وصم مرضى “السكلر” بالمدمنين ظاهرة عالمية
فيديو "البلاد": المؤلفة البريطانية آن ويلش: البحرين رائدة في دمج مرضى "السكلر" وإدارة الألم عالميا
البحرين صنعت الرعاية الشاملة بشكل جميل جدا
أريد نشر تجربة البحرين لمرضى ”السكلر“
التحديات والصعوبات لدينا هي نجاح واضح في البحرين
اختتمت المؤلفة والمؤثرة دوليًّا البريطانية ”آن ويلش“ زيارتها للبحرين مبدية إعجابها الكبير بالتجربة البحرينية في مجال رعاية مرضى فقر الدم المنجلي ”السكلر“، كاشفةً عن رغبتها في نشر التجربة البحرينية للعالم في إدارة الألم ودمج مرضى ”السكلر“ مع المجتمع.
وتشغل آن منصب النائب الأول لرئيس لمنظمة الدولية لتضخيم صوت الخلية المنجلية، وهي المدير التنفيذي والمؤسس ل Painless Universal، وكانت تشغل منصب رئيس جمعية الخلية المنجلية الخيرية بالمملكة المتحدة.
وهي متحدثة دولية مؤثرة وملهمة لمرضى السكلر حول العالم، ومؤلفة كتاب ”ألم أقل“ المعتمد من منظمة الصحة العالمية.
التقت عدسة ”البلاد“ بـآن للحديث عن تفاصيل زيارتها للبحرين وانطباعاتها عن التجربة البحرينية لرعاية مريض السكلر، وفيما يلي نص الحوار:
الألم الأكبر
كيف تحارب ”آن“ الألم؟ وما هو وضعك الصحي؟
ولدت مصابة بفقر الدم المنجلي ”السكلر“، التعايش مع هذا المرض لم يكن سهلا بل كان مليئا بالتحديات، خصوصا في بدايات حياتي حين لم يكن هنالك فهم واضح للمرض.
كان أفراد المجتمع والمحيطون بي في البداية يعتقدون بأنني طفلة مشاغبة وحسب، ولا أرغب في اللعب مع سائر الأطفال بشكل طبيعي، لكنني كنت أتألم.
كنت بحاجة لشرب الكثير من الماء وفي بعض الأحيان كنت أبلل ملابسي في المدرسة بسبب ذلك.
ولحسن الحظ بأنهم عرفوا مرضي لاحقا مما سهّل على والدتي تقبل وضعي الصحي حيث فهمت لاحقا ماذا يعني أن تكون أما لمريض ”سكلر“ وكيف تدير ذلك، كان صعبا جدا العيش مع ”السكلر“، وحين أقول بأنه صعب لا يعني ذلك بأنني لم أجد لنفسي سبلًا للتعايش معه، كان كل شيء صعبا بدءًا من نيل التعليم إلى العلاقات الاجتماعية المختلفة.
مع تراكم التجارب في الحياة، فهمت بأن العيش مع السكلر مؤلم جدًا، لأنك بعد المعاناة من نوبة الألم بحاجة للعودة والاندماج مرة أخرى مع المجتمع الذي يرفضك. ألمي الأكبر ليس في التعامل مع نوبات الألم في المستشفى بل العودة للمجتمع مرة أخرى وعدم القدرة على إحداث الأثر وإضفاء القيمة للمجتمع.
على سبيل المثال قد تقول لي المعلمة لماذا تعودين للمدرسة مجددًا؟ والدراسة صعبة عليك وأنت لا تستوعبين الدروس سريعا ومتأخرة عن أقرانك.. عموما العيش مع هذا المرض صعب. ولكن مع مرور الوقت بدأت أتقبل اختلافي عن الآخرين وبدأت أتعلم كيف أصنع فرصي بنفسي وأصبح أقوى بهذا الاختلاف.
تجربة البحرين
ما سبب زيارتك للبحرين؟
هذه زيارتي الثالثة للبحرين لسبب وجيه جدًا، وهو أنني أريد نشر التجربة البحرينية للناس الذين يعانون من مرض ”السكلر“.
