+A
A-

بلد "يشيخ".. نقص المواليد يهدد الصين

تشير الدراسات الديموغرافية إلى أن الصين تواجه مشكلة سكانية خطيرة، حيث ارتفع متوسط عمر المواطن في الصين من 21.5 عاما في 1978 إلى 38.4 عاما في 2021، متجاوزا بذلك متوسط الأعمار في الولايات المتحدة.

ويعني هذا أن "الصين تشيخ بسرعة" بحسب تقرير نشرته مجلة Foreign Affairs الأميركية.

وتقول المجلة إنه إذا استمرت الصين على مسارها الحالي لتلحق بقية شرق آسيا في التوجه إلى معدلات خصوبة منخفضة للغاية، فقد يرتفع متوسط عمرها إلى أكثر من 50 عاما بحلول عام 2050.

ويطرح هذا تحديات أمام القادة الصينيين، حيث يتسبب هذا بتقلص عمر العمال الشباب ويزيد من الضغوط على نظام التقاعد.

ولحل المشكلة، حولت الصين نهجها السابق الذي كان يشجع على عدم الإنجاب إلى التشجيع على المزيد من الولادات، حيث ألغت في عام 2016 سياسة "عائلة واحدة طفل واحد" التي هدفت لمواجهة النمو السكاني الكبير في البلاد.

وتقول المجلة إنه على الرغم من التدابير التشجيعية على الإنجاب التي أقرت في عام 2021 فإن القيود الاجتماعية والتمييز بين الجنسين الذي ازداد في عهد الرئيس الحالي، شي جين بينغ، قد يزيد المشكلة.

تزيد شيخوخة السكان من الأعباء الاقتصادية على الدولة وتهدد قطاع الصناعة والزراعة

تزايد السكان

نما عدد سكان الصين بسرعة بعد نهاية الحرب الأهلية في عام 1949 حيث حققت الصين تحسينات سريعة في الصحة العامة، وازداد متوسط عمر الفرد وقلت وفيات الرضع، مما ضاعف عدد السكان تقريبا على مدى ثلاثة عقود، من 540 مليون في عام 1949 إلى 969 مليون في عام 1979.

وفي السبعينات بدأت السلطات الصينية تخشى من أن الاكتظاظ السكاني كان يعوق النمو الاقتصادي.

وأدى برنامج حكومي كان يهدف لدفع الأزواج إلى إنجاب أطفال أقل إلى انخفاض معدلات الخصوبة انخفاضا كبيرا، من 5.8 ولادة لكل امرأة في عام 1970 إلى 2.7 في عام 1978.

وفرضت الصين بعدها سياسة تحديد نسل قاسية، لكن بدءا من عام 2000، بدأ الأكاديميون الصينيون في التعبير عن مخاوفهم بشأن العواقب الديموغرافية الطويلة الأجل لهذه السياسات، بما في ذلك الاختلالات الكبيرة في نسب الذكور إلى الإناث عند الولادة – نتيجة للإجهاض الانتقائي القائم على نوع الجنس.

وفي النظام الشيوعي استغرق الأمر من الباحثين ما يقرب من عقد من الزمان لتأكيد انخفاض الخصوبة، واستغرق الأمر من الحكومة الصينية عقدا آخر لقبول النتائج التي توصل إليها العلماء.

وتقول المجلة إن افتراض أن التراجع عن قيود الإنجاب سيحل المشكلة لم يكن دقيقا، ومع إنه يسمح للعوائل الآن – بل ويشجع – على أن يكون لها ثلاثة أطفال، فإن هذا كان دون جدوى حيث انخفضت معدلات المواليد في البلاد.

وفي عام 2021 انخفض معدل الإنجاب للمرأة في الصين إلى 1.3، ويعتقد بعض المراقبين أن الرقم الحقيقي أقرب إلى 1.1، متساوية مع المجتمعات الأخرى في شرق آسيا.

وقد أجبرت سرعة هذا الانخفاض السكاني على إجراء مراجعات كبيرة على التقديرات الرسمية لمدى سرعة شيخوخة الصين.

وعندما أصدرت الحكومة الصينية خطتها للتنمية السكانية لمدة 15 عاما في عام 2016، توقعت أن إجمالي عدد سكان الصين لن يبدأ في الانخفاض حتى عام 2030.

ولكن الآن من المرجح أن يتم الوصول إلى هذا في وقت مبكر من هذا العام.

وتنخفض معدلات المواليد في الانخفاض في مختلف أنحاء العالم، وتصل في روسيا إلى 1.8 وألمانيا 1.6 وإيطاليا 1.3 واليابان 1.37، فيما تصل في هونغ كونغ وماكاو وسنغافورة وتايوان إلى 1.0.

ويصل المعدل في كوريا الجنوبية إلى 0.8 ولادة لكل امرأة.

الإجراءات الحكومية تواجهها مشاكل

ورغم إن السياسات المتعلقة بدعم الإسكان والتعليم والصحة وإجازات الأمومة تعتبر سياسات تشجيعية، لكنها غير كافية.

حيث يسبب ارتفاع تكاليف السكن وزيادة الإقبال على تلقي سنوات إضافية من التعليم الشباب على مستوى العالم إلى تأخير الزواج والولادة، أو التخلي عنها تماما.

كما أن القيم الاجتماعية المحافظة تلعب دورا في تقليل الولادات إذ من النادر أن تسجل ولادات دون زواج – أو يتم الاعتراف بها، مقابلما يقرب من 40 في المئة من الولادات الأمريكية خارج إطار الزواج، و70 بالمئة في أيسلندا.

وفي تايوان واليابان وكوريا الجنوبية، يبلغ هذا الرقم أربعة في المائة واثنين في المائة و1.5 في المائة على التوالي.

وتقول المجلة إن نظام المكافآت على الولادة لا معنى له إذا لم تعالج الأسباب الكامنة التي تدفع الناس إلى اختيار عدم الزواج والولادة.

وفي الصين في عام 2021، انخفضت الزيجات إلى أدنى مستوى لها منذ 36 عاما.

ويقول نحو 44 في المئة من الشابات الحضريات و25 في المئة من الرجال إنهم لا يخططون للزواج.

وتقول المجلة إن الرئيس، شي، يسعى إلى إعادة الصين إلى حقبة سابقة أكثر أبوية فيما يتعلق بالمرأة.

وفي خطاب لشي نشره الاتحاد النسوي الصيني يمجد الرئيس وحدة الأسرة و"الدور الخاص للمرأة" باعتبارها "زوجات فاضلات وأمهات صالحات، يساعدن أزواجهن ويعلمون أطفالهن".

وتقول إن النظام القضائي الصيني "ينقلب على المرأة" حيث تحسم المحاكم عددا أقل من القضايا الأسرية لصالحهن فيما تناقصت معدلات حصول المرأة على الطلاق في حال قدمت دعاوى تفريق.

وتضيف إنه في مواجهة مطالب صارمة من قبل سلطات الحزب الشيوعي الصيني لدعم النظام الاجتماعي والوئام الأسري، يضحي القضاة بحقوق المرأة، مما يجعل النساء أكثر ترددا في الزواج.