العدد 4953
السبت 07 مايو 2022
banner
العرب والحرب الروسية الأوكرانية
السبت 07 مايو 2022

في سني الحرب الباردة بين الاتحاد السوفييتي والولايات المتحدة كان الأول - كما هو معروف - يتمتع بشعبية لدى العرب، وبالدرجة الأولى لدى أوساط اليسار، لاسيما الأحزاب الشيوعية، بالإضافة إلى أوساط واسعة من الشعب الفلسطيني، وعلى رأسه الفصائل المسلحة الفلسطينية، وكان هذا الموقف يفسره وقوف موسكو إلى جانب العرب سياسياً في صراعهم مع إسرائيل وحتى دعمهم عسكرياً، خصوصاً الدول العربية الصديقة له التي عُرفت بـ “الأنظمة الوطنية”، كمصر وسوريا وليبيا والجزائر واليمن الجنوبي، وفي أعقاب انهيار الاتحاد السوفييتي، وتحديداً منذ تسلم الرئيس الروسي الحالي فلاديمير بوتين السلطة والمعروف بتوجهاته القومية واعتزازه بأمجاد الحقبتين القيصرية والسوفييتية، وتطلعه لمحاكاتهما، يمكن للمتابع السياسي للرأي العام العربي أن يتلمس بسهولة أن ثمة شريحة غير قليلة من اليسار العربي ما فتئت توالي روسيا، بل وتجدها مفتونة بالرئيس بوتين، ولعل هذا يعكس “حالة نفسية” مستقرة في العقل الباطني تمر بها هذه الشريحة لعدم قدرتها على التكيف مع حقيقة انهيار الاتحاد السوفييتي، هذا بالرغم من تحول روسيا إلى دولة رأسمالية وواحدة من أكثر دول العالم في أعداد “المليارديرية”، على أن اللافت في الحرب الروسية الأوكرانية الراهنة فإنه علاوة على تأييد تلك الشريحة اليسارية روسيا البوتينية باتت هذه الأخيرة تحظى بتأييد مجاميع غير قليلة من العرب على امتداد العالم العربي، ولربما لو أجري اليوم استطلاع للرأي العام العربي حول الموقف من طرفي الحرب لتمتعت روسيا - على الأرجح - بتأييد ما لا يقل عن 80 % من المستطلعين، وأنت لا تتعجب إذا ما وجدت اليوم خليطاً عجيباً من تيارات إسلاموية ويسارية وقومية تتخذ موقفاً مؤيداً بقوة لروسيا ومناوئاً لأوكرانيا والغرب وعلى رأسه الولايات المتحدة، وإذا كان هذا الموقف ليس غريباً إذا ما أدركنا الكراهية الشديدة التي يكنها العرب للولايات المتحدة واشتداد النقمة الشعبية ضدها بسبب حروبها في المنطقة، ناهيك عن عدائها القضية الفلسطينية ودعمها الدائم اللامحدود لإسرائيل سياسياً واقتصادياً وعسكرياً، فإن ما لا يمكن فهمه عدم قدرة تلك الشريحة من اليسار العربي على التخلص من هواها المزمن لروسيا حتى بعد تبنيها الرأسمالية ووقوعها تحت نظام شمولي أقرب إلى حكم الفرد!.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .