+A
A-

الحلقة الأولى من “وقفة” مع الكاتب والصحافي المعروف إبراهيم بشمي

‭ ‬“عبدالله‭ ‬بشمي”‭ ‬أول‭ ‬محل‭ ‬استورد‭ ‬مكبرات‭ ‬الصوت‭ ‬في‭ ‬البحرين

أعد‭ ‬كتابا‭ ‬عن‭ ‬الخليج‭ ‬وآخر‭ ‬عن‭ ‬البحرين‭ ‬وكتابين‭ ‬عن‭ ‬الصحافة

البرتغاليون‭ ‬أهدوا‭ ‬عامل‭ ‬الجبور‭ ‬30‭ ‬جرة‭ ‬من‭ ‬“المهياوة”

الشيخ‭ ‬قاسم‭ ‬المهزع‭ ‬أفتى‭ ‬بجذع‭ ‬أنف‭ ‬ناصر‭ ‬الخيري‭ ‬وإغلاق‭ ‬مكتبته

عوائل‭ ‬أميركية‭ ‬وإنجليزية‭ ‬سكنت‭ ‬بناية‭ ‬حسين‭ ‬يتيم‭ ‬بالمنامة

5‭ ‬كتب‭ ‬جديدة‭ ‬تنتظر‭ ‬الميزانية‭ ‬لتنطلق‭ ‬للطباعة

المعبد‭ ‬الهندوسي‭ ‬مفتوح‭ ‬للجميع‭ ‬وكنا‭ ‬نصطاد‭ ‬فيه‭ ‬الحمام‭ ‬ظهرًا‭ ‬ونطبخه

جارتنا‭ ‬يهودية‭ ‬واسمها‭ ‬روزا‭ ‬وتهدي‭ ‬بيتنا‭ ‬“الدجاج‭ ‬المسلم”

في‭ ‬باب‭ ‬البحرين‭ ‬تتراص‭ ‬العلاقات‭ ‬بتراص‭ ‬محلات‭ ‬من‭ ‬أطياف‭ ‬مختلفة

الأجواء‭ ‬في‭ ‬المدرسة‭ ‬الشرقية‭ ‬كانت‭ ‬تقود‭ ‬للمشاغبة

كتابي‭ ‬عن‭ ‬“المهياوة‭ ‬في‭ ‬الخليج”‭ ‬يعتبر‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬نوعه‭ ‬عن‭ ‬“كافيار‭ ‬الخليج”

 

الشعلة محاورا بمشي

يطل رئيس مجلس إدارة “البلاد” عبدالنبي الشعلة في حلقة جديدة من برنامج “وقفة”، مستضيفًا الكاتب والصحافي المعروف إبراهيم بشمي.
وفي الحلقة الأولى من “وقفة” مع بشمي، يعود شريط الذكريات لنشأته في المنامة، العاصمة العابرة للطوائف والدراسة الابتدائية والثانوية، وما شهدته البحرين من أحداث في تلك الفترة من الزمن، إضافة إلى وقفة عن أبرز إصداراته المقبلة.
وتبث الحلقة الأولى من أصل 3 حلقات اليوم الأحد. ويمكن مشاهدة التسجيل الكامل للحلقة عبر قناة “البلاد” باليوتيوب ومختلف المنصات الرقمية. وفيما يأتي أبرز ما تضمنه حوار الحلقة الأولى:

 

كتبي‭ ‬الجديدة

ما‭ ‬الكتب‭ ‬والإنتاجات‭ ‬التي‭ ‬تعد‭ ‬لإصدارها‭ ‬قريبا؟

‭- ‬بين‭ ‬يدي‭ ‬حاليا‭ ‬5‭ ‬كتب،‭ ‬بينها‭ ‬كتاب‭ ‬سياسي‭ ‬عن‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية،‭ ‬وكتاب‭ ‬عن‭ ‬الخليج،‭ ‬وكتاب‭ ‬عن‭ ‬البحرين،‭ ‬وكتابين‭ ‬عن‭ ‬الصحافة‭ ‬في‭ ‬البحرين،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬14‭ ‬قصة‭ ‬للأطفال‭ ‬جاهزة‭ ‬ومرسومة،‭ ‬تنتظر‭ ‬الميزانية‭ ‬المناسبة‭ ‬لتنطلق‭ ‬إلى‭ ‬المطبعة‭.‬

