+A
A-

بالفيديو: الحلقة الثانية من “وقفة” مع الكاتب والصحافي المعروف إبراهيم بشمي

البحرينيات‭ ‬دخلن‭ ‬التعليم‭ ‬مبكرا‭ ‬وبعضهن‭ ‬درسن‭ ‬بالخارج

استورد‭ ‬البحرينيون‭ ‬نواة‭ ‬الحركات‭ ‬السياسية

اعتنقت‭ ‬الفكر‭ ‬الناصري‭ ‬تأثرا‭ ‬بمجلات‭ ‬من‭ ‬مصر‭ ‬ولبنان

بعد‭ ‬هزيمة‭ ‬67‭ ‬ألغى‭ ‬أخي‭ ‬اشتراكاته‭ ‬بالمجلات‭ ‬المصرية‭ ‬لأنها‭ ‬مخادعة

أسمِّي‭ ‬القرن‭ ‬العشرين‭ ‬بسنوات‭ ‬التنوير‭ ‬في‭ ‬البحرين

ترجمة‭ ‬كتاب‭ ‬لينين‭ ‬وصلت‭ ‬للمنامة‭ ‬بعد‭ ‬القاهرة

هيئة‭ ‬الاتحاد‭ ‬الوطني‭ ‬أخطأت‭ ‬بعدم‭ ‬قبول‭ ‬مجلسي‭ ‬التعليم‭ ‬والصحة‭ ‬نصف‭ ‬المنتخبين

تخرجت‭ ‬من‭ ‬الثانوية‭ ‬العامة‭ ‬بالبحرين‭ ‬بنسبة‭ ‬80‭ % ‬وكنت‭ ‬الأول‭ ‬على‭ ‬الدفعة

لم‭ ‬أقبل‭ ‬بعثة‭ ‬دراسة‭ ‬الفقه‭ ‬في‭ ‬مكة‭ ‬وذهبت‭ ‬إلى‭ ‬مصر

في‭ ‬فترة‭ ‬الدراسة‭ ‬كنت‭ ‬منشغلا‭ ‬بالسياسة‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬الدراسة

عامل‭ ‬النظافة‭ ‬في‭ ‬فترة‭ ‬الدراسة‭ ‬بمصر‭ ‬هو‭ ‬المخبر‭ ‬عن‭ ‬أنشطة‭ ‬رابطة‭ ‬الطلبة

في الحلقة الثانية من برنامج وقفة يستكمل رئيس مجلس إدارة “البلاد” عبدالنبي الشعلة حديث الذكريات الدراسية مع الكاتب الصحافي المعروف إبراهيم بشمي ومشاهد من استكمال تحصيله الدراسي في القاهرة وتأثير التيارات السياسية على الطلبة بتلك الفترة.
وبثت الحلقة الأولى من أصل 3 حلقات في يوم الأحد الماضي. وتبث الحلقة الثانية اليوم الأربعاء. أما الحلقة الثالثة والأخيرة فستبث بيوم الأحد المقبل.
ويمكن مشاهدة التسجيل الكامل للحلقتين الأولى والثانية عبر قناة “البلاد” باليوتيوب والمنصات الرقمية. وفيما يأتي أبرز ما تضمنه حوار الحلقة الثانية:

 

تشكل‭ ‬الوعي‭ ‬

من‭ ‬المعروف‭ ‬أن‭ ‬بشمي‭ ‬له‭ ‬توجهات‭ ‬سياسية‭ ‬قومية‭ ‬ناصرية،‭ ‬كيف‭ ‬تشكل‭ ‬عندك‭ ‬هذا‭ ‬الاتجاه؟

تشكل‭ ‬الوعي‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬لدى‭ ‬الناس‭ ‬بفضل‭ ‬الدراسة‭ ‬والقراءة،‭ ‬فعندما‭ ‬نرجع‭ ‬لتاريخ‭ ‬التعليم‭ ‬نرى‭ ‬أن‭ ‬المرأة‭ ‬دخلت‭ ‬التعليم‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬انخرطت‭ ‬في‭ ‬سوق‭ ‬العمل‭ ‬بدليل‭ ‬اللاتي‭ ‬درسن‭ ‬في‭ ‬الخارج‭ ‬كـفاطمة‭ ‬الزياني‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬المجموعات‭ ‬التي‭ ‬ذهبت‭ ‬إلى‭ ‬بغداد‭ ‬ودمشق‭ ‬وكلهن‭ ‬من‭ ‬أسر‭ ‬ميسورة،‭ ‬لذلك‭ ‬كان‭ ‬الوعي‭ ‬هو‭ ‬المحرك‭ ‬الفعلي‭ ‬بفضل‭ ‬قراءة‭ ‬الصحف‭ ‬والمجلات‭ ‬والكتب‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬النقاشات‭ ‬مع‭ ‬الآخرين‭.‬

بعد‭ ‬سنة‭ ‬1956‭ ‬تشكلت‭ ‬نواة‭ ‬لحركات‭ ‬سياسية‭ ‬سرية‭ ‬منها‭ ‬الخلايا‭ ‬اليسارية‭ ‬الشيوعية‭ ‬والبعثية‭ ‬والقومية‭ ‬المستوردة‭ ‬من‭ ‬الخارج،‭ ‬حيث‭ ‬جاء‭ ‬البعثيون‭ ‬بتجربة‭ ‬سوريا‭ ‬ولبنان‭ ‬والعراق‭. ‬أما‭ ‬السلف،‭ ‬فجاءت‭ ‬من‭ ‬الكويت،‭ ‬والإخوان‭ ‬المسلمون‭ ‬كانت‭ ‬لهم‭ ‬علاقات‭ ‬مع‭ ‬مؤسس‭ ‬الجماعة‭ ‬الذي‭ ‬التقوه‭ ‬في‭ ‬الحج،‭ ‬وعلى‭ ‬ضوء‭ ‬ذلك‭ ‬نقلوا‭ ‬الفكر‭ ‬الإخواني‭ ‬إلى‭ ‬البحرين‭. ‬أما‭ ‬ولاية‭ ‬الفقيه،‭ ‬فجاءت‭ ‬من‭ ‬إيران،‭ ‬كما‭ ‬جاء‭ ‬اليسار‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬حزب‭ ‬توده‭ ‬في‭ ‬إيران‭.‬

 

الفكر‭ ‬الناصري

لماذا‭ ‬اعتنقت‭ ‬القومية‭ ‬الناصرية‭ ‬ولم‭ ‬تختر‭ ‬حزب‭ ‬البعث‭ ‬الذي‭ ‬يحمل‭ ‬شعار‭ ‬أمة‭ ‬عربية‭ ‬واحدة‭ ‬ذات‭ ‬رسالة‭ ‬خالدة؟

استلهمت‭ ‬ثقافتي‭ ‬من‭ ‬المجلات‭ ‬المصرية‭ ‬التي‭ ‬كان‭ ‬يقرأها‭ ‬أخي‭ ‬رحمه‭ ‬الله،‭ ‬والتي‭ ‬كانت‭ ‬تحمل‭ ‬الفكر‭ ‬الناصري،‭ ‬وكذلك‭ ‬المجلات‭ ‬التي‭ ‬تستورد‭ ‬من‭ ‬بيروت‭ ‬التي‭ ‬غلب‭ ‬عليها‭ ‬الفكر‭ ‬القومي‭ ‬الناصري‭ ‬حينها‭.‬

بعد‭ ‬هزيمة‭ ‬العرب‭ ‬في‭ ‬1967،‭ ‬ألغى‭ ‬أخي‭ ‬اشتراكاته‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬الصحف‭ ‬والمجلات‭ ‬المصرية‭ ‬التي‭ ‬خدعتنا‭ ‬طوال‭ ‬السنوات،‭ ‬وكانت‭ ‬مصر‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الفترة‭ ‬توفد‭ ‬المعلمين‭ ‬للبحرين‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬الكتب،‭ ‬والامتحانات‭ ‬الثانوية‭ ‬كانت‭ ‬تصحح‭ ‬في‭ ‬القاهرة‭ ‬ثم‭ ‬تعود‭ ‬للبحرين‭.‬

أما‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬الناعمة،‭ ‬فنجدها‭ ‬في‭ ‬الأفلام‭ ‬لأبرز‭ ‬النجوم‭ ‬أمثال‭ ‬فريد‭ ‬الأطرش‭ ‬وعبدالحليم‭ ‬حافظ‭ ‬وصولاً‭ ‬إلى‭ ‬المصريين‭ ‬أنفسهم‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬أسلوبهم‭ ‬ونكاتهم‭.‬

 

سنوات‭ ‬التنوير

خارطة‭ ‬الحراك‭ ‬الوطني‭ ‬بدأت‭ ‬في‭ ‬العشرينات،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬أبرز‭ ‬معالمها‭ ‬ظهرت‭ ‬مع‭ ‬تأسيس‭ ‬هيئة‭ ‬الاتحاد‭ ‬الوطني‭ ‬بداية‭ ‬الخمسينات،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬تسللت‭ ‬لها‭ ‬التأثرات‭ ‬الخارجية،‭ ‬كيف‭ ‬ترى‭ ‬ذلك؟

أنا‭ ‬أسمي‭ ‬القرن‭ ‬العشرين‭ ‬بالنسبة‭ ‬للبحرين‭ ‬بسنوات‭ ‬التنوير،‭ ‬حيث‭ ‬كان‭ ‬الناس‭ ‬يتتلمذون‭ ‬في‭ ‬الهند،‭ ‬وتوجه‭ ‬غيرهم‭ ‬للدراسة‭ ‬في‭ ‬الأزهر‭ ‬وبغداد‭ ‬لدراسة‭ ‬الفقه‭.‬

وكانت‭ ‬أول‭ ‬سينما‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬في‭ ‬القرن‭ ‬العشرين‭ ‬عبارة‭ ‬عن‭ ‬“عريش”‭ ‬و‭ ‬”خيشة”‭ ‬بيضاء‭ ‬وتقع‭ ‬في‭ ‬الجهة‭ ‬المقابلة‭ ‬للبحر‭.‬

ومن‭ ‬بين‭ ‬المكتبات‭ ‬التي‭ ‬رأت‭ ‬النور‭ ‬في‭ ‬بداية‭ ‬القرن‭ ‬العشرين‭ ‬مكتبة‭ ‬سلمان‭ ‬كمال‭ ‬التي‭ ‬تعتبر‭ ‬من‭ ‬المكتبات‭ ‬التجارية،‭ ‬خلافا‭ ‬لمكتبة‭ ‬محمد‭ ‬علي‭ ‬التاجر‭ ‬الخاصة،‭ ‬علاوة‭ ‬على‭ ‬مكتبة‭ ‬عبيد‭ ‬التي‭ ‬التي‭ ‬انتقلت‭ ‬إلى‭ ‬سوق‭ ‬باب‭ ‬البحرين‭ ‬من‭ ‬المحرق‭.‬

وكذلك‭ ‬الأندية‭ ‬مثل‭ ‬النادي‭ ‬الأهلي‭ ‬ونادي‭ ‬العروبة‭ ‬اللذين‭ ‬تشكلا‭ ‬في‭ ‬الثلاثينات،‭ ‬بينما‭ ‬النادي‭ ‬الأدبي‭ ‬بالمحرق‭ ‬تشكل‭ ‬سنة‭ ‬1920‭. ‬

أذكر‭ ‬أنني‭ ‬حصلت‭ ‬على‭ ‬كتاب‭ ‬يعود‭ ‬للعام‭ ‬1917‭ ‬بعنوان‭ ‬“الحرب‭ ‬العظمى”‭ ‬لكاتبه‭ ‬مؤسس‭ ‬الاتحاد‭ ‬السوفيتي‭ ‬فلاديمير‭ ‬لينين‭ ‬يروي‭ ‬تحولات‭ ‬الحرب‭ ‬حينها‭ ‬والذي‭ ‬ترجم‭ ‬من‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬للجماعات‭ ‬اليسارية‭ ‬حتى‭ ‬صار‭ ‬عنوانه‭ ‬“ما‭ ‬العمل؟”،‭ ‬ترجم‭ ‬الكتاب‭ ‬في‭ ‬1919‭ ‬باللغة‭ ‬الفرنسية،‭ ‬وفي‭ ‬1921‭ ‬ترجم‭ ‬إلى‭ ‬اللغة‭ ‬العربية‭ ‬في‭ ‬القاهرة،‭ ‬وفي‭ ‬1922‭ ‬وصل‭ ‬البحرين‭ ‬لدى‭ ‬“النادي‭ ‬الأدبي”،‭ ‬فكانت‭ ‬البحرين‭ ‬بعد‭ ‬موسكو‭ ‬وفرنسا‭ ‬ومصر‭.‬

 

إخفاق‭ ‬الهيئة‭ ‬

كانت‭ ‬تجربة‭ ‬الهيئة‭ ‬بحسها‭ ‬الوطنية‭ ‬ناحجة‭ ‬في‭ ‬بداياتها،‭ ‬برأيك‭ ‬ما‭ ‬سبب‭ ‬إخفاقها‭ ‬في‭ ‬1956؟

كانت‭ ‬الأحداث‭ ‬الكبيرة‭ ‬لديها‭ ‬سياقها‭ ‬الخاص‭ ‬وصارت‭ ‬تفلت‭ ‬من‭ ‬يدي‭ ‬القائمين‭ ‬عليها‭ ‬إما‭ ‬بسبب‭ ‬الحراك‭ ‬الدولي‭ ‬أو‭ ‬نموها‭ ‬الذاتي،‭ ‬ومن‭ ‬بين‭ ‬الأشياء‭ ‬التي‭ ‬مرت‭ ‬عليَّ‭ ‬عندما‭ ‬كانت‭ ‬مناقشات‭ ‬الحكومة‭ ‬وهيئة‭ ‬الاتحاد‭ ‬الوطني‭ ‬وقتها،‭ ‬وعرضت‭ ‬الحكومة‭ ‬أن‭ ‬تشكل‭ ‬مجلس‭ ‬للصحة‭ ‬ومجلس‭ ‬للمعارف‭ ‬يكون‭ ‬نصفه‭ ‬منتخبا‭ ‬والآخر‭ ‬معينا،‭ ‬كان‭ ‬رأي‭ ‬الهيئة‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬منتخبا‭ ‬بالكامل‭.‬

‭ ‬أرى‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬القضايا‭ ‬الكبرى‭ ‬يجب‭ ‬ألا‭ ‬تحسم‭ ‬بهذه‭ ‬الطريقة‭ ‬لوجود‭ ‬أطراف‭ ‬عدة‭ ‬في‭ ‬الساحة،‭ ‬فإذا‭ ‬ما‭ ‬تجاوزت‭ ‬الأمور‭ ‬الحد‭ ‬ستلقى‭ ‬رد‭ ‬فعل‭ ‬تمثل‭ ‬أحيانا‭ ‬أقوى‭ ‬منها‭.‬

أقوالي‭ ‬بهذا‭ ‬الشأن‭ ‬ليست‭ ‬نازلة‭ ‬من‭ ‬السماء‭ ‬بشكل‭ ‬مطلق،‭ ‬ولكن‭ ‬مما‭ ‬مر‭ ‬علي‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬يتفق‭ ‬معي،‭ ‬كان‭ ‬للعدوان‭ ‬الثلاثي‭ ‬على‭ ‬مصر‭ ‬آثار‭ ‬المشاعر‭ ‬عند‭ ‬كل‭ ‬المواطنين‭ ‬في‭ ‬البحرين،‭ ‬حيث‭ ‬حظي‭ ‬الرئيس‭ ‬جمال‭ ‬عبدالناصر‭ ‬باستقبال‭ ‬كبير‭ ‬وهو‭ ‬في‭ ‬طريقة‭ ‬إلى‭ ‬مؤتمر‭ ‬باندونغ،‭ ‬خلافا‭ ‬لاستقبال‭ ‬وزير‭ ‬خارجية‭ ‬بريطانيا‭ ‬سلوين‭ ‬لويد‭ ‬الذي‭ ‬استقبله‭ ‬البحرينيون‭ ‬بالحجارة‭. ‬

الأسباب‭ ‬الداخلية‭ ‬فلتت‭ ‬من‭ ‬اليد،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬سقوط‭ ‬آخر‭ ‬تجربة‭ ‬تنويرية‭ ‬سياسية‭ ‬في‭ ‬البحرين‭.‬

المدرسة‭ ‬القومية‭ ‬

حدثنا‭ ‬عن‭ ‬مشهد‭ ‬استكمال‭ ‬الدراسة‭ ‬بمصر‭ ‬وسط‭ ‬تجاذبات‭ ‬السياسة‭ ‬والأحداث‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الفترة؟

دخلت‭ ‬المدرسة‭ ‬القومية‭ ‬في‭ ‬“الزمالك”‭ ‬وتخرجت‭ ‬بمعدل‭ ‬62‭ % ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬المعدل‭ ‬منعني‭ ‬من‭ ‬دخول‭ ‬قسم‭ ‬العلوم‭ ‬السياسية‭ ‬والاقتصاد‭. ‬تزامنت‭ ‬تلك‭ ‬الفترة‭ ‬مع‭ ‬قيام‭ ‬صراع‭ ‬بين‭ ‬أجهزة‭ ‬المخابرات‭ ‬المصرية‭ ‬وحركة‭ ‬القوميين‭ ‬العرب‭ ‬مما‭ ‬انعكس‭ ‬عليَّ؛‭ ‬كوني‭ ‬قوميا،‭ ‬فاضطررت‭ ‬للعودة‭ ‬للبحرين‭ ‬وذلك‭ ‬في‭ ‬فبراير‭ ‬1967‭ ‬لأدرس‭ ‬الثانوية‭ ‬العامة‭ ‬مجددا،‭ ‬وتخرجت‭ ‬الأول‭ ‬على‭ ‬القسم‭ ‬الأدبي‭ ‬بمعدل‭ ‬80‭ %.‬

كان‭ ‬من‭ ‬المعتاد‭ ‬أن‭ ‬يتم‭ ‬اختيار‭ ‬5‭ ‬طلاب‭ ‬من‭ ‬القسم‭ ‬العلمي‭ ‬و5‭ ‬من‭ ‬القسم‭ ‬الأدبي؛‭ ‬لابتعاثهم‭ ‬للدراسة‭ ‬في‭ ‬الجامعة‭ ‬الأميركية‭ ‬في‭ ‬بيروت،‭ ‬وفي‭ ‬تلك‭ ‬السنة‭ ‬وقع‭ ‬الاختيار‭ ‬على‭ ‬30‭ ‬إلى‭ ‬50‭ ‬طالبا‭ ‬تقريباً؛‭ ‬لإجراء‭ ‬امتحانات‭ ‬وبشكل‭ ‬فجائي‭ ‬لهم‭ ‬دون‭ ‬توضيح‭ ‬آلية‭ ‬الإجابة‭ ‬عن‭ ‬الأسلوب‭ ‬الأميركي‭ ‬بالامتحان،‭ ‬وكانت‭ ‬النتيجة‭ ‬أن‭ ‬أحرزت‭ ‬280‭ ‬درجة‭ ‬من‭ ‬أصل‭ ‬350،‭ ‬وبذلك‭ ‬لم‭ ‬ابتعث‭ ‬للجامعة‭ ‬الأميركية‭.‬

عرضت‭ ‬عليَّ‭ ‬بعثة‭ ‬لدراسة‭ ‬الفقه‭ ‬في‭ ‬مكة‭ ‬المكرمة‭ ‬وبعد‭ ‬مشاورة‭ ‬والدتي‭ ‬توجهت‭ ‬للقاهرة‭ ‬مجددا‭ ‬ودرست‭ ‬على‭ ‬حسابي‭ ‬الخاص‭. ‬كنت‭ ‬متفائلاً‭ ‬بأني‭ ‬سأدرس‭ ‬العلوم‭ ‬السياسية‭ ‬والاقتصاد،‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬تم‭ ‬ضمي‭ ‬لكلية‭ ‬الآداب،‭ ‬فاستنجدت‭ ‬بمواطن‭ ‬له‭ ‬علاقة‭ ‬طيبة‭ ‬مع‭ ‬سكرتير‭ ‬الرئيس‭ ‬أنور‭ ‬السادات‭ ‬للتوسط‭ ‬لي،‭ ‬ولم‭ ‬أخرج‭ ‬بنتيجة،‭ ‬فكان‭ ‬علي‭ ‬الاختيار‭ ‬بين‭ ‬التاريخ‭ ‬والجغرافيا‭ ‬والأدب‭ ‬والصحافة،‭ ‬لذلك‭ ‬كانت‭ ‬الصحافة‭ ‬أقرب‭ ‬لي،‭ ‬وأذكر‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬الطلبة‭ ‬سلوى‭ ‬المؤيد‭ ‬وسامي‭ ‬المؤيد‭ ‬في‭ ‬ذات‭ ‬التخصص،‭ ‬وسبقتنا‭ ‬موزة‭ ‬الزايد‭ ‬بعام‭ ‬في‭ ‬قسم‭ ‬الصحافة‭. ‬

في‭ ‬فترة‭ ‬الدراسة‭ ‬كنت‭ ‬أعمل‭ ‬في‭ ‬السياسة‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬الدراسة،‭ ‬لذلك‭ ‬كنت‭ ‬أحصل‭ ‬على‭ ‬درجة‭ ‬المقبول،‭ ‬في‭ ‬السنة‭ ‬الثانية‭ ‬لم‭ ‬أحضر‭ ‬في‭ ‬الجامعة‭ ‬ولم‭ ‬أدرس،‭ ‬نصحني‭ ‬زميل‭ ‬اسمه‭ ‬محمد‭ ‬سيد‭ ‬أحمد،‭ ‬سوداني‭ ‬الجنسية،‭ ‬ودرست‭ ‬معه،‭ ‬وهي‭ ‬السنة‭ ‬الوحيدة‭ ‬التي‭ ‬حصلت‭ ‬على‭ ‬معدل‭ ‬“جيد“‭.‬

في‭ ‬عمر‭ ‬16‭ ‬عاما‭ ‬كنت‭ ‬أريد‭ ‬أن‭ ‬أغير‭ ‬العالم،‭ ‬فجرفتنا‭ ‬السياسة‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬الدراسة،‭ ‬سجلت‭ ‬وقتها‭ ‬في‭ ‬معهد‭ ‬مختص‭ ‬بالثقافة‭ ‬والفنون،‭ ‬إلا‭ ‬أنني‭ ‬لم‭ ‬أدرس‭ ‬فيه،‭ ‬وتوجهت‭ ‬لدراسة‭ ‬اللغة‭ ‬الفرنسية‭ ‬ولم‭ ‬التزم‭ ‬بالحضور‭ ‬فيها‭.‬

 

استقطاب‭ ‬التيارات

كيف‭ ‬يتم‭ ‬استقطاب‭ ‬الطلاب‭ ‬في‭ ‬القاهرة‭ ‬لتيارات‭ ‬السياسية؟

في‭ ‬القاهرة‭ ‬بشكل‭ ‬سنوي‭ ‬يلتحق‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الطلاب‭ ‬للجامعات‭ ‬المصرية،‭ ‬وفي‭ ‬هذه‭ ‬الأثناء‭ ‬القوى‭ ‬السياسية‭ ‬البحرينية‭ ‬تبدأ‭ ‬التحضير‭ ‬بحيث‭ ‬يتم‭ ‬إيفاد‭ ‬طلبة‭ ‬لاستقبال‭ ‬أشخاص‭ ‬من‭ ‬المطار‭ ‬والسكن‭ ‬معهم؛‭ ‬لكسبه‭ ‬وتوصيل‭ ‬رؤيته‭ ‬للطلاب‭ ‬لاستقطابه‭ ‬في‭ ‬التيارات‭ ‬السياسية‭.‬

 