وأشعر بأنها لن تكون زيارتي الأخيرة بل سأعود مجددًا بالطبع، لأنني أحب الطريقة التي يندمج فيها مرضى ”السكلر“ في البحرين مع المجتمع وهذا ما لم أره في أي مكان آخر في العالم.
وأكاد لا أصدق بأن هناك من يفكر في مريض ”السكلر“ في جانب التعليم، العمل، الإسكان، الشغف والإبداع.
رائعة هذه الرعاية الشاملة لمرضى ”السكلر“، مقارنة بدول أخرى في العالم حيث يعيش المرضى دائما في ذعر وقلق لإثبات أنفسهم وتقدير وضعهم الصحي.
البحرين صنعت الرعاية الشاملة بشكل جميل جدًا.. وأريد لكل العالم بأن يعرف ذلك، بأن هناك أملا.
وهذا الأمل يصنع الفارق فقط حين نعمل جميعًا معًا ونبني استراتيجيات وخطط جامعة لكل الذين يعانون من مرض ”السكلر“.
علاقة وطيدة
ما جوانب النجاح في رعاية مريض ”السكلر“ في بلدك وكيف يمكن أن نستفيد من تجربتكم أيضا؟
في المملكة المتحدة نملك علاقة شخصية وطيدة مع الأطباء. لأنهم شغوفون جدًا ويهتمون بنا فعلًا..
وخلال جائحة كورونا حجز الأطباء غرفة لمرضى ”السكلر“ فقط لتسهيل الوصول للمستشفى، وتاكدوا من أن يكون مرضى ”السكلر“ من أوائل المتطعمين ضد فيروس كورونا، وأنا فخورة جدًا بأسلوب تعاطيهم مع المرضى حيث ينظرون إليهم كحالة إنسانية، ويتبعون بروتوكولا علاجيا جميلا في تقليل جرعات الأدوية المخدرة.
الحاجة للاندماج
حدثيني عن التحديات التي ما زلتم تواجهونها في رعاية مرضى ”السكلر“.
التحديات والصعوبات لدينا هي في الواقع نجاح نراه واضحًا في البحرين، وهو الاندماج في المجتمع والرعاية الشاملة لمريض ”السكلر“.
بالإضافة للفهم بأن ”السكلر“ ليس نوبة الألم فقط، بل الدمج في المجتمع.
على سبيل المثال في بلدنا حين تصبحين أما وأنت مريضة سكلر فالعناية بهذا الطفل صعبة جدًا.. لأنك تحاولين النجاة من نوبات الألم وفي الوقت ذاته ترغبين في رعاية طفلك.
ما وجدته في المملكة المتحدة وبقية دول العالم هو أنهم يتركونك، يمنحونك علاج الألم وتظل في المستشفى متناسين بأن لك عائلة تحتاج رعاية أيضا.. وإن لم يكن لديك المال الكافي لتوظيف مربية أطفال فالعناية بالأطفال صعبة جدًا. لأن المنظور الاجتماعي مازال غير منظم حتى الآن.
نحن بحاجة لتمكين مريض السكلر للحصول على تعليم أفضل، الحصول على وظيفة مناسبة وخدمات اسكانية أفضل واستيعاب احتياجاتهم.
هنالك فراغ كبير في دعم المريض اجتماعيًا.
ألم أم إدمان؟
هل تعانون أيضًا في بلادكم من وصم الإدمان الذي يتعرض له كثير من مرضى ”السكلر“ في العالم بسبب حاجتهم للأدوية المخدرة؟
أعتقد بأن مسألة الوصم بالإدمان على الأدوية المخدرة مسألة عالمية وموجودة في كل مكان. لأكون صادقة أكثر غالبية المصابين ب ”السكلر“ في المملكة المتحدة هم من ذوي البشرة السمراء، لذا من السهل وصمهم بالإدمان، ووصم الإدمان بأننا نذهب للمستشفى فقط لأننا مدمنون على المورفين موجود بالطبع.
بعض الأطباء أحيانًا يتساءلون عن سبب وجودنا في المستشفى، هل نحن هنا للعلاج أم لأننا مدمنون؟
نحاول التخلص من هذا الوصم ولكننا لم ننجح بعد.
أحيانا نتعرض لمحاكمات الأطباء وتساؤلاتهم: هل يحتاج هذا المريض بالفعل لهذا الدواء؟ وهذه الجرعة؟
وحين تتكرر زياراتنا أكثر من مرة خلال الشهر تبدأ الاتهامات بأنك مدمن ويراجعون أنفسهم لمنحك الدواء المخدر.
نرى ذلك أحيانًا، ونعرف بأن البعض يذهب للمستشفى لأنه يتألم والبعض الآخر مدمن، لذا هذا تحدٍّ كبير في تقييم الحالات وإذا كنت أمام مدمن كيف تتعامل معه بالطريقة الصحيحة ليتعافى ويتخلص من ذلك.
الأمر معقد قليلًا ولكن بالتعاون مع المرضى من الممكن إيجاد الحلول المناسبة.
شعب ودود
بالإضافة للوضع الصحي ورعاية محاربي السكلر في البحرين.. حدثيني عن انطباعاتك وكيف وجدتِ الإنسان البحريني خلال زيارتك؟
تجربتي في البحرين رائعة جدًّا، لقد أتيت من المملكة المتحدة ودرجة الحرارة هنالك 20 حتى الآن، ومقارنة ببلدي البحرين حارة جدًا، ولكن لكل مكان مناخه الخاص ومن السهل التأقلم معه.
بالنسبة للمجتمع، أنا أحب المجتمع البحريني لأنني أرى الكثير من السكان المحليين الودودين، الكل هنا مبتسم ولا أحد يمنحني نظرات سلبية.. الكل يريد أن يساعد بشكل ما، الكل يستضيفك هنا ويشعرك بالترحيب الشديد ويريدون اصطحابك للتعرف على عوائلهم وأهلهم، وهذا يدفعني للتفكير بأنني يجب أن أفتح أبوابي للناس أكثر حين أعود إلى لندن.
لأننا أحيانا نعيش في مجتمع فردي حيث لا أعرف فيه حتى جيراني، أو لا ألقي التحية عليهم أساسا.
هنا أرى الجميع سعداء ومترابطين، في المطاعم على سبيل المثال اصطحبني رئيس جمعية البحرين لرعاية مرضى ”السكلر“ زكريا الكاظم لتجربة أنواع الأكل البحريني المختلف، وشعرت بالراحة لتجربة الطعام لأنهم لا يجبرونك على تناول أي شيء، إنهم يقولون لك فقط: جربه وإن لم يعجبك اتركه.
الجو هنا والمناخ رائع وكل شيء جميل جدًا وأنصح أصدقائي بزيارة البحرين. حتى المجمعات التجارية والأسواق جميلة جدًا.
ما خططكم المستقبلية للتعاون مع البحرين في مجال رعاية مرضى السكلر؟
في البداية يجب أن نؤسس منظمة تجمعنا جميعا، وقد بدأنا ذلك بالفعل في منظمة تضخيم صوت الخلية المنجلية التي يرأسها زكريا الكاظم حاليا.
لقد أضعنا الوقت كثيرًا في محاولة تحسين الرعاية بشكل فردي ومنعزل في كل منظمة ومؤسسة على حدة، نحتاج لتوحيد صوتنا، ومشاركة تجاربنا وتطويرها.
نريد البدء من البحرين لسبب وجيه، وهو أنني سافرت حول العالم ومازلت معجبة بالتجربة البحرينية الناجحة.
ومن الأفضل دائما أن تبدأ عملك من حيث انتهى الآخرون وحيث يوجد آثار خطوات ناجحة مسبقًا في إدارة الألم والدمج المجتمعي.