+A
A-

رولز-رويس تستعرض مسيرة سيارتها الأسطورية

"حين أتأمّل إرث فانتوم الرائع، تُدهشني المكانة التي تحتلّها هذه السيارة في قلوب وأذهان عملائنا في رولز-رويس. تُعدّ فانتوم الطراز الذي شهد أكثر المهام طموحاً من عملاء رولز-رويس بيسبوك، حيث جرى تحويله إلى تحف فنيّة من نسج مخيّلة العملاء. ولا عجب في أن تكون فانتوم أفضل سيارة في العالم، لا بل أفضل سيارة في عالم العملاء."

تحتفل رولز-رويس موتور كارز اليوم بمرور 118 عاماً على أول لقاء جمع بين الأبوين المؤسِّسَين، هنري رويس وتشارلز رولز في فندق ميدلاند، مانشتسر، إنجلترا عام 1904.

اجتمعت مواهب رويس في الهندسة مع قدرات رولز الترويجية لتحوّل الشركة بلمح البصر إلى مصنّع لأفضل سيارة في العالم، وهو لقب ما زالت رولز-رويس موتور كارز تحتفظ به بفخر حتى يومنا هذا. 

واليوم، باتت فانتوم أروع سيارة من رولز-رويس وأصدق تعبير عن فخامة بيسبوك المصمّمة والمصنوعة يدوياً في دار رولز-رويس في جودوود. تستعرض رولز-رويس في إطار استذكار جذورها وإرثها الفريد كل سنة، مسيرة تطوّر فانتوم التي شهدت تغييرات مذهلة على مرّ السنين وما زالت تجسّد قمّة الرفاهية بين سيارات رولز-رويس.

حكاية تأسر الخيال

عند بزوغ عصر السيارات، كانت شركات تصنيع السيارات تُعنى بإنتاج القطع الميكانيكية فقط (مثل المحرّك وجهاز نقل الحركة والهياكل وغيرها ) والتي تُعرف بالهيكل القاعدي الذي يشكّل دعامة مشتركة بين السيارات. إلا أن الجسم الخارجي كان يصمم وينفّذ على يد صانعي هياكل مستقلّين وفقاً لمواصفات العميل ضمن مفهوم الكوتشبيلد. 

وبالنسبة لصانعي السيارات، ومن ضمنها ورولز-رويس، اقتصرت سبُل التحسين في مجال التصميم والهندسة على الجوانب التقنية لأداء السيارة. وقد شملت هذه العناصر مستوى الموثوقية، والقدرة على تسلّق التلال، وسهولة التحكم ومجموعة من الخصائص المتعلقة بجودة الركوب والتي ما زالت تُعرف بالضجيج والاهتزاز والخشونة أو (NVH). 

منذ البداية، نالت فانتوم لقب "أفضل سيارة في العالم" بفضل جودتها المتفوقة وتصميم هيكلها القاعدي الذي أتاح لصانعي الهياكل إطلاق العنان لمهاراتهم الحرفية.

سقف جديد للحدود التقنية

أبصرت مجموعة فانتوم النورَ عام 1925 حين أطلقت رولز-رويس طراز فانتوم 1. وسرعان ما شكّل الطراز الجديد حجر الأساس لمجموعة من السيارات التي سيتم ابتكارها في السنوات المئة القادمة، بفضل عزم دورانه الهائل ومنخفض المدى وتقنياته الحديثة وتجربة البساط السحري. وكما عوّدتنا رولز-رويس، رفضت العلامةُ الاتكال على أمجادها فأطلقت فانتوم 2 في السوق عام 1929. 

مثّلت فانتوم 2 خطوةً نحو التغيير في مجال الهندسة والتكنولوجيا. وفي العام 1930، كشفت الشركة عن سيارة فانتوم 2 كونتيننتال التي منحت العملاء خياراً أصغر حجماً وأفضل أداءً لمن يفضّلون تولّي مقود السيارة بأنفسهم، وسيارةً بقاعدة عجلات ممتدة قياسية لمن يفضّلون الاستعانة بسائق. فشكّل هذا الطراز سابقةً لسيارة فانتوم وفانتوم ذات قاعدة العجلات الممتدة في عصرنا.

سعي العلامة لبلوغ مستويات جديدة من السرعة

بالرغم من قدرة سيارة كونتيننتال الجديدة على الوصول إلى سرعة تناهز 95 ميلاً في الساعة، إلا أنّها لم تضاهي السرعة التي تصل إليها سيارات أخرى منافِسة فقرّر رويس ابتكار حلّ جذري لهذه المسألة. وفي العام 1934، سخّر خبرته في مجال تصنيع محرّكات الطائرات لتطوير محرّك V12 الجديد بسعة 7.3 لتر. وبعد تركيب هذا المحرّك الجديد على هيكل فانتوم 3 الجديد، اخترقت رولز-رويس حاجز الـ100 ميل في الساعة. 

