+A
A-

صراع صيني أميركي على كعكة آسيا والمحيط الهادئ.. لمن تميل الكفة؟

وسط الضجة التي أحدثتها استراتيجية الرئيس الأميركي جو بايدن الجديدة لمنطقة المحيطين الهندي والهادئ، نفذت الصين جولات مكوكية، إذ استضافت مناقشة رفيعة المستوى حول اتفاقية RCEP، أكبر اتفاقية تجارية في العالم.

جاء ذلك بعد أيام من إطلاق إدارة بايدن للإطار الاقتصادي لمنطقة المحيطين الهندي والهادئ، أو اتفاقية الشراكة المعروفة اختصاراً باسم IPEF، وهي شراكة تضم 13 دولة، باستثناء الصين، حيث تسعى الولايات المتحدة إلى توسيع قيادتها السياسية والاقتصادية في المنطقة.

وأكد اجتماع الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة (RCEP) في جزيرة هاينان الصينية، توقعات المحللين أنه بدلاً من الرد على IPEF أو مواجهتها، من المرجح أن تمضي الصين قدماً في اتفاقيات التجارة المتفق عليها والاستفادة من التعريفات الجاهزة والوصول إلى الأسواق.

قالت الباحثة التجارية في مدرسة إس راجاراتنام للدراسات الدولية في جامعة نانيانغ التكنولوجية في سنغافورة، لي زيروي: "لن تتخذ الصين إجراءات فورية أو هادفة للرد على IPEF".

في منتدى RCEP Media & Think Tank، الذي عقد في هايكو عاصمة هاينان في عطلة نهاية الأسبوع بعد الإعلان عن IPEF، اجتمع خبراء التجارة غير الحكوميين في جميع أنحاء المنطقة لمناقشة المزيد من الطرق لتوسيع التجارة داخل الكتلة.

وتضم RCEP الصين وكتلة دول الآسيان العشرة، إلى جانب أستراليا، واليابان، وكوريا الجنوبية، ونيوزيلاندا.

وبقيادة حكومة هاينان، يمثل الاجتماع أيضاً جهداً إقليمياً آخر للوفاء باستراتيجية بكين الأوسع لتنفيذ RCEP منذ إطلاقها في بداية هذا العام.

وقالت لي: "تماشياً مع دعمها للتعددية والعولمة، من المرجح أن تستمر الصين في الترويج لاعتماد RCEP لأن هذا يمنح الدول الأعضاء وصولاً هائلاً إلى الأسواق، وهو ما تفتقر إليه اتفاقية IPEF".

وأضافت أن الصين سترد على الأرجح على الولايات المتحدة في أي من غزواتها الاقتصادية المستقبلية في منطقة آسيا والمحيط الهادئ من خلال توسيع هيمنتها الاقتصادية في المنطقة وتنمية تجارتها في ظل اتفاقية الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة RCEP، وفقاً لما ذكرته شبكة "CNBC".

كما توقعت أن تركز بكين أيضاً على طلباتها للانضمام إلى صفقات تجارية أخرى واسعة النطاق بما في ذلك ثاني أكبر اتفاقية تجارية عالمية، والاتفاقية الشاملة والمتقدمة للشراكة عبر المحيط الهادئ (CPTPP) واتفاقية شراكة الاقتصاد الرقمي (DEPA).

وأضافت أن استراتيجية الصين سوف تتماشى مع الطريقة التي تنظر بها هي والدول الأخرى والمراقبون السياسيون إلى IPEF، وهو اتفاق غير تجاري، وميل بايدن الجيوسياسي وليس الاقتصادي إلى منطقة آسيا والمحيط الهادئ.

وفي أواخر مايو، بعد إطلاق IPEF، انتقد رئيس الوزراء الماليزي السابق مهاتير محمد اتفاق المحيطين الهندي والهادئ، وقال إنه تحرك سياسي من قبل الولايات المتحدة لعزل الصين. على الرغم من أن ماليزيا واحدة من 13 دولة انضمت إلى IPEF والتي لم تشمل الصين.

ورأى المتخصص في التجارة هينغ وانغ، الموجود في مركز هربرت سميث فريهيلز الصيني الدولي لقانون التجارة والاقتصاد (CIBEL) بجامعة نيو ساوث ويلز، أن الصين ستستمر في استخدام إمكانية الوصول إلى الأسواق التي تتمتع بها بموجب اتفاقية RCEP لتعميق وجودها في المنطقة.

واعتبر أستاذ القانون المساعد في جامعة سنغافورة للإدارة، هنري جاو، أن تهديد صفقة تجارية منافسة من قبل الولايات المتحدة لا يزال حقيقة واقعة.

وقال جاو: "لا يوجد شك لدى أي شخص حول رؤية الولايات المتحدة لـ IPEF باعتبارها قاتلة لاتفاقية RCEP، مشيراً إلى تصريح البيت الأبيض في إعلان الاتفاقية أن الدول الأعضاء فيها تشكل معاً 40% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي.

وتساءل جاو، إذا لم تكن كذلك، فلماذا استخدم البيت الأبيض هذا النوع من التصريحات في حين أن IPEF ليس من المفترض أن تكون حول الوصول إلى السوق؟".

وأشار جاو إلى تناسق التعليقات التي أدلى بها أعضاء RCEP، خاصة الصين، والذين كانوا يعلنون حقيقة أن RCEP تمثل 30% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي.

خطط الصين الكبرى لـ RCEP

في غضون ذلك، حققت الصين تقدماً بالفعل في تنفيذ RCEP منذ إطلاقها في يناير، وفقاً لما قالته لي.

إذ وضعت بكين مبادئ توجيهية في 6 مجالات بما في ذلك التجارة والتصنيع، وشجعت على استخدام اليوان الصيني للتسوية التجارية للصفقات التجارية. كما طلبت السلطات من الشركات متابعة استخدام ميناء التجارة الحرة الذي حظي بتغطية إعلامية كبيرة في هاينان والذي كان ينفذ نظاماً جمركياً مستقلاً.

وأشارت لي، إلى أن 10 مقاطعات على الأقل بما في ذلك فوجيان وتشجيانغ قد وضعت خططاً مكثفة لاستخدام RCEP.

أما بالنسبة لتوقيع المزيد من الصفقات التجارية لمواجهة IPEF المحتملة، فلن توقع الصين على الأرجح اتفاقيات ثنائية أو ثلاثية أخرى في المنطقة مثل إبرام اتفاقية التجارة الحرة المعلقة بين الصين واليابان وكوريا، كما قالت لي، مشيرةً إلى تفضيل الصين لـ "التدرج" أو نهج الإصلاح البطيء للصفقات التجارية.