+A
A-

إبراهيم فتحي يكشف السمة المميزة لعالم نجيب محفوظ

أصدرت دار الشروق للناقد الراحل إبراهيم فتحي طبعة جديدة من كتابه "نجيب محفوظ بين القصة القصيرة والرواية الملحمية"، وفيه يكشف أن السمة المميزة لعالم نجيب محفوظ الروائي والقصصي هي العكوف على اكتشاف الحاضر اكتشافاً فنياً، وليس الحاضر هو الواقع الخارجي الماثل هناك في تحديد نهائي، بل هو معاصرة متدفقة متحولة في تلقائية فورية لا تعرف اكتمالاً، ويتطلب هذا الحاضر استمراراً في حركته نحو مستقبل لا يعرف تعيناً.

وفي عالم محفوظ نجد أن الحاضر لا يبدأ من كلمة أولى ولا ينتهي بكلمة أخيرة، فهو صيرورة لا تنقطع ولا تسير في خط مستقيم، لأنها متناقضة متعددة الاتجاهات حافلة بإمكانات لا تتجسد ولا تتحقق ومسارات غير متوقعة، وبذلك يفقد كل معطى من معطيات الواقع طابعه الجاهز في غمرة تدفق الحياة الجارية، وتنقل صورة الشخصية الإنسانية إلى منطقة الاتصال المباشر والتلامس الحميم مع صيرورة محيرة، ولن نجد مسافة تراتبية رمزية بين قيم المؤلف وقيم العالم الممثل، بل سنجد لغة المؤلف مختلطة النبرات بلغة الشخصيات.

يوضح فتحي أن نجيب محفوظ أسقط أوجهاً للواقع المصري الحديث على موضوعات الماضي وشخوصه، كان الحاضر المعاصر هو الذي يقدم وجهة النظر، كما كان العالم المصور والمؤلف والقراء خاضعين جميعاً لمقاييس قيم واحدة مستمدة من منطق الأحداث، لذلك نجد هوة فاغرة الفم بين الأعمال التي تسمى تاريخية والروايات التي تسمى واقعية، وإن وجدت ثغرات بينها.