وبحلول العام 1939، أنتج رويس سيارةً تجريبيّة قادرة بسهولة على تجاوز سرعة 100 ميل في الساعة تُدعى "ذا سكولدد كات". وفي أغلب الأحيان، كانت السيارة تُعار لأشخاص نافذين من أمثال صاحب السمو الملكي الأمير فيليب، دوق إدنبرة. انبهر الدوق بهذه السيارة لدرجة أنّه أقنع رولز-رويس بصناعة سيارة مشابهة خاصة به إنّما بتصميم رسميّ أكثر، فأبصرت فانتوم 4 النورَ في يوليو 1950. ما زالت السيارة تُستخدَم أحياناً في رويال ميوز تحت اسمها السابق للإنتاج "مهراجا". اعتزمت رولز-رويس في البداية صنع سيارة واحدة من هذا الطراز، إلا أنّها أنتجت 18 سيارة فانتوم 4، حيث صُنعت 17 منها بناءً على طلب شخصيات ملَكية ورؤساء دول، في حين صُنعت السيارة الباقية لتكون شاحنة صغيرة لاستخدامها من قبل رولز رويس لنقل السيارات الاختبارية من وعلى الطريق.

الطراز الأخير

عام 1959 ، أطلقت العلامة فانتوم 5 المزوّدة بمحرّكV8 الحديث. وفي العام 1967، خضعت السيارة لتغييرات تقنية بسيطة اعتُبرت في اللحظة الأخيرة كافيةً لتبرير إعادة تسميتها بفانتوم 6.

وبحلول عام 1968، كانت الشركة التابعة لرولز-رويس، مولينر بارك وارد، شركة صناعة الهياكل الوحيدة المتبقية في بريطانيا. بقيت هذه السيارات الرائعة في الخدمة طيلة فترة منتصف الثمانينيات إلى أن تضاءل إنتاجها إلى سيارتين أو ثلاث فقط في السنة، ومن ثم توقف تماماً في العام 1992. وهكذا أنهى البناء شبه الأحادي عصر السيارات ذات الهيكل المنفصل. فكان بانتظار الأجيال التالية من فانتوم عملية تصنيع مختلفة للغاية.

أحلام تتحوّل إلى حقيقة

كما رأينا، كان كل جيل من فانتوم 1 إلى فانتوم 6 كان مبنياً على هيكل قاعدي مشترك. أما الجسم الخارجي فقد بُني وفقاً لمتطلبات المالك على يد بعض من أهم الأسماء وأشهرها في صناعة الهياكل البريطانية والأوروبية. 

شاعت هذه الممارسة في عالم السيارات الفاخرة آنذاك، إلا أنّ فانتوم تميّزت عن غيرها بقدرتها على دعم هياكل عالية الجودة والوزن والتعقيد، وذلك بفضل عبقرية رويس في مجال الهندسة وتميُّز مكونات الهيكل وطريقة بنائه.

وخلال مسيرة تطوّر فانتوم بأكملها، استفاد مالكو سيارات فانتوم من إمكانيات هذه السيارة بالكامل لابتكار أروع السيارات وأكثرها لفتاً للأنظار على الطرق. وبما أنه تمّ الفصل بين هيكل السيارة وبدنها، بات بإمكان المالك التالي تغيير مظهر السيارة لتناسب ذوقه ومتطلباته. 

اتّخذت عدّة سيارات من فانتوم أشكالاً مختلفة خلال حياتها المديدة التي غالباً ما جالت فيها على بلدان مختلفة. واقتصر التغيير في بعض الحالات على إعادة طلاء البدن، في حين أعيد بناء سيارات أخرى بدءاً من الهيكل في أحيان أخرى لتتّخذ شكلاً وطابعاً مختلفاً بالكامل. يمتاز كل طراز من الأمثلة المبيّنة أدناه بتنوّع استثنائي يجسّد طابع رولز-رويس الحقيقي من حيث الهندسة والمواد والبناء والأداء وجودة الركوب فيها والراحة، والأهم من ذلك أنّه مصمّم وفقاً لذوق المالك بالكامل. 

فانتوم 2 (GY62) 1930

صممت شركة هوبر اللندنية لصناعة الهياكل سيارة فانتوم 2 ببدن مؤلف من مقصورتين منفصلتين للركاب الأماميين والخلفيين. وبناءً على طلب المالك، وهو تاجر أخشاب ثري من تكساس، تمّ تزويد السيارة بـ50 ميزة إضافية تسهّل عملية التنقل والقيادة. تشمل هذه المزايا خزان وقود أكبر حجماً، وغطاء محرّك مزوّداً بفتحات ومبرّداً أطول ببوصتَين من القياس العادي. اشترى المالك السيارة في الأصل لشهر عسله، وسافر على متنها في جميع أنحاء القارة حتى العام 1939.  حصل المالك الحالي على السيارة في العام 1998، وفاز منذ ذلك بجوائز مرموقة على منها جائزة لويس فويتون كلاسيك بارفين جيفنشي للسيارات السياحية ما قبل الحرب وأفضل سيارة سياحية رياضية في مسابقة بياريتز.

فانتوم 2 كونتيننتال (MW55) 1933

اشتهرت شركة صناعة هياكل السيارات بارك وارد بتصنيع بدن على شكل قارب مخفي الرأس. أما الميزة الأبرز فكانت عبارة عن غطاء قابل للطيّ يختفي تماماً تحت المقصورة الخلفية عند سحبه بالكامل، ما يضفي سطحاً انسيابياً مميّزاً على هيكل السيارة، كما صُنع الفرش الأصلي من الجلد المخرّم.

فانتوم 3 (3BT103) 1933 

صُنعت سيارة سيدانكا كوبيه النادرة والمؤلفة من بابَين في شركة إتش جيه مولينر للمستكشف أبسلي شيري جيرارد، وهو أحد الناجين من آخر رحلة استكشافية قام بها الكابتن سكوت إلى القطب الجنوبي في العام 1912. طُليت السيارة في الأصل باللون الأصفر الزاهي وتميّز ديكورها الداخلي بالجلد المصبوغ بالفولمول، ولكن أُعيد طلاؤها باللون الأسود في أواخر الأربعينيات. امتلك الممثّل الأسطوري السير رالف ريتشاردسون السيارة لوقت قصير، ثم أمضت بعض الوقت في ويلز والولايات المتحدة الأميركية قبل أن تعود إلى المملكة المتحدة بين أواخر السبعينيات ومطلع الثمانينيات. وقد تُركت مهملةً في حظيرة حتى العام 2018 حتى اشتراها مالكها الحالي، ثم خضعت لعملية ترميم دقيقة باستخدام مكونات أصلية عديدة تشمل قطع المحرك المرقّمة الأصلية.

فانتوم 3 (3BT85) 1937 

قامت شركة صناعة الهياكل اللندنية هوبر أند كو ببناء عدة هياكل من هذا الطراز الرائع بأسلوب الصالون المقسوم، والذي يوحي بالسرعة حتى عندما تكون السيارة مركونة بفضل منحنياتها وزواياها شبه الحادة. أما لمسات الكروم بأسلوب الآرت ديكو على البدن والأجنحة فتعزّز من الشعور بحركة السيارة.

فانتوم 5 (5VD63) 1965 

في البداية، امتلك قائد الجناح باتريك بارثروب هذه السيارة. وفي العام 1968، اشترى جون لينون السيارة من بارثروب تزامناً مع إطلاق ألبوم وايت لفرقة البيتلز. وفي سبتمبر 1969، باع السيارة لألِن كلاين، وهو رجل أعمال أميركي. 

ظهرت السيارة في الفيلم الحائز على جائزة أوسكار "جورجي غيرل" (1966)، وفيلم "ليت إت بي" الكلاسيكي (1970) من بطولة البيتلز، وفيلم "بيرفورمنس" (1970) بمشاركة ميك جاغر، ثم في فيلم "ذا غريك تايكون" (1978) من بطولة أنتوني كوين. 

وبعدما خضعت السيارة لعملية ترميم دقيقة في العام 2016، قام جودي كلاين، وهو عضو في نادي محبّي رولز-رويس، بعرض السيارة في مسابقة كونكور ديليغانس في لينكولنشاير حيث نالت جائزة أفضل سيارة في فئتها.

يمكن العثور على السيارة حالياً في المملكة المتحدة.

فانتوم 6 (5LVF65) 1966 

تأسّست شركة جيمس يونغ عام 1863 وتُعرف بابتكار أكثر هياكل السيارات أناقةً. ولعلّ أروع ما توصّلت إليه كان تصميم PV23 الذي أُعِدَّ خصيصاً لهيكل فانتوم 5 من رولز-رويس، حيث بُني 22 هيكلاً فقط من هذا الطراز.

تم طلاء هذا الطراز في الأصل باللون الأسود، في حين تم اختيار اللون العاجي لسيارة 5LVF65 بهدف تعزيز أناقة المنحنيات والخطوط التي ابتكرها المصمّم الشهير إيه. إف. ماكنيل.

أما التصميم الداخلي فيحتوي على مقصورة خلفية واسعة فيها خزائن راقية تحت الزجاج الفاصل. وقد جرى اختيار قماش ناعم بلون الشمبانيا للمقصورة الخلفية من أجل توفير راحة أكبر بالمقارنة مع الجلد الأكثر مرونة والذي يحمل اللون نفسه في مقعد السائق.

