+A
A-

Jhund سينما مختلفة ومغايرة كليا عن الأشكال التقليدية

لا يزال أسطورة السينما الهندية أميتاب باتشان يدرك أمجاد قوته ويربط منجزات الماضي بمنجزات الحاضر، ولعل اختياره نوعية معينة من الأفلام خلال السنوات العشر الماضية تأكيد على معرفته بإيقاع قانون الحياة الدائم.
لقد شاهدت فيلم Jhund للنجم باتشان، وفكرته الأساسية تحمل في طياتها نواة القصة أو الموضوع وتكشف غايتها. فيجاي بارس رياضي متقاعد يؤسس منظمة غير حكومية لتأهيل أطفال الشوارع وإبعادهم عن المخدرات والجريمة من خلال تحويلهم إلى لاعبي كرة قدم، وقد تمكن مخرج ومؤلف الفيلم "ناغراج منجول" في تحريك الخطوط الدرامية بشكل متوازٍ دقيق، واختزل الخط الدرامي الكامل في فريق كرة القدم الذي أسسه فيجاي، وتنويع المشاهدة بين التشويق والتعجب والدهشة والتوتر وحدة الصراع والمواقف الكوميدية والمفاجآت المختلفة والمفارقات والانقلابات الدرامية.


لقد جرت العادة على النظر إلى الأحياء الفقيرة في الهند، وكثيرة هي الملامح التي نراها تنعكس في المئات من الأفلام، ولكن في هذا الحي يختلف الامر، فالسيناريو المكتوب صور التفاصيل والخلفيات المرتبطة بالشخصيات، بالدرجة التي جعلت المشاهد يعيش مشكلات الأطفال والشباب المشردين في الهند عن قرب وظروفهم الصعبة، ويبدو بوضوح في الفيلم أن مسألة كالنجاح والفشل الاجتماعي هي مجرد حوادث يتعرض لها الإنسان، ولكنه بالإمكان التغلب عليها، وقد عبر عن ذلك في مقطع الأغنية الذي يقول "صادق الحياة، فهناك طريقة للخروج من هذ الظلم".
طابور من الأطفال والشباب المشرد يقدمهم المخرج في كثير من الأحيان في لقطات "كلوز" تؤكد طفولتهم وبراءتهم، ويدخل الطابور إلى ملعب كرة القدم للتنافس مع فريق الجامعة مع تقدم حركة الكاميرا في" تراك" بطيء بحيث تملأ الفوضى الكادر كله لتصبح مكانا لهم. ودائما ما يقف فيجاي خارج الملعب بلقطات "مديم أو لونغ" كشخصية ذات جاذبية نادرة، أو بطلا بالنسبة للمشردين، وقد تعمد المخرج في تكوين البناء النهائي لمعظم اللقطات بوقفة جزئية أو مؤقتة لفيجاي كتعبير عن انضمامه لعالمهم..عالم المشردين"، ولكن على خط مستقيم، ويمثل هذا التركيب نموذجا ناجحا لأحد الأساليب السائدة في تركيب المشهد كله بالانتقال بين حدثين متوازيين.
مخرج ومؤلف الفيلم يريد أن يقول لنا في هذا الفيلم عدة مضامين أهمها وجود الكثير من الأطفال الموهوبين غارقين في وحل الفقر والحياة الصعبة ويحتاجون فقط لمن يكتشفهم كما فعل البطل فيجاي، فقد آثر "ناغراج منجول" أن يعود إلى أسلوبه المعروف الذي اتسم به كمخرج واقعي، مضيفا إليه رؤيته المتطورة في اللغة السينمائية، فهو يخاطب الجماهير العريضة في الهند وخارجها بالكاميرا، ولا يفضل أن يخاطب المجاميع المحددة لإيمانه أن السينما أخطر الأسلحة الفكرية المعاصرة في التأثير على الجماهير، ويعتبر بلا جدال الرائد الأول في جيله خاصة فيما يتعلق في التعبير ببساطة عن حياة الأحياء الفقيرة في الهند بما تحويه من روح شعبية واضحة.
هذا الفيلم من وجهة نظري يمثل وثيقة دائمة من الوثائق الاجتماعية المتميزة في السينما الهندية، وأكثرها إيجابية في نقل صورة الأحياء الفقيرة مع أسلوب الإثارة والتشويق، وشخصيات متحركة تنمو مع الأحداث واستمرار الحياة، وأملا جديدا في سينما مختلفة مغايرة كليا عن الأشكال التقليدية، كما أثبت "ناغراج منجول" أنه ليس مخرجا كبيرا يدير ويحرك الكاميرا على إيقاع متناغم فحسب، وإنما كاتب درامي قدير وصاحب بنية فنية محكمة وعمليات محسوبة ومرسومة مسبقا، إلى درجة أنه يدخل المشاهد إلى عالم الفيلم، فيصبح جزءا من أحداثه.
فيلم نجح بامتياز في عملية معالجة الأحداث والأفعال والعلاقات؛ للوصول بها الى الاستنتاجات الضرورية المرجوة.