رئاسة‭ ‬الرابطة‭ ‬

كنت‭ ‬رئيس‭ ‬رابطة‭ ‬طلبة‭ ‬البحرين‭ ‬في‭ ‬القاهرة؟‭ ‬هل‭ ‬كان‭ ‬فكرك‭ ‬السياسي‭ ‬وراء‭ ‬حصولك‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬المنصب؟

لم‭ ‬يكن‭ ‬لتوجهي‭ ‬السياسي‭ ‬علاقة‭ ‬بذلك،‭ ‬حيث‭ ‬كانت‭ ‬الانتخابات‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الطلبة،‭ ‬وكان‭ ‬عامل‭ ‬النظافة‭ ‬هو‭ ‬المخبر‭ ‬الذي‭ ‬ينقل‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬يحدث‭ ‬في‭ ‬الرابطة،‭ ‬وكانت‭ ‬تحضر‭ ‬الانتخابات‭ ‬وزارة‭ ‬الشؤون‭ ‬الاجتماعية‭.‬

أذكر‭ ‬أنه‭ ‬بعد‭ ‬النكسة‭ ‬في‭ ‬سنة‭ ‬1967‭ ‬كانت‭ ‬قيادة‭ ‬الطلاب‭ ‬القوميين‭ ‬من‭ ‬الجنسية‭ ‬اللبنانية،‭ ‬وطلب‭ ‬منا‭ ‬أن‭ ‬نحضر‭ ‬عند‭ ‬السادسة‭ ‬صباحا‭ ‬في‭ ‬ميدان‭ ‬التحرير،‭ ‬لنتفاجأ‭ ‬بأنه‭ ‬علينا‭ ‬الجري‭ ‬6‭ ‬ساعات‭ ‬متواصلة‭ ‬من‭ ‬ميدان‭ ‬التحرير‭ ‬حتى‭ ‬حلوان‭ ‬نحمل‭ ‬شعار‭ ‬“نحن‭ ‬الشباب‭ ‬لنا‭ ‬الغد‭ ‬ومجدنا‭ ‬المخلد“،‭ ‬وكانت‭ ‬محاولة‭ ‬للالتفاف‭ ‬على‭ ‬المطالب‭ ‬خلافا‭ ‬لحضور‭ ‬الاجتماعات‭ ‬وقراءة‭ ‬الكتب‭. ‬

 

‭ ‬مقاتلة‭ ‬الوحش

هل‭ ‬هناك‭ ‬تناقض‭ ‬بين‭ ‬شعارات‭ ‬القوميين‭ ‬حينها‭ ‬وموقفهم‭ ‬من‭ ‬انفصال‭ ‬دولة‭ ‬الوحدة‭ ‬بين‭ ‬مصر‭ ‬وسوريا؟

التطور‭ ‬السياسي‭ ‬الثقافي‭ ‬السوري‭ ‬هو‭ ‬من‭ ‬كسر‭ ‬ظهر‭ ‬البعثيين‭. ‬أذكر‭ ‬أنني‭ ‬حضرت‭ ‬مسرحية‭ ‬في‭ ‬القاهرة‭ ‬تدور‭ ‬أحداثها‭ ‬حول‭ ‬زمن‭ ‬الفراعنة،‭ ‬عندما‭ ‬كان‭ ‬اسم‭ ‬القاهرة‭ ‬“طيبة”،‭ ‬كان‭ ‬الأهالي‭ ‬يكفون‭ ‬شر‭ ‬الوحش‭ ‬بإعطائه‭ ‬بنتا‭ ‬سنويا‭ ‬ليبعدوه،‭ ‬حتى‭ ‬قرر‭ ‬بطل‭ ‬المسرحية‭ ‬مقاتلة‭ ‬الوحش‭ ‬وينتصر‭ ‬عليه،‭ ‬ثم‭ ‬تمر‭ ‬الأيام‭ ‬ليظهر‭ ‬وحش‭ ‬آخر‭ ‬ويستنجد‭ ‬الأهالي‭ ‬بالبطل‭ ‬مرة‭ ‬أخرى،‭ ‬وهي‭ ‬عقلية‭ ‬الخوف‭ ‬والضعف‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬سائدة‭ ‬حينها‭ ‬في‭ ‬البلدان‭ ‬العربية‭.‬