القضايا المصيرية الداخلية والخارجية التي تؤثر على مصالحهم المباشرة، وبالتالي سيظل الشعب الفرنسي ضحية العملية الانتخابية ما لم يفق من غيبوبة تغييب وعيه المديدة.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية