+A
A-

وسط تصاعد التضخم والاضطرابات هل تحمل الطروحات الأولية رسالة طمأنة للمستثمرين؟

تقترب الطروحات الأولية بمنطقة الشرق الأوسط من تسجيل أفضل أداء على الإطلاق بنهاية النصف الأول من العام الجاري وذلك بسبب ارتفاع أسعار النفط أكبر عوائد دول المنطقة بنسبة تصل إلى 50 % لتحمل رسالة طمأنة وحماية للمستثمرين وسط التقلبات بأداء أسواق الأسهم العالمية نتيجة للتضخم وأسعار الفائدة والتوقعات الاقتصادية غير المستقرة تزامنا مع تصاعد تداعيات الحرب الأوكرانية الروسية.
تشكل الاكتتابات الأولية “استثماراً مغرياً” للمستثمرين الذين يفضلون الفرص الآمنة والتي تحمي أموالهم وقت الاضطرابات الجيوسياسة الكبرى وذلك بدعم الأساسات القوية للشركات وآفاق النمو الواعدة للاقتصاد بدول الخليج وأيضا في ظل تزايد الطلب على النفط وارتفاع أسعاره، وهو ما يمثل ارتفاع كبير لنسب العائد لدول المنطقة.
وبحسب إحصائية تستند لبيانات الأسواق الخليجية ومصر، فإنه وبالنسبة للاكتتابات الأولية والدرجات، فقد جمعت منذ بداية العام وحتى الأن نحو  11.4 مليار دولار وكان أبرزها وآخرها طرح “بروج” ليكون أكبر طرح عام بسوق أبوظبي للأوراق المالية والذي جمع أكثر من ملياري دولار وتجاوز تغطيته 42 ضعفا لتأتي بعد طرح “ديوا” بسوق دبي المالي، وهو الطرح الذي جمع نحو 6.1 مليار دولار وأصبح الأكبر بالشرق الأوسط منذ طرح شركة أرامكو السعودية في نوفمبر 2019 والذي جمع 25.6 مليار دولار.
وعلى الرغم من الهبوط الذي سجلته أسواق الخليج بنهاية شهر مايو الماضي وذلك للمرة الأولى في ستة أشهر إلا أن هناك أكثر من 250 طرح عام مرتقب بمنطقة الشرق الأوسط ككل.
وعلى مستوى شهر مايو، تراجع المؤشر الخليجي للمرة الأولى في ستة أشهر بنسبة 7.5 %، نتيجة للضغوط البيعية التي تعرضت لها البورصات العالمية الأخرى والتي سجلت خسائر خلال ثلاثة من أصل خمسة أشهر الأولى من هذا العام.
وخلال الشهر الماضي، تراجع مؤشر بورصة دبي 10 %، والكويت 6.8 %، والبحرين 6.6 %، والسعودية 5.6 %، وقطر 4.9 %، وسلطنة عمان 1 % كما تراجع مؤشر سوق أبوظبي طفيفا بنسبة 0.3 %.
ورغم عمليات البيع الحاد في أسواق الأسهم الإقليمية الشهر الماضي، إلا إن هناك تقريرا حديثا صادرا من وكالة بلومبيرج الإخبارية مؤخرا، أشار إلى أن نشاط الطرح العام الأوّلي بالخليج من المنتظر أن يستمر وبقيمة تزيد عن مليار دولار بالسعودية، كما أن دبي تستعد لمواصلة فورة الطروحات وتواصل أسواق الشرق الأوسط الحفاظ على مكانتها بين الأسواق العالمية الأفضل أداءً هذا العام، مع ارتفاع التداول في السعودية بمقدار 13 % وارتفاع مؤشر سوق دبي بنحو 6.6 %.
ويقول رئيس قسم أبحاث السوق لدى شركة سبائك مصر، طاهر مرسي، إن الارتفاعات القياسية بأسعار الطاقة، والنفط عززت من شهية الاستثمار في أسواق المنطقة، مع توجه العالم لزيادة مخصصات الاستثمار في الطاقة، مما أنعش القطاع بشكل كبير، مع استقباله مزيد من الاستثمارات التي تهدف للتغلب على الأزمة الحالية.
وأوضح أن تعزيز الخصوصية التي تتمتع بها دول المنطقة، من استقرار اقتصادي كبير، يعود بشكل واضح لهيمنتها على أكبر نسبة من إنتاج النفط، والغاز في العالم مما يجنب أسواق المنطقة الهزات العنيفة التي تتعرض لها الدول الأخرى، وعلى رأسها الاقتصادات التي تعاني من ارتفاع أسعار الطاقة، كالولايات المتحدة، وأوروبا، حتى الصين.
وأشار إلى أن هناك بوادره بانتعاش الأسواق بشكل كبير، من خلال مجموعة من الاكتتابات الأولية خلال النصف الأول من العام الجاري، والتي أظهرت وضعا استثنائيا لأسواق المنطقة، رغم الوضع الاقتصادي الصعب الذي تعاني منه الاقتصادات الرئيسة والغربية خصوصا.
ويهدد الركود منطقة اليورو، بالتزامن مع أكبر موجة تضخم في تاريخ الاتحاد منذ نصف قرن تقريبا، مما يمهد لركود تضخمي قاتل للاقتصاد العالمي وسط تصاعد الأحداث الأوكرانية، ففي الوقت الذي تراجعت فيه أسواق الغرب عموما، بمعدلات قياسية، وصلت إلى نحو 20 % على مؤشر ستاندرد اند بورز، الأوسع نطاقا بالولايات المتحدة، إلا أن أسواق المنطقة تأثرت بشكل طفيف حتى الآن، بدعم من الاكتتابات الأولية، والتي استطاعت جمع ما يزيد عن 11 مليار دولار منذ بداية العالم، لتتجاوز ما تم جمعه خلال أي نصف سابقا.
وأشار طاهر مرسي إلى أن ارتفاعات التدفقات المالية من المستثمرين الأجانب لأسواق المنطقة، رغم التخارج الواسع من الأسواق الأخرى، أدى لزيادة ثقة المستثمرين بالأسواق رغم المخاطر التي تحيط بالأسواق العالمية الأخرى.
أما عن تأثير الحرب الروسية الأوكرانية، أكد مرسي أنه لاشك فيه أنها ستصب في صالح مزيد من ارتفاع أسعار الطاقة، وهو ما يصب في صالح دول المنطقة، ويعزز من فوائضها، واحتياطياتها النقدية، بما ينعكس بمزيد من الانتعاش، ومزيد من ازدهار الأسواق المالية والاستعداد بوضع الخطط المناسبة للطروحات الأولية.


قمم تاريخية
وقال أيمن فودة، رئيس لجنة أسواق المال بالمجلس الاقتصادي الإفريقي، إنه على الرغم من الارتفاع الجماعي لنسب التضخم فى كافة أنحاء المعمورة مع الأزمة الروسية الأوكرانية ومن قبلها كورونا واضطراب سلاسل التوريد وارتفاع أسعار الطاقة وخامات الصناعة إلا أنه لا تزال الاسهم هى الغطاء الانسب للحفاظ على القيمة فى ظل هذا الظرزف من حيث الاستثمار فى الأصول التى تعاظمت قيمتها مع هذا الارتفاع غير المسبوق فى نسب التضخم عالميا والذي سجل اكثر من 8 % في أوروبا و وأميركا و هو ما لم يحدث منذ عقود مضت.
وأشار إلى أنه مع صمود أسواق المنطقة وخاصة الخليجية التي سجلت قمم تاريخية خلال شهر أبريل وصمدت أمام تلك الأعاصير بالرغم من موجات جني الارباح التي شهدتها خلال شهر مايو بعد موجة صعود كبيرة على إثر ارتفاع أسعار النفط المحرك الرئيس لمعظم اقتصادات الخليج والذي تجلى في نجاح الطروحات الأولية التي شهدتها المنطقة.
وأوضح أن ذلك يعكس وجود السيولة المتربصة للأسواق ترقبا للفرص الاستثمارية الجيدة لشركات ضخمة تحمل الثقة للمستثمر بتحقيق عوائد كبيرة على هذا النوع من الاستثمار ليأتي ذلك على النقيض ياتى هذا مع حالة من العزوف على طروحات غربية و أميركية خلال الاضطرابات الأخيرة التي شهدتها الاسوق.
وذكر أنه تم إلغاء طروحات لشركات شيكات على بياض بأكثر من 4 مليارات دولار فى نيويورك منذ بداية العام، كذلك فشل طرح منصة الموارد البشرية الأميركية “جاست وركس”  والشركة الناشئة الهولندية “وي ترانسفي “ لنقص الطلب و الذى انتهى بإلغاء الإدراج كما أجلت كلاً من شركة الأدوية الألمانية “ تشبلافارم”  والبنك الإسباني “ إيبركاجا” الاكتتاب العام فى ظل ارتباك الأسواق.
وأشار إلى أن أسعار النفط لا تزال في ارتفاع مع مواصلة العقوبات الأوروبية على النفط الروسي و تراجع المخزونات الأميركية وزيادة الطلب والذي يتوقع معه جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية لمنطقة الشرق الأوسط والخليج بقيادة السعودية التي تخطط للمزيد من الطروحات الضخمة لتعظيم الاستثمار في الأصول المملوكة للدولة ونشاط الصندوق السيادي السعودي في هذا الصدد.