العدد 4985
الأربعاء 08 يونيو 2022
banner
هل تتعمد واشنطن التصعيد ضد الصين؟ (1)
الأربعاء 08 يونيو 2022

لا تبدو لي أية مفاجأة في تصريحات الرئيس الأميركي جو بايدن بشأن تايوان، حتى قوله إن الصين “تلعب بالنار” بشأن تايوان، وتلويحه غير المسبوق أميركياً باللجوء إلى القوة للدفاع عن الجزيرة في حال وقوع أي هجوم صيني، وتأكيده أن الأمر هو “التزام أميركي قطعناه على أنفسنا”، يأتي ـ برأيي ـ اتساقاً مع اللغة الخشنة التي تستخدمها واشنطن في التعبير عن مواقفها تجاه بكين في الآونة الأخيرة، ولاسيما منذ اندلاع الأزمة الأوكرانية.
يبدو واضحاً أن مجرد مقارنة الرئيس بايدن بين أية عملية عسكرية صينية محتملة لاستعادة الجزيرة التي تعتبرها بكين “جزءاً لا يتجزأ من الوطن الأم”، وبين ما حدث في أوكرانيا، قد استفز الجانب الصيني لأبعد مدى، حيث حرصت الخارجية الصينية على التأكيد بأن “قضية تايوان شأن داخلي محض”، مضيفة أنه “فيما يتعلق بالقضايا التي تمس المصالح الجوهرية للصين المتمثلة في السيادة ووحدة أراضي الصين، ليس لدى الصين مجال للتسوية أو التنازل”، ما يعني أن الصين لا تقبل مجرد مناقشة الأمر باعتباره من قضايا الشؤون الداخلية الخاصة بسيادة الدول، التي طالما تمسكت الدبلوماسية الصينية بترسيخها في إطار المبادئ والقوانين الدولية، وسلكت نهجاً دبلوماسياً متماهياً مع هذا الأمر حيال جميع القضايا والأزمات.
ولا أعتقد أن الرئيس بايدن يلقي ـ في هذا الإطار ـ قنبلة كلامية أو تصريحاً مفخخاً كما يقول البعض للتغطية على اخفاقات أميركية أخرى، فالمعنى مقصود تماماً ومدروس بدقة، على الأقل من جانب دائرة مقربة للرئيس، فالأمر هنا تحديداً جلل ولا يحتمل زلات اللسان كالتي تحدث بين الفينة والأخرى، لكن أهدافه تحتاج إلى المزيد من التحليل المعمق؛ فرغم أن بايدن لم يشر إلى مساعدة تايوان على غرار السيناريو الأوكراني، بل تحدث بوضوح عن تدخل عسكري أميركي مباشر دفاعاً عنها، فإن الأهم من وجهة نظري أن بايدن يمضي على درب تقسيم العالم إلى محورين جديدين، الديمقراطيات والأنظمة الاستبدادية، معتبراً أن منطقة آسيا والمحيط الهادئ تشكل ساحة معركة رئيسية في هذه المنازلة الاستراتيجية الكبرى. “إيلاف”.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .