العدد 4954
الأحد 08 مايو 2022
banner
الوسطية سر نقاط التحول الناجحة
الأحد 08 مايو 2022

غريبة هي علاقة الإنسان بذاته، متذبذبة ومتغيرة ولا يشوبها الثبات، وأعتقد أن ذلك حال النفس البشرية، فهي في أيام كثيرة سعيدة، وبأيام أخرى تعيسة وأيام بين هذا وذاك، فلا موقف يسود عبر الزمن أو يسيطر على فكر الإنسان طيلة حياته.
والحقيقة أنني لأضرب تلك الأمثلة لطلاب العلم حبا في شرح مفاهيم حياتية مهمة لهم، بالإضافة إلى ضرب وتر مهم عند الإشارة إلى التكوين الدراماتيكي لشخصية ما، خصوصا أن البشر جميعا يواجهون العديد من نقاط التحول في حياتهم، فتأخذ بيدهم من العتمة إلى النور أو العكس! لذلك أؤكد في كل الفرص المواتية للحديث عن نقاط تحول الإنسان أن الوسطية مطلوبة في المنهج العام للحياة البشرية، فالتطرف في الحزن قد يقابله تطرف في الضحك العبثي، كما أن التطرف والاندماج في حياة دنيوية بوهيمية غير محسوبة بلا دين أو وازع قد ينتج لنا بعد نقطة التحول تطرفا بائسا في الدين قد يصل إلى حد الإرهاب على سبيل المثال، لذلك فإن الوسطية لم تأت من فراغ، بل هو نهج حياة مرتبط ارتباطا وثيقا بمناحي الحياة، والأجمل أن ديننا الإسلامي دين وسطي، جميل، مبارك، وأحمد الله أنني كفرد أستطيع أن ألمس ذلك، بل وأستطيع أن أنقل ذلك إلى الأجيال التي أعلمها، فقد تعلمت أن لا أحزن وأن لا أغضب، وأن أحمد الله وأن أمشي في الأرض بلا غرور، وأن أعيش في الدنيا وكأني أعيش أبدا وأعمل لآخرتي كأني أموت اليوم، وكلها من وسط التفكير بين حبي لنفسي وما حولي وبنائي الحياة الأخرى لما بعد الحساب.
ولا أجمل من ذلك الدعاء الرباني الجميل الذي لم يغفل الحياة الدنيا ولا الحياة الحقيقية في الآخرة “ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار”.
علموا أبناءكم الوسطية في الأمور، البعد عن الحدية، راعوا أحاسيسهم بل واسمحوا لهم أن يكتشفوا مشاعر جديدة، وإن كانت سلبية إلا أن اكتشافها يساعد على معالجتها وعدم كبتها والاحتفاظ بها، يجب أن نراعي الوسطية في صحتنا النفسية منذ الصغر إن كنا حقا ندعوا إلى بناء أجيال قوية ومترابطة وقادرة على الوصول إلى مبتغاها.
أسأل الله لي ولكم الفلاح والرشاد والحكمة والسلام والستر في الدنيا والآخرة.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .