+A
A-

حالة اللايقين تجاه روسيا تبقي النفط مرتفعًا فوق 100 دولار

حافظت أسعار النفط على ارتفاعاتها وظلت محتفظة بمستوياتها فوق حاجز 100 دولار للبرميل في مايو 2022 على الرغم من تزايد التقلبات بوتيرة حادة. وساهمت حالة عدم اليقين تجاه العقوبات التي فرضها الاتحاد الأوروبي على روسيا في ظل تصاعد بعض الخلافات في تعويض المخاوف المتعلقة بالطلب حيث واصلت الصين عمليات الإغلاق الصارمة نظرًا لارتفاع حالات الاصابة بفيروس كوفيد-19. وبالإضافة إلى ذلك، أثر الصراع بين روسيا وأوكرانيا على النمو الاقتصادي في منطقة الاتحاد الأوروبي مما أدى إلى قيام صندوق النقد الدولي بخفض توقعات نمو الناتج المحلي الإجمالي للمنطقة بنحو 110 نقاط أساس لتصل إلى 2.8 % في 2022 مقابل 5.3 % في 2021. كما أدى تسريع وتيرة تشديد السياسات النقدية في الولايات المتحدة في التأثير سلبًا على آفاق نمو الاقتصاد الأميركي، وهو الأمر الذي قد يؤدي إلى تباطؤ وتيرة النمو الاقتصادي نسبيًّا عما كان متوقعًا في السابق. 
أدت عمليات الإغلاق الصارمة في الصين، كما يتضح من انعدام مبيعات السيارات في شنغهاي خلال أبريل-2022، إلى انخفاض واردات النفط بوتيرة حادة على مستوى البلاد في أبريل-2022 كما أثرت أيضًا على النشاط الاقتصادي بصفة عامة. إذ انخفض الناتج الصناعي والإنفاق الاستهلاكي إلى أدنى مستوياتهما منذ بداية تفشي الجائحة مع عدم ظهور أي بوادر انتعاش قريب في الأفق، وفقاً لوكالة بلومبرج، في حين انخفض الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0.7 % على أساس سنوي في أبريل-2022. من جهة أخرى، أثر هذا الوضع أيضًا على سلسلة التوريد العالمية مع مواجهة مجموعة موسعة من الشركات بدءًا من شركات صناعة السيارات حتى شركات السلع الاستهلاكية لتصاعد التكاليف بوتيرة غير مسبوقة، هذا إلى جانب عقبات الإنتاج.
وفي ذات الوقت، أدت العقوبات الطوعية التي فرضتها العديد من الدول على مستوى العالم على النفط الروسي إلى تشديد أوضاع سوق النفط بوتيرة أسرع مما كان متوقعًا. وعلى الرغم من عدم إجماع دول الاتحاد الأوروبي وما نتج عن ذلك من تأخير فرض عقوبات كاملة على روسيا، إلا ان ألمانيا تخطط لوقف استيراد النفط الروسي بنهاية العام. نتيجة لذلك، قامت الأوبك في تقريرها الشهري بخفض الإمدادات المتوقعة القادمة من روسيا بمقدار 0.36 مليون برميل يوميًّا إلى 10.88 مليون برميل يوميًّا في العام 2022. من جهة أخرى، قالت وكالة الطاقة الدولية إن روسيا قلصت إنتاج النفط بنحو مليون برميل يوميًّا في أبريل-2022.
بالإضافة إلى ذلك، أدى عدم تمكن العديد من منتجي النفط من زيادة الإنتاج إلى تعزيز مكاسب أسعار النفط على الرغم من معنويات التشاؤم على جبهة الطلب. وأعلنت الأوبك عن زيادة الإنتاج بوتيرة هامشية خلال الشهر في ظل ارتفاع إنتاج كلا من العراق والسعودية، وهو الأمر الذي قابله جزئيًّا انخفاض حاد في إنتاج النفط الليبي. وبلغ معدل الامتثال الإجمالي للأوبك وحلفائها بحصص الانتاج 223 %، وفقًا لوكالة الطاقة الدولية، مع وصول معدل امتثال الدول الأعضاء بالأوبك إلى 162 %.
