في مقالٍ رصين ولافت كتبه الدكتور محمد مبارك في جريدة “أخبار الخليج” تطَرّق فيه إلى أهمية أن يختار الأبناء تخصصاتهم الدراسية في المرحلة الجامعية، وأهمية أن يُعطى الأبناء الحرية في ذلك دون ممارسة الضغوط عليهم من الآباء. في حقيقة الأمر فإن الذي تطرق إليه الدكتور محمد صحيح وواقعي ويعكس حقيقة ما تعيشه بعض الأسر للأسف الشديد بحجة الحب والاهتمام؛ حيث يجد الأبناء أنفسهم في زاوية ضيقة في مسألة اختيار التخصص الجامعي المناسب لرغباتهم وميولهم وشغفهم، والذي تُبنى عليه المهنة المستقبلية، حيث يفرض الآباء آراءهم الخاصة وفق ما تمليه عليهم رؤيتهم هم، فيضطر الابن إلى الانسياق خلف هذه الرغبات الوالدية الضاغطة، إما بدافع الخوف أو الاحترام أو خشية الوقوع في العقوق، فيدرس ما لا يتوافق مع رغباته العلمية، ويلتحق بوظيفة لا تناسبه أيضا، وهو أمر له انعكاساته النفسية والاجتماعية بلا شك، يجد الابن نفسه كارها لما هو عليه، ويكون عطاؤه أقل من المطلوب منه.
حريٌ بالآباء في هذا الوقت بالتحديد من العام، حيثُ الأبناء على أبواب اختيار تخصصاتهم الجامعية أن يعيروا هذا الجانب بالغ الاهتمام، وأن يتركوا لأبنائهم مطلق الحرية في اختيار ما يشاؤون من التخصصات، وألا يمارسوا عليهم أي نوع من الوصاية تحت أية حجة، لا من باب الاحترام، ولا البر، ولا من باب “أنا أكثر فهما منك”، وجدير بهم أن يعودوا إلى مقال الدكتور محمد مبارك ويتفحصوا سطوره، ويعملوا بما فيه. إننا نحن الآباء لا نملك أن نقرر نيابة عن أبنائنا ما الذي ينبغي عليهم أن يتعلموه ويدرسوه في مرحلتهم الجامعية، ولا أن ندفعهم رغما عنهم في وظائف لا يرغبون فيها ولا تميل إليها أنفسهم، فيقضون سنوات من أعمارهم يسددون ضريبة تعسفنا، فدورنا الصحيح هو أن نكتفي بالنصح المدروس بعيدا عن أسلوب الضغط والإجبار تحت ذريعة “نحن أعرف بمصلحتهم، وأدرى بما يصلح لهم”.. النصح والتوجيه فقط هو دورنا، ومساعدة الابن في معرفة ما يميل إليه إذ قد يخفى عليه أحيانا، ومن المستحسن أن نرشدهم إلى الدورات المتخصصة في تحديد التخصصات الجامعية المناسبة لميولهم وما يرغبون، والتي يقدمها بعض المتخصصين في بلادنا، أو خارج البلاد في دورات عن بُعد. 
دعاؤنا الصادق لطلابنا وطالباتنا بالنجاح والتوفيق في اختيار تخصصاتهم المناسبة، وأن يكونوا عمادا قويا لهذا الوطن المعطاء وقيادته الرشيدة.