وكان‭ ‬آخر‭ ‬كتبي‭ ‬“المنامة‭ ‬شانزليزيه‭ ‬الخليج”‭ ‬وهو‭ ‬إعادة‭ ‬موسعة‭ ‬لكتاب‭ ‬طبع‭ ‬في‭ ‬1994،‭ ‬أما‭ ‬كتاب‭ ‬“المهياوة‭ ‬كافيار‭ ‬الخليج”‭ ‬فهو‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬نوعه،‭ ‬إذ‭ ‬يتحدث‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬النوع‭ ‬من‭ ‬الطعام،‭ ‬واتضح‭ ‬أن‭ ‬الحملة‭ ‬البرتغالية‭ ‬لغزو‭ ‬الخليج‭ ‬التي‭ ‬كان‭ ‬يرأسها‭ ‬ألفونسو‭ ‬دي‭ ‬ألبوكيرك،‭ ‬كانت‭ ‬تضم‭ ‬12‭ ‬مؤرخا‭ ‬وكاتبا‭ ‬يتبعون‭ ‬الملك‭ ‬البرتغالي‭ ‬مباشرة،‭ ‬وكانوا‭ ‬يدونون‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬يصادفهم‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الرحلات‭ ‬ويرسلونها‭ ‬للملك‭. ‬وعندما‭ ‬احتل‭ ‬البرتغاليون‭ ‬هرمز،‭ ‬ووقعت‭ ‬حرب‭ ‬بمنطقة‭ ‬البحرين‭ ‬الكبيرة،‭ ‬خصوصا‭ ‬مع‭ ‬الجبوريين،‭ ‬وفي‭ ‬ضوء‭ ‬المفاوضات‭ ‬أهدى‭ ‬البرتغاليون‭ ‬عامل‭ ‬الجبور‭ ‬30‭ ‬جرة‭ ‬من‭ ‬عصير‭ ‬السمك‭ (‬المهياوة‭). ‬وكانوا‭ ‬يستعينون‭ ‬بهذه‭ ‬الوجبة‭ ‬للرحلات‭ ‬الطويلة،‭ ‬وهنا‭ ‬تثور‭ ‬التساؤلات،‭ ‬هل‭ ‬أعطى‭ ‬البرتغاليون‭ ‬جهة‭ ‬ما‭ ‬بالمناطق‭ ‬التي‭ ‬وجدوا‭ ‬فيها‭ ‬خلطة‭ ‬“المهياوة”؟‭ ‬وما‭ ‬زال‭ ‬هذا‭ ‬الموضوع‭ ‬غامضا‭.‬

 

عاصمة‭ ‬التنوع

‭ ‬ولدت‭ ‬في‭ ‬العاصمة‭ ‬حيث‭ ‬الفرجان‭ ‬المترابطة‭ ‬والبيوت‭ ‬المتداخلة‭ ‬بين‭ ‬مساجد‭ ‬ومآتم،‭ ‬كما‭ ‬كنت‭ ‬على‭ ‬مقربة‭ ‬من‭ ‬المعبد‭ ‬الهندوسي‭ ‬وعلى‭ ‬بعد‭ ‬أمتار‭ ‬منه‭ ‬الكنيسة‭ ‬وكذلك‭ ‬المعبد‭ ‬اليهودي،‭ ‬كيف‭ ‬أثر‭ ‬هذا‭ ‬التداخل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬والنسيج‭ ‬الملون‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الوقت؟

‭- ‬عندما‭ ‬كنت‭ ‬أوقع‭ ‬كتاب‭ ‬“المنامة‭ ‬شانزليزيه‭ ‬الخليج”،‭ ‬كنت‭ ‬أكتب‭ ‬“مهما‭ ‬كانت‭ ‬ولادتك‭ ‬في‭ ‬المحرق‭ ‬أو‭ ‬جدحفص‭ ‬تظل‭ ‬المنامة‭ ‬هي‭ ‬عاصمة‭ ‬البحرين،‭ ‬وعاصمة‭ ‬التسامح‭ ‬والتنوع‭ ‬والمحبة‭ ‬والإتلاف‭ ‬مهما‭ ‬كان‭ ‬مولدك‭ ‬خارجها”‭.‬

“فريجنا”‭ ‬مكون‭ ‬من‭ ‬مختلف‭ ‬الفئات،‭ ‬كان‭ ‬بيت‭ ‬الشيخ‭ ‬محمد‭ ‬بن‭ ‬علي‭ ‬حميدان‭ ‬وسط‭ ‬براحة‭ ‬التاجر‭ ‬بن‭ ‬حديد،‭ ‬وهو‭ ‬أحد‭ ‬التجار‭ ‬النجديين‭ ‬الذين‭ ‬كانوا‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬وبعدها‭ ‬عاد‭ ‬إلى‭ ‬نجد،‭ ‬وكان‭ ‬ملاصقا‭ ‬لبيت‭ ‬حليمة‭ ‬الخاجة،‭ ‬ومن‭ ‬هناك‭ ‬إلى‭ ‬بيت‭ ‬سلمان‭ ‬كمال،‭ ‬بعدها‭ ‬بيوت‭ ‬عائلة‭ ‬الشكر‭ ‬والتي‭ ‬لم‭ ‬تفصل‭ ‬بينهم‭ ‬لا‭ ‬حواجز‭ ‬ولا‭ ‬فواصل،‭ ‬جنبا‭ ‬إلى‭ ‬جنب‭ ‬كانت‭ ‬بيوت‭ ‬العريض‭ ‬والعلوي‭ ‬والشيخ‭ ‬الناصري،‭ ‬وسعيد‭ ‬العوامي‭ ‬والشروقي‭ ‬وقمبر‭.‬

كان‭ ‬مأتم‭ ‬العريض‭ ‬ومأتم‭ ‬بن‭ ‬رجب‭ ‬وسط‭ ‬الحي،‭ ‬يمرون‭ ‬على‭ ‬جميع‭ ‬الأهالي‭ ‬من‭ ‬مختلف‭ ‬الفئات‭ ‬بـ‭ ‬“الجَفِير”؛‭ ‬للمساهمة‭ ‬في‭ ‬إقامة‭ ‬العزاء،‭ ‬وهناك‭ ‬من‭ ‬يتبرع‭ ‬بالأرز‭ ‬وغيرهم‭ ‬بالمال‭.‬

كما‭ ‬كنا‭ ‬نشارك‭ ‬في‭ ‬احتفالات‭ ‬“الديوالي”‭ ‬في‭ ‬المعبد‭ ‬الهندوسي‭ ‬القريب،‭ ‬وكان‭ ‬المعبد‭ ‬مفتوحا‭ ‬أمام‭ ‬الجميع‭ ‬دون‭ ‬استثناء،‭ ‬ولا‭ ‬يخلو‭ ‬الأمر‭ ‬من‭ ‬شقاوة‭ ‬الأطفال،‭ ‬فقد‭ ‬كنا‭ ‬ننتظر‭ ‬وقت‭ ‬غفوة‭ ‬الظهيرة‭ ‬في‭ ‬المعبد‭ ‬الهندوسي‭ ‬لنصيد‭ ‬الحمام‭ ‬في‭ ‬المعبد،‭ ‬ثم‭ ‬نتوجه‭ ‬به‭ ‬إلى‭ ‬أحد‭ ‬بيوت‭ ‬الحي‭ ‬ليطبخ‭ ‬ونأكله‭.‬

أذكر‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬سيدة‭ ‬يهودية‭ ‬تدعى‭ ‬“تفاحو”،‭ ‬وهي‭ ‬خياطة‭ ‬تبيع‭ ‬ملابس‭ ‬النساء‭ ‬ويقصدونها‭ ‬للشراء،‭ ‬وبجانبها‭ ‬مطعم‭ ‬“سمير‭ ‬أميس”،‭ ‬وهو‭ ‬أفضل‭ ‬مطعم‭ ‬لصنع‭ ‬البرجر‭ ‬حينها،‭ ‬وكثير‭ ‬من‭ ‬المقاهي‭ ‬والمطاعم‭.‬

بشمي مشاركا في تظاهرة طلابية بعد توقيف مدير المدرسة

‭ ‬تفاعل‭ ‬

‭ ‬إن‭ ‬هذه‭ ‬الصور‭ ‬تعكس‭ ‬لنا‭ ‬التعايش‭ ‬والتآلف‭ ‬والتداخل‭ ‬بين‭ ‬مختلف‭ ‬المكونات‭ ‬في‭ ‬المنامة،‭ ‬حيث‭ ‬العائلات‭ ‬اليهودية‭ ‬وكذلك‭ ‬كانت‭ ‬تلاصق‭ ‬بيوتكم‭ ‬المكتبة‭ ‬التابعة‭ ‬للكنيسة‭ ‬الإنجيلية‭ ‬ومكتبة‭ ‬التاجر،‭ ‬كيف‭ ‬ترى‭ ‬هذا‭ ‬التفاعل‭ ‬بين‭ ‬هذه‭ ‬المكونات؟

‭- ‬كنا‭ ‬نسكن‭ ‬شارع‭ ‬أبو‭ ‬العلاء‭ ‬الحضرمي،‭ ‬الذي‭ ‬يمتد‭ ‬من‭ ‬“فريج‭ ‬الشيوخ”‭ ‬إلى‭ ‬آخر‭ ‬“فريج‭ ‬الفاضل”،‭ ‬وكان‭ ‬بين‭ ‬البيت‭ ‬والسوق‭ ‬200‭ ‬قدم،‭ ‬وفي‭ ‬مقدمة‭ ‬السوق‭ ‬كانت‭ ‬هناك‭ ‬مكتبة‭ ‬محمد‭ ‬علي‭ ‬التاجر،‭ ‬والتي‭ ‬يجلس‭ ‬فيها‭ ‬كبار‭ ‬السن‭ ‬من‭ ‬الرجال‭ ‬بين‭ ‬الكتب‭ ‬والمجلدات‭ ‬والمخطوطات‭.‬

أما‭ ‬مكتبة‭ ‬“إقبال‭ ‬أول”‭ ‬فكان‭ ‬موقعها‭ ‬مقابلا‭ ‬للمكتبة‭ ‬الإنجيلية‭ ‬وأنشأت‭ ‬ضدها،‭ ‬وكانت‭ ‬على‭ ‬يد‭ ‬ناصر‭ ‬الخيري‭ ‬وأحمد‭ ‬بن‭ ‬حسن‭ ‬ومحسن‭ ‬مشهور،‭ ‬إذ‭ ‬دخلوا‭ ‬في‭ ‬مساجلات‭ ‬ومناوشات‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬صحيفة‭ ‬المنار‭ ‬في‭ ‬مصر‭ ‬وهي‭ ‬صحيفة‭ ‬دينية،‭ ‬والتي‭ ‬على‭ ‬إثرها‭ ‬أصدر‭ ‬الشيخ‭ ‬جاسم‭ ‬المهزع‭ ‬فتوى‭ ‬بجذع‭ ‬أنف‭ ‬ناصر‭ ‬الخيري‭ ‬وإغلاق‭ ‬المحل‭. ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬المكتبة‭ ‬موجودة‭ ‬في‭ ‬أحد‭ ‬أزقة‭ ‬سوق‭ ‬“الطواويش”‭ ‬مقابل‭ ‬المكتبة‭ ‬الإنجيلية،‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬لم‭ ‬يرمها‭ ‬أحد‭ ‬بحجر،‭ ‬ولم‭ ‬نشهد‭ ‬شجارا‭ ‬بينهم،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يعكس‭ ‬التفاعل‭ ‬بين‭ ‬المكونات‭ ‬الموجودة‭ ‬وقتها‭ ‬في‭ ‬العاصمة‭. ‬

وأذكر‭ ‬أن‭ ‬مقابل‭ ‬بيتنا‭ ‬كانت‭ ‬تعيش‭ ‬السيدة‭ ‬“روزا”‭ ‬اليهودية،‭ ‬والتي‭ ‬خرجت‭ ‬من‭ ‬البحرين‭ ‬بعد‭ ‬الأحداث‭ ‬التي‭ ‬حصلت،‭ ‬ولـ‭ ‬“روزا”‭ ‬شرفة‭ ‬خشبية،‭ ‬وكانت‭ ‬تنادي‭ ‬والدي‭ ‬محمد‭ ‬“لدي‭ ‬دجاجة‭ ‬مسلمة‭ ‬ونحن‭ ‬لا‭ ‬نأكل‭ ‬الدجاج‭ ‬المسلم”‭ ‬حسب‭ ‬قولها،‭ ‬ليرد‭ ‬عليها‭ ‬والدي‭ ‬بأننا‭ ‬“نأكل‭ ‬الدجاج‭ ‬المسلم”‭.‬

 

‭ ‬التعايش

هل‭ ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬ما‭ ‬عزز‭ ‬في‭ ‬جيلنا‭ ‬من‭ ‬قيم‭ ‬التآلف‭ ‬والتعايش‭ ‬والتسامح،‭ ‬وأصبحت‭ ‬مغروسة‭ ‬بالقوة‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تتغير‭ ‬بتغير‭ ‬الأيام؟

‭- ‬لقد‭ ‬سبقنا‭ ‬جيل‭ ‬اعتاد‭ ‬حياة‭ ‬القسوة‭ ‬والمشقة‭ ‬والتعب،‭ ‬وجاء‭ ‬جيلنا‭ ‬بمزيج‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬الجيل،‭ ‬فعرفنا‭ ‬المشقة‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬التعليم‭ ‬الذي‭ ‬تلقيناه‭ ‬كان‭ ‬له‭ ‬الفضل‭ ‬علينا‭. ‬كان‭ ‬في‭ ‬“الفريج”‭ ‬بناية‭ ‬حسين‭ ‬يتيم،‭ ‬وتسكنها‭ ‬عوائل‭ ‬أميركية‭ ‬وإنجليزية،‭ ‬وكنا‭ ‬نتواصل‭ ‬معهم‭ ‬بما‭ ‬نمتلكه‭ ‬من‭ ‬مفردات‭ ‬بسيطة‭ ‬حينها‭ ‬ونحن‭ ‬أطفال،‭ ‬كما‭ ‬شهدنا‭ ‬جيل‭ ‬الحلاقين‭ ‬والخياطين،‭ ‬وكلهم‭ ‬كانوا‭ ‬من‭ ‬الجنسية‭ ‬الهندية،‭ ‬وهم‭ ‬من‭ ‬عاشوا‭ ‬معنا‭ ‬في‭ ‬الحي‭ ‬وغيرهم‭ ‬من‭ ‬الحرفيين‭.‬

كما‭ ‬قدم‭ ‬للعمل‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬إلى‭ ‬البحرين،‭ ‬وامتزجوا‭ ‬بالأطياف‭ ‬بعد‭ ‬اكتشاف‭ ‬النفط،‭ ‬وما‭ ‬زالت‭ ‬الصور‭ ‬القديمة‭ ‬لمصفاة‭ ‬التكرير‭ ‬تشهد‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬المزيج،‭ ‬إذ‭ ‬تتنوع‭ ‬الملابس‭ ‬التي‭ ‬يرتديها‭ ‬العمال‭ ‬وقتها‭ ‬كل‭ ‬حسب‭ ‬جنسيته‭ ‬وأصوله‭.‬

وفي‭ ‬باب‭ ‬البحرين‭ ‬علاقات‭ ‬تتراص‭ ‬بتراص‭ ‬المحلات‭ ‬المختلفة‭ ‬لأصحابها‭ ‬من‭ ‬أطياف‭ ‬مختلفة،‭ ‬إذ‭ ‬تتلاصق‭ ‬محلات‭ ‬صفي‭ ‬وبوشابي‭ ‬والمحروس‭ ‬والمؤيد،‭ ‬لتصل‭ ‬إلى‭ ‬بيوت‭ ‬العرادية‭ ‬وجماعة‭ ‬الحساوية‭ ‬والحواج،‭ ‬مقابل‭ ‬محل‭ ‬محمد‭ ‬الشكر‭ ‬وعباس‭ ‬العرادي،‭ ‬وملاصق‭ ‬له‭ ‬محل‭ ‬عبدالله‭ ‬بشمي‭ ‬وهو‭ ‬أول‭ ‬من‭ ‬استورد‭ ‬مكبرات‭ ‬الصوت‭ ‬في‭ ‬البحرين‭.‬

بشمي في مرحلة الشباب

‭ ‬المشاغبة

بعد‭ ‬المدرسة‭ ‬الشرقية‭ ‬انتقلت‭ ‬للغربية،‭ ‬وكنت‭ ‬من‭ ‬المعروفين‭ ‬من‭ ‬الطلبة‭ ‬المشاغبين،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الصفة‭ ‬أتاحت‭ ‬لك‭ ‬السؤال‭ ‬والمناقشة‭ ‬خلافا‭ ‬لمن‭ ‬تربى‭ ‬على‭ ‬السكوت‭ ‬والإصغاء‭ ‬من‭ ‬الطلبة‭.‬

‭- ‬في‭ ‬المدرسة‭ ‬الشرقية‭ ‬كان‭ ‬المعلمون‭ ‬ممن‭ ‬يرتدون‭ ‬البدلات‭ ‬وربطات‭ ‬العنق‭ ‬وكأنهم‭ ‬معلمو‭ ‬طلبة‭ ‬جامعة‭ ‬وليس‭ ‬طلبة‭ ‬المستوى‭ ‬التحضيري،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬الأجواء‭ ‬فيها‭ ‬كانت‭ ‬تدفع‭ ‬للمشاغبة،‭ ‬فكنا‭ ‬نضرب‭ ‬على‭ ‬رؤوسنا‭ ‬بالعصي،‭ ‬كما‭ ‬كنا‭ ‬نضرب‭ ‬في‭ ‬المدرسة‭ ‬الغربية‭ ‬في‭ ‬الصفوف‭ ‬الأولى‭ ‬بالمسطرة‭ ‬على‭ ‬الأصابع‭.‬

أذكر‭ ‬تماما‭ ‬عندما‭ ‬كنت‭ ‬في‭ ‬الصف‭ ‬الثاني‭ ‬ابتدائي‭ ‬وفي‭ ‬شهر‭ ‬نوفمبر‭ ‬تحديدا،‭ ‬سمعنا‭ ‬صراخ‭ ‬يتعالى‭ ‬في‭ ‬المدرسة،‭ ‬إذ‭ ‬تم‭ ‬توقيف‭ ‬مدير‭ ‬المدرسة‭ ‬حسن‭ ‬الجشي،‭ ‬لتخرج‭ ‬التظاهرات‭ ‬في‭ ‬المدرسة‭ ‬الثانوية،‭ ‬كما‭ ‬خرج‭ ‬منهم‭ ‬طلبة‭ ‬المدرسة‭ ‬الصناعية،‭ ‬ولا‭ ‬أعلم‭ ‬ما‭ ‬دفعني‭ ‬للخروج‭ ‬معهم‭ ‬وقتها‭ ‬وأنا‭ ‬ما‭ ‬أزال‭ ‬في‭ ‬عمر‭ ‬السابعة‭ ‬تقريبا،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬أقراني‭ ‬كلهم‭ ‬عادوا‭ ‬إلى‭ ‬بيوتهم‭. ‬وتحت‭ ‬زخات‭ ‬المطر‭ ‬كان‭ ‬يقود‭ ‬التظاهرة‭ ‬المرحومان‭ ‬فؤاد‭ ‬الزين‭ ‬وعبدالله‭ ‬الباكر،‭ ‬لتقابلنا‭ ‬القوات‭ ‬الإنجليزية‭ ‬وتطلق‭ ‬الرصاص‭ ‬على‭ ‬المتظاهرين‭. ‬

 

التوجهات‭ ‬الحزبية

‭ ‬بدأت‭ ‬منذ‭ ‬تلك‭ ‬الفترة‭ ‬الانشغال‭ ‬بالحراك‭ ‬السياسي‭ ‬والوطني،‭ ‬وبداية‭ ‬نمو‭ ‬التوجهات‭ ‬الحزبية‭ ‬والقومية‭ ‬التي‭ ‬بدأت‭ ‬تدخل‭ ‬البلاد‭ ‬من‭ ‬مصادرها‭ ‬المختلفة‭.‬

‭- ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الفترة‭ ‬لم‭ ‬أكن‭ ‬محدد‭ ‬الاتجاه،‭ ‬قوميا‭ ‬أو‭ ‬ناصريا‭ ‬أو‭ ‬غيرها،‭ ‬إذ‭ ‬كنت‭ ‬صغيرا‭ ‬في‭ ‬العمر،‭ ‬وأذكر‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬1965‭ ‬كان‭ ‬العدوان‭ ‬الثلاثي‭ ‬على‭ ‬مصر،‭ ‬وكانت‭ ‬المدرسة‭ ‬تخرج‭ ‬في‭ ‬تظاهرة‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬المدرسة‭ ‬الغربية‭ ‬باتجاه‭ ‬باب‭ ‬البحرين،‭ ‬وهناك‭ ‬صورة‭ ‬لي‭ ‬بين‭ ‬المتظاهرين‭ ‬مع‭ ‬فؤاد‭ ‬الجشي‭ ‬والدكتور‭ ‬علي‭ ‬السندي‭ ‬وعلي‭ ‬عواجي،‭ ‬حتى‭ ‬العامل‭ ‬“حمالي‭ ‬الفريج”‭ ‬واسمه‭ ‬أحمد‭ ‬شارك‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬التظاهرة‭.‬

كان‭ ‬أخي‭ ‬غير‭ ‬الشقيق‭ ‬محمد‭ ‬علي‭ ‬خلفان‭ ‬مهووسا‭ ‬بالقراءة،‭ ‬وكان‭ ‬مشتركا‭ ‬مع‭ ‬إبراهيم‭ ‬عبيد،‭ ‬وهو‭ ‬من‭ ‬يجلب‭ ‬الصحف‭ ‬المصرية‭ ‬واللبنانية،‭ ‬وكنت‭ ‬أجلب‭ ‬له‭ ‬الصحف،‭ ‬منها‭: ‬“آخر‭ ‬ساعة”‭ ‬و‭ ‬“المصور”‭ ‬و‭ ‬“الأهرام”‭ ‬و‭ ‬“صباح‭ ‬الخير”،‭ ‬ومن‭ ‬ضمنها‭ ‬مجلة‭ ‬“سندباد”‭ ‬و‭ ‬“ميكي”‭ ‬و‭ ‬”سمير”‭ ‬التي‭ ‬أقرأها‭ ‬أنا،‭ ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أني‭ ‬كنت‭ ‬في‭ ‬الصف‭ ‬الثاني‭ ‬الابتدائي‭ ‬إلا‭ ‬أنني‭ ‬قرأت‭ ‬قصص‭ ‬“أرسين‭ ‬لوبين‭ ‬روكامبول”‭ ‬وهي‭ ‬قصص‭ ‬الجاسوسية،‭ ‬وعلمتني‭ ‬هذه‭ ‬القصص‭ ‬القراءة‭ ‬السريعة،‭ ‬وما‭ ‬زلت‭ ‬أقرأ‭ ‬الصفحة‭ ‬في‭ ‬دقيقة،‭ ‬وكان‭ ‬نهم‭ ‬القراءة‭ ‬لدي‭ ‬منذ‭ ‬وقت‭ ‬مبكر،‭ ‬وإن‭ ‬كنت‭ ‬لا‭ ‬أستوعب‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬أقرأه،‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬جعلني‭ ‬أرى‭ ‬الدنيا‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬هذه‭ ‬الكتابات‭ ‬كالمنفلوطي‭ ‬وغيرهم‭.‬

 


فريق العمل:

تقديم‭: ‬عبدالنبي‭ ‬الشعلة

إعداد‭: ‬راشد‭ ‬الغائب‭ ‬وحوراء‭ ‬مرهون

تصوير‭:‬ رسول‭ ‬الحجيري،‭ ‬حسن‭ ‬بوحسن،‭ ‬حسن‭ ‬الساري،‭ ‬علي‭ ‬مرهون

مونتاج‭ ‬وإخراج‭: ‬جاسم‭ ‬محمد

أعد‭ ‬الحلقة‭ ‬للنشر‭: ‬ليلى‭ ‬مال‭ ‬الله‭ ‬

تنفيذ‭ ‬وإخراج‭ ‬الصفحة‭:‬ محمد‭ ‬الستراوي