فانتوم 7 (فانتوم سيرينيتي) 2015

ابتكرت رولز-رويس سيارة فانتوم 7 ذات قاعدة العجلات الممتدة لعرضها في معرض جنيف للسيارات عام 2015. استوحي الطراز من السيارات الفاخرة التي صُنعت للعائلات الملكية حول العالم في مطلع القرن العشرين، واكتست مقصورة الركاب الخلفية بحرير خام باللون الأخضر الداكن حيث تمّت حياكته وتطريزه وطلاؤه يدوياً بزخارف الأزهار الصينية التي استغرق صنعها ما يصل إلى 600 ساعة. كما ظهر التصميم على الواجهة الأمامية والتطعيمات في الأبواب الخلفية، واستُكملت الأجواء الداخلية الهادئة والطبيعية بعناصر من خشب الكرز والخيزران المدخن فضلاً عن تفاصيل تحاكي أثر كنس الحصى في الحدائق اليابانية. وفي ذلك الوقت، كان طلاء عرق اللؤلؤ المستخدم على البدن الخارجي أكثر الطلاءات تعقيداً وكلفة من إنتاج العلامة.

فانتوم 8 (فانتوم أوريب) 2021

أبرمت دار رولز-رويس تعاوناً فريداً مع دار هيرميس لابتكار سيارة فانتوم بيسبوك لرائد أعمال ياباني يُدعى يوساكو مايزاوا. أُطلق على السيارة اسم فانتوم أوريب وتمتّعت بتصميم خارجي بلونين من وحي مجموعة خزفيات أوريب يابانية قديمة يملكها العميل. وفي خطوة غير اعتيادية، زوّدت رولز-رويس عميلها بالطلاء المستخدم على سيارة فانتوم لاستخدامه على الطائرة الخاصة بالعميل.

يطغى على الديكور الداخلي جلد باللون الأخضر "هيرميس إنيا". وتضمّ مساحة الغاليري عملاً فنياً من تصميم الفنان والرسام الفرنسي الشهير بيير بيرون (1905- 1988) الذي ابتكر العديد من أوشحة هيرميس الأسطورية.

سيارة أسطورية تولد من جديد

في 1 يناير 2003، أُسدل الستار عن فانتوم 7 أمام العالم بأسره، وكانت أول سيارة يتم إنتاجها في دار رولز-رويس الجديد بالكامل في جودوود. جسّدت السيارة تصميم الخطوط والمقاييس التي وضعها السير هنري رويس إنّما بأسلوب عصري، وبُنيت بالكامل في دار رولز-رويس وفقاً لهيكل أحادي وتصميم قياسي بدلاً من مفهوم الكوتشبيلد. ولكنّ هذا أتاح لها الحفاظ على صلة وثيقة بإرثها الذي تمثّل ببناء كل سيارة يدوياً من قبل فريق من الحرفيّين المَهرة. علاوة على ذلك، أتاح برنامج بيسبوك (خدمة تصميم السيارة بحسب المتطلبات الفردية) من رولز-رويس استخدام فانتوم كلوحة بيضاء لتحويل أحلام العملاء ورغباتهم إلى حقيقة. 

رسّخت فانتوم 7 على مدى حياتها الممتدة لـ 13 عاماً، مكانة رولز-رويس بصفتها الشركة الرائدة عالمياً لتصنيع السيارات فائقة الفخامة، كما أثبتت مكانتها الخاصة بصفتها أروع منتَج من رولز-رويس. وأسوةً بمن سبقوهم، أدرك المصمّمون والمهندسون في رولز-رويس أنّ المثالية هدف لا يمكن بلوغه وأنّ حكاية فانتوم لم تنتهِ بعد. 

وفي العام 2016، كشفت رولز-رويس عن سيارة فانتوم 8 التي شكّلت أول سيارة من رولز-رويس تُبنى وفق مفهوم هندسة الفخامة المتمثّل بهيكل الألمنيوم الهندسي الخاص برولز-رويس والذي يُستخدم لبناء كل السيارات في جودوود. 

صُمِّمت فانتوم 8 لتستضيف مهام بيسبوك الفريدة. وقد أفضى ذلك إلى تنفيذ عدد من أصعب المشاريع وأكثرها تقدّماً من الناحية التقنية على يد مصمّمي العلامة ومهندسيها وحرفيّيها المتخصّصين. وكانت أيضاً الطراز الوحيد من رولز-رويس الذي يضمّ مساحة "الغاليري" الزجاجية الممتدّة على طول الواجهة الأمامية حيث يمكن للعميل عرض عمل فنّي أو تصميم من اختياره.