العدد 4991
الثلاثاء 14 يونيو 2022
banner
كل مرشح يصيح بـ“الزود عندي”
الثلاثاء 14 يونيو 2022

الأبطال في الحياة، وفي الروايات هم أولئك الناس الذين يحلمون بحياة أفضل، والمأساة التي تشكل صميم العمل الروائي هي عجزهم عن تحقيق ما يتطلعون إليه من تغيير في المجتمع والعلاقات، والأفكار والعواطف، إما لأسباب موضوعية تتعلق بالظروف المحيطة بهم، أو نتيجة عوامل الضعف الذاتية الكامنة فيهم، ففي هذا العجز تكمن المأساة، وفي هذا الصراع تتجسد البطولة التي يتسمون بها، إنهم يخوضون المعارك ضد العقبات الخارجية والذاتية حتى إن كان نصيبهم الفشل والإحباط.
أسوق تلك المقدمة بعد خروج عدد من المرشحين للمجلس النيابي والبلدي بأساليب دعائية بعيدة عن الواقع، حتى يخيل إلينا أنهم يكتبون رواية لاستكشاف الحركة الجدلية في المجتمع، تذكرنا بـ “هيراكليتس”، “وديموكريتس”، كل واحد بدأ يشحذ العواطف ويؤجج الحماس وهما عنصران أساسيان في حياة كل مرشح أو حتى مكتشف أو صاحب قضية، بيد أن الشيء الغائب هنا هو سلاح المعرفة والقواعد العامة وتجاهل هذا المجال تجاهلا تاما. بمعنى.. إطلاق الوعود والقدرة على كل شيء، والعلم بكل شيء، وكل ما على المواطن والناخب الانتظار والتأمل ومن ثم اكتشاف مستودع المفاجآت الكبيرة والإنجازات غير المسبوقة.
لقد أصبح الوضع أشبه بباعة يفترشون الأرض وكل واحد منهم يحاول الظهور بالشكل الأنيق ويصيح بـ “الزود عندي”، هذا لغاية الآن، والله وحده يعلم كيف ستكون الصورة في الأيام المقبلة، وما هي الوعود التي سيرسمها المرشحون والصيحات الرفيعة التي ستعلو في الخيام والمقار، سنكون بلا شك أمام مظاهر احتفال بالفوز بدون أية مسافات محسوبة، والصور تتدفق على عيني البطل “المرشح” الذي سيقول إنه سيفعل كذا وكذا، ووحده من يمتلك الرقم الرابح في الدائرة.
أخي المرشح.. أختي المرشحة.. هذا الموضوع جدير بمزيد من تسليط الأضواء على مغزاه وأهدافه النبيلة، لا توهمون الناس بأن بأيديكم علاج كل مشكلة ومن سبقكم كان عاجزا، فهذه قيم عتيقة وغير مجدية، وتذكروا أن ثقة الناخب نعمة حقيقية ولكنها نعمة صعبة وشاقة.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية