زعيمها استغل توكيلاتهن في استخراج 382 “سجلا وهميا” و495 تصريح عمل
شبكة "نصب واحتيال" تستهدف "ربات البيوت"
السجلات تمركزت في 12 مبنى تجاريًّا وفق تقرير فريق التفتيش
فريق “سوق العمل” رصد مبنى مهجورًا جميع سجلاته غير قائمة فعليًّا
لكل حكاية بداية، وبداية حكايات “نصّاب الحريم” ربة منزل ظنت أن الحظ ابتسم لها أخيرًا، ووضعت ثقتها لدى أحد المقربين من أفراد الشبكة، وعمدت إلى استخراج سجل تجاري وتوكيل بإدارة النشاط مقابل 400 دينار.
نصّاب زهد في ثروة الأغنياء، وأدار بوصلة نشاطه تجاه ربات البيوت، مستغلاً “عامل الثقة” لإيقاع ضحاياه في فخ الاحتيال، وولوج عالم الجريمة، ومواجهة أحكامٍ بغراماتٍ تصل إلى عشرات آلاف الدنانير.
“البلاد” تميط اللثام عن مستندات وثقت أحدث قضايا النصب والاحتيال التي وقع ضحيتها مجموعة كبيرة من ربات البيوت اللواتي بتن يواجهن أوضاعًا معيشية حرجة لهن ولأسرهن، لسداد مبالغ الغرامات المترتبة عليهن، نتيجة التهم الموجهة لهن بالاحتفاظ بتصاريح عمل للعمال رغم عدم الحاجة إليهم.
خطاب للقائم بأعمال نائب الرئيس لقطاع الضبط القانوني بهيئة تنظيم سوق العمل في أغسطس 2019 حمل عنوان “استخراج سجلات تجارية (عدد 382) غير قائمة ولا تزاول نشاطًا فعليًّا بتصاريح عمل سارية”، مرسل للرئيس التنفيذي السابق للهيئة أسامة العبسي قال فيه “خلال التفتيش الدوري على المنشآت التجارية أفاد فريق التفتيش المسائي بوجود مبنى شبه مهجور جميع السجلات المسجلة عليه غير قائمة فعليًّا، ولا تمارس أي نشاط وعليها عمالة تصاريحها صالحة”.
ولفت إلى أنه وبعد التحقق من النظام اتضح وجود 401 سجل تجاري يتشارك أرقام الاتصال وبنفس البريد الإلكتروني وتتمركز أغلبها في عدد (12) مبنى تجاريًّا، ومن خلال التفتيش على هذه السجلات اتضح وجود 382 سجلا تجاريا غير قائم فعليًّا استخرج عليها عدد 495 تصريح عمل دون حاجة فعلية.
وقال إنه ومن خلال البحث والتحري واستدعاء بعض أصحاب العمل لأخذ أقوالهم اتضح وجود شبكة تستقطب النساء بشكل خاص؛ لاستخراج سجلات تجارية بأسمائهن مقابل مبلغ 400 دينار، من خلال عمل توكيل رسمي لأحد أفراد الشبكة.
وذكر أن أغلب من استخرجت سجلات تجارية بأسمائهن لم يكنَّ يعلمنَ بنشاط السجل أو مكانه، ولم يحضرن إلى أي جهة لاستخراج السجل التجاري، وتم إخبارهن أنهم سوف يستخرجون سجلاً واحداً فقط.
ولفت في خطابه إلى الحاجة لدعم جميع الجهات المعنية حيث يبلغ مبلغ الغرامات لهذه القضية قرابة نصف مليون دينار، ويعتقد بأن حجم الشبكة أكبر، وأنه يفتقر إلى بعض المعلومات المهمة والتي قد تساهم بالكشف عن مصادر التمويل وأين تصرف هذه المبالغ الضخمة.
ورأى أن هناك شبهة غسيل أموال وكسب أموال عن طريق غير مشروع، مما يتطلب وجود جهة لها حق الاطلاع على الحسابات البنكية، سواء للسجلات المستخرجة أو بأسماء أعضاء الشبكة شخصيًّا.
وبين أن جميع التوكيلات تصدر لدى موثق خاص واحد، وأنه يتم إجبار الضحايا بالتوقيع على ورقة بأنه لا يحق لهن إلغاء السجل أو التوكيل قبل سنة، وإلا سوف يتعرضن لمساءلة قانونية وغرامة تقدر بألفي دينار.
شخص واحد
وقال إنه من خلال سماع أقوال أصحاب السجلات ومن خلال قاعدة بيانات الهيئة وبعد التحقق من بعض الأسماء مع النيابة العامة تبين وجود شخص واحد هو من يقوم بعملية الإشراف والتوجيه على هذه الشبكة، وقد تكرر الرقم النقال إضافة إلى بريده الإلكتروني في عدد 83 سجلا تجاريًّا.
وأضاف أن جميع أصحاب السجلات الذين أفادوا بأقوالهم أكدوا أنهم اجتمعوا مع المدعو في مكتب في إحدى مناطق محافظة العاصمة، حيث إنه هو من يقوم بدفع المبالغ لمن يتم الاتفاق معهم بعمل التوكيل لاستخراج السجلات التجارية بأسمائهم.
وأوضح أن (النصاب) متهم بقضايا تزوير في محرر خاص وشيكات بدون رصيد وقد سجن سابقًا على ذمة عدة قضايا.
ولفت إلى أن الشبكة قامت باستخراج 90 تصريح سائق ثقيل مما يثير الشك خصوصًا أن هذه المهنة تمكن العامل من حرية التنقل من وإلى المملكة.
البلاغ الجنائي
هذا الخطاب، دفع الرئيس التنفيذي السابق للهيئة أسامة العبسي إلى التقدم ببلاغ جنائي إلى مدير عام الإدارة العامة لمكافحة الفساد والأمن الاقتصادي قال فيه “إن مضمون بلاغنا هذا قيام المدعو (...) باستغلال المواطنين من خلال حاجتهم للمال، بأن يوجههم للقيام بعمل توكيلات لاستخراج سجلات تجارية بأسمائهم بمقابل مبالغ مالية لصالح أشخاص آخرين من اختياره هو أيضا”.
وأضاف، ومن ثم يقوم بالطلب من الموكلين بموجب التوكيلات الصادرة لهم بالتوجه لهيئة تنظيم سوق العمل ووزارة الصناعة والتجارة والسياحة لاستخراج السجلات التجارية وتسجيلها وتسليم المفاتيح الإلكترونية لهذه السجلات المذكورة بمقابل مبالغ مالية أيضًا.
وتابع، تبين لنا من خلال البحث والتحري بأن عدد السجلات المستخرجة بلغ 382 سجلا تجاريا غير نشط، وبلغ عدد تصاريح العمل المستخرجة للعمل لدى هذه السجلات 495 تصريح عمل دون وجود حاجة فعلية، مما يدل على قيام (المعني) بجلب العمالة الأجنبية واستغلالها وتركها في البلاد دون عمل (عمالة سائبة).
وبين العبسي أنه وبناء على ما يترتب على الأمر من مخاطر التعامل الإلكتروني على المواطنين في البلاد والذي قد ينال من سمعة التعامل الإلكتروني في الإجراءات الحكومية، فإنه يتقدم ببلاغ جنائي لاتخاذ اللازم قانونًا مع التأكيد على حرص الهيئة لتقديم أي بيانات أو معلومات يرونها مناسبة لضبط الجريمة.