أما على صعيد سوق المنتجات المكررة فقد ظلت الأسعار بالقرب من مستويات قياسية في العديد من دول العالم. واخترقت أسعار العقود الآجلة للبنزين الأميركي حاجز 4 دولارات للبرميل للمرة الأولى لتصل إلى مستوى قياسي جديد، بينما ظلت أسعار الديزل مرتفعة على مستوى العالم نتيجة لانخفاض الصادرات الروسية. ولم تشهد أسعار وقود الطائرات تغيرًا يذكر، حيث ظل الطلب متأثرًا بتدابير الإغلاق التي فرضتها الصين والصراع الدائر بين روسيا وأوكرانيا. كما عكس ارتفاع الأسعار تعرض الطاقة التكريرية لعدد من الضغوط. وأدلى وزير النفط السعودي بتصريح مماثل يشير إلى أن أزمة التكرير هي العامل المحفز لزيادة تكاليف الوقود وليس نقص النفط.
الاتجاهات الشهرية لأسعار النفط
ظلت أسعار النفط فوق حاجز 100 دولار للبرميل في مايو-2022 بعد انخفاضه لفترة محدودة دون هذا المستوى في منتصف شهر ابريل، وذلك نظرًا لأن المخاوف التي ظهرت على جبهة الطلب قابلها قيود على جانب العرض. إلا أن وتيرة تقلبات الأسعار بدأت في التزايد منذ بداية الشهر، وتم تداول العقود الآجلة للنفط في نطاق 102.5 دولار أميركي للبرميل و112.4 دولار أميركي للبرميل. بالإضافة إلى ذلك، ساهمت أزمة التكرير في رفع أسعار المنتج النهائي وانعكس ذلك على ارتفاع أسعار البنزين التي وصلت إلى مستويات قياسية في الولايات المتحدة وكينيا، في حين سرعت المملكة المتحدة وتيرة تعديل الأسعار إلى كل ثلاثة أشهر بدلاً من ستة. وفي الهند، ظلت أسعار وقود الطائرات عند أعلى مستوياتها على الإطلاق بعد الزيادة الأخيرة بنسبة 5.3 %، بينما ظلت أسعار البنزين والديزل مرتفعة بالقرب من مستوياتها القياسية. وكشف تقرير وكالة بلومبرج عن انخفاض معدلات تكرير النفط في الصين إلى أدنى المستويات المسجلة منذ عامين تقريبًا نتيجة لعمليات الإغلاق، وهو الأمر الذي أدى إلى تراجع الطلب في البلاد. أما في الولايات المتحدة، أفاد تقرير صادر عن شركة تيرنر، ماسون آند كو، أن حوالي مليون برميل يوميًّا من طاقة التكرير، أو ما يعادل نحو 5 % من الإجمالي، قد تم إغلاقها منذ بداية الجائحة. وتقلصت طاقة التكرير على مستوى العالم بمقدار 2.13 مليون برميل يوميًّا وفقًا للتقرير.
في ذات الوقت، ارتفعت مخزونات النفط في الولايات المتحدة للأسبوع الثالث على التوالي وشهدت نموًّا على مدار 5 من أصل 6 أسابيع سابقة. إلا أن مخزونات نواتج التقطير في الولايات المتحدة تراجعت إلى أدنى مستوياتها المسجلة منذ مايو-2005، حيث اقتصر النمو على مخزونات وقود الطائرات فقط الأسبوع الماضي، وفقًا للتقرير الأسبوعي لإدارة معلومات الطاقة الأميركية. من جهة أخرى، انخفض الإنتاج في الولايات المتحدة للمرة الأولى في ثلاثة أسابيع بمقدار 100 ألف برميل يوميًّا ليصل إلى 11.8 مليون برميل يومياً خلال الأسبوع المنتهي في 6 مايو 2022. وجاء الانخفاض على الرغم من تزايد عدد منصات الحفر النفطية على مدار ثمانية أسابيع متتالية. وكشفت بيانات صادرة عن شركة بيكر هيوز أن عدد منصات النفط في الولايات المتحدة وصل إلى 563 منصة خلال الأسبوع المنتهي في 13 مايو 2022 بعد إضافة 39 منصة حفر جديدة خلال الثماني أسابيع الماضية.