+A
A-

وادي البحير... ينتظـر لـ“ينتصـر”!

على موعد مع “واحة غنّاء متخيلة”، تجري الأعمال الإنشائية في وادي البحير على قدم وساق.. أصوات الآليات والشاحنات والحفارات والرافعات لن تصل إلى الناظر وهو يقف على مشارف الوادي من ناصية الشارع إلا بدرجة منخفضة.. لكن العمل يبدو كبيرًا.. فرق العمل تنتشر على أرض الوادي في مساحته التي تم تمهيدها فعليًا وكذلك على الجزء المتبقي الذي لا يزال ينتظر دوره من “الدفن”.. هذا الدفن أو الردم أو “المسح”.. سمِّه ما شئت، ربما شر لابد منه.. كيف؟
سماته واسمه ورسمه
طوال عقود مضت كان هذا الوادي الشهير موضع نقاش في الصحافة لا سيما مع ارتفاع أصوات المتخصصين في الموائل الطبيعية والمدافعين عن البيئة باعتباره محمية طبيعية فريدة من نوعها من ناحية تضاريسها والحياة الفطرية فيها من نباتات وطيور وبضع بحيرات في “كان يا ماكان”، والحال كذلك، إذن، لا بأس من فتح صفحة جديدة لهذا الوادي وفي المشروع المتخيل ما هو أهم بالنسبة للمواطن الذي أحبه.. أي أن تقوم مكانه حديقة تحافظ على سماته واسمه ورسمه، ومشروع إسكاني يخدم الناس، فذلك أفضل بكثير من بقائه على ما هو عليه.
المشكلة.. محلك سر.. لماذا؟
ولكن، لماذا تأخرت عملية إنقاذ الوادي أو لنقل.. إحيائه بمشروعات تسند البنى التحتية؟ هناك من المعلومات ما يشير إلى أن العجز في توفير ميزانية تتراوح ما بين 8 إلى 10 ملايين دينار هي السبب الأول، ومع النوايا الحسنة لدى المسؤولين في الجهات المعنية وعلى رأسها وزارة الأشغال وشؤون البلديات والتخطيط العمراني وكذلك وزارة الصحة التي سجلت في السنوات الماضية شكاوى تضرر الوادي وما نتج عنه من مخاطر صحية بسبب مستنقعات المياه الآسنة المختلطة بمياه المجاري وتعرض الوادي إلى “الهتك” بسبب تحويل بعض أنحائه لمكب مخلفات من منشآت صناعية قريبة.. كل ذلك كان في الحسبان رغم بقاء المشكلة “محلك سر”.. وعلى فكرة، حتى عهد قريب، وربما إلى الآن، هناك من سكان المجمعات القريبة من يتذكر ويعاني من مشكلة الأوبئة والقوارض وربما الثعابين والحشرات والروائح.


مستقبل “الوادي”
وادي البحير كما قرأنا وسمعنا هو نتاج ظاهرة جيولوجية شكلته منذ غابر السنين، حتى تحول إلى موئل طبيعي لمختلف الكائنات، والسنوات الماضية شهدت العديد من الأنشطة في الوادي منها ما نظمه الناشطون البيئيون من حملات تنظيف تعود بذاكرتنا إلى التسعينات، ومنها ما هو عبارة عن معاناة ناقشها مجلس بلدي المنطقة الوسطى “في زمانه”، وبحثها مجلس بلدي الجنوبية”، ويمكن الإشارة إلى ما جاء في تفاصيل خبر يعود لشهر ديسمبر من العام 2020 حيث “وافق مجلس بلدي الجنوبية على المقترح المقدم من عضو الدائرة الثالثة البلدي عبدالله عبداللطيف بإنشاء منتزه بمجمع 914 بمنطقة الرفاع في وادي البحير، والذي يعاني من المستنقعات التي تكونت في الوادي بفعل انسياب مياه المجاري الناجمة عن الاستخدامات الخاطئة وتجمع مياه الأمطار التي باتت وكرًا للبعوض والحشرات المزعجة لأهالي الدائرة، التي امتد ضررها إلى المناطق السكنية المجاورة والمحيطة بها، وأكدت دراسة لجنة الخدمات على ضرورة استغلال الأرض بإنشاء المنتزه لحاجة الدائرة الثالثة لمنتزه يخدم أهالي المنطقة ويعمل على حماية البيئة من التلوث على ضوء تجارب الدول الأخرى وأنظمة المؤسسات الدولية في مجال البيئة وذلك بالتنسيق مع الجهات المختصة بشؤون البيئة في الدولة”.(انتهى الاقتباس).


مشاهدات مفعمة
هناك معلومات أخرى ونحن ندوِّن مشاهداتنا حول وادي البحير، فهناك أعمال بنية تحتية أعلنتها وزارة الأشغال وشؤون البلديات والتخطيط العمراني في مجمعي 943 - 941 بوادي البحير تشتمل على تطوير وتسوية الطرق وإنشاء خط رئيسي لتصريف مياه الأمطار من منطقة وادي البحير إلى خليج توبلي في الجزء المقابل لمنطقة سند.
إذن، المشاهدات مفعمة في ذلك الوادي الجميل الذي يعتبر ظاهرة جيولوجية لها قيمتها العلمية والطبيعية، شهد ما شهد ربما على مدى ثلاثين سنة مضت مع نظرة مستقبلية لأن يتحول إلى منطقة يمكن الاستفادة منها على صعيد الخدمات الإسكانية من جهة، وتحويله إلى متنزه طبيعي من جهة أخرى، لوقف التدمير الذي عانى منه الوادي.. وفي الظن خير، يقترب الوادي من الانتصار بعد هذا الانتظار.. والتاريخ سجل الزمن.