العدد 4953
السبت 07 مايو 2022
banner
ما وراء الحقيقة د. طارق آل شيخان الشمري
د. طارق آل شيخان الشمري
أزمة أوكرنيا.. الأنجلوسكسونية الجديدة (2)
السبت 07 مايو 2022

بالرغم من إيمان صمويل هاننغتون بأن الحضارة الغربية المسيحية “وليست القومية” هي نهاية التاريخ، وأن العالم بأسره سيرضخ لهذه الحضارة، وأنه سيكون هناك صراع مسيحي غربي إسلامي شرقي، وصراع مسيحي غربي كنفوشوسي صيني.. إلخ، إلا أن الحقيقة هي أن هتلر المسيحي ترك مسيحيته وانتهج القومية مفتخرا بعظمة العرق الآري على العالم، وبريطانيا لم تهتم بنشر تعاليم كنيستها الانجليكانية بل ركزت على عرقيتها الأنجلوسكسونية واحتلت العالم، وروسيا اليوم تبشر بسيادة القومية السلافية الشرقية على أوروبا، وهكذا فإن الدين لا وجود له الآن في أبجديات الدول لأنه عديم الفائدة الآن ولا يحقق مصالح الدول الكبرى.
لهذا فبداخل صميم قلب ورئة الغرب هناك فكر خفي يرتكز على القومية أولا ثم التراث المسيحي لهذه القومية وليس التراث الأوروبي العام، فالفرنسيون قوميون بالدرجة الأولى، والألمان قوميون بالدرجة الأولى، والبلاطقة قوميون بالدرجة الأولى والإنجليز قوميون بالدرجة الأولى.. إلخ، ومن ضمن القوميات الأخرى هناك فكر وهوية وآيديولوجية الأنجلوسكسونية الجديدة، وهي مزيج ما بين الأنجلوسكسونية البريطانية القديمة مع الأنجلوسكسونية الأميركية ذات الجذور البريطانية التي انتشرت وتعاظمت بعد الانتصار الأميركي بالحرب العالمية الثانية، وسعيها للسيطرة على العالم وإن لم تعلنها أو تجاهر بها.
والأنجلوسكسونية الجديدة ضمت واشنطن ولندن للسيطرة على العالم، ونرى ذلك واضحا بالدخول المشترك لهما بمواجهة الاتحاد السوفييتي والصين وغزو العراق وأفغانستان والكثير من العمليات وآخرها الحلف الثلاثي الأنجلوسكسوني بريطانيا والولايات المتحدة وأستراليا.
وضمن أهداف الأنجلوسكسونية الجديدة السيطرة على العالم وضرب أية تحالفات أو صعود لأية دولة أو دول، ومن هذه التحالفات الاتحاد الأوروبي، لهذا انسحبت بريطانيا من الاتحاد الأوروبي رغبة في إضعافه بالتنسيق مع واشنطن، وجعل أوروبا معتمدة كليا على الأنجلوسكسونية من خلال الناتو الذي تسيطر عليه واشنطن ولندن، وعليه، فإن أزمة أوكرانيا كانت فرصة لإضعاف أوروبا اقتصاديا وأمنيا وعسكريا، فأي قطع لمصادر الطاقة الروسية سيضر أوروبا اقتصاديا، وضخ الأسلحة والملايين من الأموال سيستنزف أوروبا اقتصاديا، وأية تطورات للحرب ستتضرر منه أوروبا، وبالتالي فإن أوروبا الموحدة ستظل تابعة كليا للأنجلوسكسونية الجديدة.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية