العدد 4946
السبت 30 أبريل 2022
banner
فريد شوقي ونجيب محفوظ... كل عام وأنتم بخير
السبت 30 أبريل 2022

في السنين الخوالي من صبانا كانت السينما أمتع الأمكنة التي نحتفل فيها بالعيد؛ لما لها من وقع سحري يداعب مخيلتنا، وكان أترابي يتوزعون على ثلاث فئات: عشاق الأفلام الأميركية، وعشاق الأفلام الهندية، وعشاق الأفلام المصرية، وكنت أنتمي إلى هذه الأخيرة، حيث كانت تستهويني بوجه خاص الأفلام الرومانسية التي يقوم ببطولتها أو يشارك فيها ممثلون كبار، من أمثال: فاتن حمامة ومريم فخر الدين وسميرة أحمد ونادية لطفي وشادية وسعاد حسني وزهرة العلا وماجدة، وكمال الشناوي وأحمد رمزي وعبدالحليم حافظ ورشدي أباظة ومحمود المليجي وإسماعيل ياسين وفريد شوقي، وهذا الأخير أتذكر جيداً واحداً من أهم أفلامه التي شاهدتها غير مرة في دور السينما وفي محطة أرامكو “جعلوني مجرماً”، وإن لم أدرك حينها وأنا في تلك السن الطرية أهميته وقيمته الفنية والمضمونية، وأنه سيصبح بعدئذ من أفضل مئة فيلم مصري، وكان كاتب قصته نجيب محفوظ الذي عرف فريد شوقي عظمته - كروائي كبير ذي خصال إنسانية - من خلال العمل المشترك للتحضير للفيلم إثر استعانته به ليؤدي دوره في الفيلم بمنتهى الدقة (شخصية حسن البلطجي تاجر المخدرات الذي تعيش أسرته المعدمة من كده الحرام)، وكان محفوظ - كما يروي شوقي - دقيقا في الالتزام بمواعيد لقاءاتهما الاستشارية التي اتفقا على أن تكون في “كازينو بديعة”، حتى أنه كان يحضر للمكان قبل خمس دقائق من مواقيتها، ويضيف أنه اتفق معه أيضاً بأن يكون عائد أتعابه من الفيلم 100 جنيه مقسمة على أربعة أقساط: الأول عند توقيع العقد، والثاني بعد انتهاء ربع العمل، والثالث بعد انتهاء نصفه، والرابع بعد إنجاز الفيلم كاملاً، ويضيف أنه فوجئ بأن أعاد له محفوظ المبلغ كاملاً بحجة أنه هو الذي استفاد من العمل في تدريبه على كتابة السيناريو، وأنه هو الذي ينبغي أن يدفع لهم مقابلاً مالياً!

وبالمثل، لعل روائينا الكبير لم يدرك الجماهيرية التي كان يتمتع بها الفنان فريد شوقي في عالمنا العربي إلا إثر اعتراض منتج أفلام لبناني على خاتمة فيلم جعلها محفوظ تنتهي بمقتل بطله فريد شوقي، حيث ترجّاه أن يغيّر هذه النهاية خوفاً من غضب الجمهور ومن ثم فشل الفيلم.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .